5 دقائق

طوق النجاة لجودة التعليم الطبي

الدكتور علاء جراد

هل يوجد أهم من حياة الإنسان وصحته؟ إن صحة الإنسان لها الأولوية على التعليم وعلى فرص العمل وكل الأولويات الأخرى، لأن الإنسان المريض لن يقوى على الإنتاج، ولن يستطيع أن يفكر جيداً، وقديماً قالوا «العقل السليم في الجسم السليم»، وحتى تكون هناك رعاية صحية جيدة ينبغي توفير الإمكانات المالية، والبشرية، والتكنولوجية. فالإمكانات المالية مطلوبة، ومتى توافرت يسهل الاستفادة منها، كما أن الإمكانات التكنولوجية يسهل الحصول عليها متى توافرت الموارد اللازمة، لذلك يبقى الضلع الأهم في هذا المثلث، وهو القوى البشرية، حيث إنها الضلع الأهم والأصعب، فالتعليم الأكاديمي وحده لا يكفي لتخريج أطباء، وممرضين، وفنيي مختبرات وأشعة ومهن مساعدة ناجحين، بل هي عملية مستمرة طوال الحياة الوظيفية للعاملين في الحقل الطبي.

هناك كثير من الدول التي تستثمر في المباني والمعدات والتكنولوجيا، لكن يبقى العنصر البشري مفقوداً، حيث تكثر الأخطاء الطبية بسبب عدم كفاءة الأطباء والفنيين والطاقم التمريضي.

هناك الكثير من الدول التي تستثمر في المباني والمعدات والتكنولوجيا، ولكن يبقى العنصر البشري مفقوداً، حيث تكثر الأخطاء الطبية بسبب عدم كفاءة الأطباء والفنيين والطاقم التمريضي. ونظراً إلى أن تأهيل العاملين في مجال الرعاية الصحية يحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والمثابرة، فلابد من وجود معايير واضحة ومعتمدة دولياً حتى يتم غلق تلك الفجوة القائمة بالفعل، وتقريباً في كل دولنا العربية، فهل هناك حل؟ إذا نظرنا حالياً إلى كيفية مراقبة الجودة في الكليات الطبية ومعاهد التدريب، فجميعها تقريباً تعتمد معايير الاعتماد الأكاديمي المفروضة من وزارات التعليم العالي والبحث العلمي، ولكن تلك المعايير عامة وشاملة وتُستخدم في كل التخصصات، أي أن المعايير التي يتم تقييم كليات إدارة الأعمال على أساسها هي نفسها المعايير المستخدمة لتقييم كليات الطب والتمريض والعلاج الطبيعي وطب الأسنان والطب النووي.. الخ، فهل يكفي ذلك؟

من وجهة نظري أن هناك حاجة إلى معايير فنية تخصصية للجودة في المجال الأكاديمي الطبي والمهن ذات الصلة، وقد قمت بالبحث ووجدت أن هناك بالفعل معايير متاحة للاستخدام أصدرها الاتحاد العالمي للتعليم الطبي، وهو جهة غير ربحية تتبع منظمة الصحة العالمية. وتنقسم تلك المعايير إلى ثلاث مواصفات تعنى بالتعليم الجامعي في مرحلة البكالوريوس BME، ثم مواصفة تعنى بالدراسات العليا PGME، ومواصفة تعنى بالتدريب والتعليم المستمر CPD، وقد وجدت أن دولتين فقط من الدول العربية هما اللتان تقدمت للحصول على موافقة باستخدام تلك المعايير (مصر والسودان). لقد اطلعت على المواصفات الثلاث، وخلصت إلى أن تطبيق تلك المواصفات في مؤسسات التعليم الطبي سيؤدي بالفعل إلى نقلة نوعية في كفاءة وجودة الخريجين، وأتمنى أن تتجه الجهات المعنية إلى تبنّي تلك المواصفات، خصوصاً أنها صادرة عن مؤسسة دولية مرموقة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر