كـل يــوم

في انتظار «برواز» آخر معاملة ورقية!

سامي الريامي

تاريخ 12/‏‏‏12/‏‏‏2021، سيكون يوماً مميزاً وتاريخياً لحكومة دبي، ليس لكونه متشابه الأرقام، فهذا ليس إنجازاً، ولكن الإنجاز الحقيقي هو أن هذا التاريخ سيصادف اليوم الذي وضعه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، لحكومة دبي الذكية كي تنتقل نقلة نوعية في تقديم الخدمات كافة، وإنجاز كل المعاملات الداخلية والخارجية لجميع الدوائر والجهات في دبي دون أوراق!

هذه المرة لن تكون الصورة مشوّشة، ولن يتم دمج المعاملات الإلكترونية بالورقية، كما هو حاصل حالياً، كما لن تكون العملية مجرد شعارات تطلقها الدوائر، بل هي ممارسات فعلية حقيقية سيتم من خلالها إيقاف إصدار الأوراق بشكل كامل بين المتعاملين والجهات الحكومية من جهة، وبين الجهات والدوائر من جهة أخرى، بل في جميع الإجراءات الداخلية لجميع الدوائر.

سموه وضع هذا التحدي أمام المسؤولين في حكومة دبي الذكية، وقال لهم بالحرف الواحد: «سنحتفل سوياً في هذا التاريخ بآخر ورقة تصدُر من دوائر دبي، وسنحتفظ بهذه الورقة في (برواز) للتاريخ وللأجيال المقبلة التي لن تشاهد مثل هذه الأوراق بتاتاً»!

إنه تحدٍ جديد، وهو يشكل النموذج الأول من نوعه في عمل الحكومات عالمياً، وبالتأكيد لن نصل إلى نتيجة إيجابية متكاملة ما لم تتعاون الجهات الحكومية بشكل جدي كامل مع جهود حكومة دبي الذكية، فالمسألة ليست صلاحيات تحرص كل دائرة على الإبقاء عليها وعدم التنازل عنها، وهي ليست تنافساً ومحاولة للظهور والبروز والتفاخر، هناك هدف أسمى ومصلحة عليا هي سمعة ومكانة ومستقبل دبي كمدينة متطورة راقية في تقديم الأفضل في كل المجالات، وللوصول إلى هذا الهدف فلتنسَ كل دائرة مصلحتها الضيقة أياً كانت!

وللوصول إلى هذا الهدف في ذلك التاريخ المُحدد، أو حتى قبل ذلك التاريخ، وضعت حكومة دبي الذكية استراتيجية ثلاثية المحاور تتطلب تعاون الجميع: أولها ضرورة تلبية الاحتياجات التقنية، وثانيها سن التغييرات التشريعية اللازمة لتمكين المعاملات بلا أوراق في جميع المؤسسات، وثالثها - وهو الأهم - نشر ثقافة التغيير لتخطي العوائق الفكرية لدى الأفراد والمؤسسات لتعزيز اعتماد المعاملات والإجراءات دون أوراق، وهُنا يكمن التحدي الأكبر أمام مسؤولي حكومة دبي الذكية، فتغيير عقليات ونمط تفكير المجتمع من جهة، وموظفي الدوائر الأخرى من جهة أخرى، ليس بالأمر السهل إطلاقاً!

ما حدث في دبي من تطوّر يفوق الخيال، ومنذ انطلاقة الحكومة الإلكترونية إلى حين وصولنا إلى الحكومة الذكية، والتطوير للمراحل اللاحقة مستمر، والآن حان الوقت للنقلة الثالثة وهي الأهم، فالتطبيقات تملأ الهواتف الذكية، لكن سرعة الإنجاز دون الحاجة إلى مراجعة الجهات لاتزال تُشكل حجرة عثرة، لذلك فالخطوات المقبلة هي الكفيلة بتفتيت هذه الحجارة.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. 

تويتر