5 دقائق

شهادة حياتك

الدكتور علاء جراد

في محاضرة للعلامة الدكتور وسيم السيسي تحدّث فيها عن أهمية التعليم ودوره في نهضة الأمم، استعرض تجربة الهند وماليزيا، حيث رصد نهرو ومهاتير محمد ما يقارب الـ50% من ميزانية الدولة للتعليم، وعندما تم انتقاد ذلك بأن الهند دولة فقيرة، قال نهرو: «إننا دولة فقيرة فلابد أن نستثمر في التعليم»، وفي مدرسة في قرية نائية بماليزيا وقف مهاتير محمد ليقول للطلاب: «من هنا ستنطلق نهضة ماليزيا»، وقد كان، فقد أصبحت الهند من عمالقة الاقتصاد في العالم، وغزا أبناؤها جميع دول العالم واحتلوا أهم المناصب في مختلف المجالات، خصوصاً في تكنولوجيا المعلومات.

التعليم بكل معنى الكلمة هو قضية أمن قومي، بل هو قضية بقاء.

لقد قلب التعليم موازين العالم، فدولة مثل فيتنام تتفوق الآن على بريطانيا بثمانية عشر مركزاً، وكذلك الحال في كوريا الجنوبية وهونغ كونغ، والعديد من الدول التي لم يكن يتخيل أحد أن تنتفض من نكبتها، لقد ذكر الدكتور وسيم السيسي الكثير من الإحصاءات والأدلة التي تثبت العلاقة المباشرة بين الاستثمار في التعليم ومعدلات الدخل القومي، ليس فقط على مستوى الدول، ولكن على مستوى الأفراد، حيث يعتبر التعليم الميزة النسبية لنجاح الأفراد مالياً واجتماعياً، فقال إن شهادة ميلادك تذكر تاريخ ولادتك، أما شهادة تعليمك فتذكر تاريخ حياتك.

إن القضية ليست فقط في ضخ الأموال، ولكن أيضاً في إدخال منظومة وطنية تسهم في أن يلتحق الأفراد بالتخصصات التي تتناسب مع سمات شخصياتهم، حتى يبرعوا في ما يقومون به، لأن العاملين في غالبية أنحاء الوطن العربي لا يعملون في الوظائف التي يحبونها، بل إن الغالبية العظمى لا يعملون في وظائف تتعلق بما درسوه. إن التعليم بكل معنى الكلمة هو قضية أمن قومي، بل هو قضية بقاء، والتعليم مع التربية الصحيحة يكفيان للقضاء على الفقر والجوع والحروب والإرهاب وحالة الضياع وفقدان الهوية التي تواجهها معظم بلداننا العربية، فالتعليم سيساعد أبناء وطننا العربي على زراعة المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة في أرجاء الوطن، فدولة مثل السودان لديها الأراضي المستصلحة والمياه والثروة البشرية التي تكفي لسد الفجوة الغذائية، وكذلك مصر والجزائر، ولكن تظل حلقة التعليم الحلقة الأضعف في منظومة الاقتصاد.

لقد حثّنا المولى عز وجل على التعلم والتفكر والأخذ بالأسباب، فقال تعالى «قلْ هلْ يسْتوي الذين يعْلمون والذين لا يعْلمون» (الزمر،9) وقد سمَّى الله ذاتَه بالعليم، ووصفَ نفسَه بالعلم، فقال: «الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» (العلق 4-5)، وقال صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء».

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر