5 دقائق

هوس تنظيف الطاولات

عبدالله القمزي

هوس تنظيف الطاولات هو عادة موجودة في بلادنا ومنتشرة بين نادلي المطاعم أو المقاهي، العادة تحولت عند الكثيرين منهم إلى ما يشبه المرض. فتجد النادل واقفاً بالقرب منك يراقبك بعين الصقر وأحياناً يحوم حولك كأن لا يوجد أحد آخر في المحل. وبمجرد أن تشرب ثلاثة أرباع الكوب تجده منقضاً يخطفه من أمامك وينظف الطاولة ثم يسألك: هل تريد شيئا آخر؟!

أحياناً تكون محظوظاً عندما يسألك النادل/‏‏النادلة بأدب: هل انتهيت من قهوتك؟ شخصياً أعاني كثيراً من هذه المشكلة التي لا أجدها في أوروبا نهائياً، إليكم بعض المواقف التي تعرضت لها:

الموقف 1: كنت أتناول طعام الإفطار في أحد المقاهي (كوفي شوب)، والوجبة تتضمن سلطة على جانب الصحن، وبينما كنت آخذ استراحة قبل تناول السلطة، فوجئت بالنادلة تأخذ الصحن من أمامي وتمضي إلى المطبخ!

الموقف 2: كنت في المطعم نفسه وقد انتهيت من تناول وجبتي لكن مع أخذ التدابير الاحتياطية بحراسة الصحن، إلا أن النادلة كانت أذكى إذ باغتتني بخطف كوب القهوة والإبريق الذي كان مازال فيه المزيد، فاضطررت لتنبيهها لإعادته إلى طاولتي، وكم كان ذلك شعوراً مزعجاً.

• الثقافة في أوروبا تختلف عن ثقافتنا في المقاهي.

الموقف 3: كنت أجلس مع صديق في أحد المراكز التجارية وطلبت عصير برتقال وشربت ربعه فقط، قبل أن تأتيني مكالمة هاتفية اضطررت على إثرها لأن أبتعد قليلاً والتحدث خارج المحل، ومن بعيد لمحت النادل يأخذ عصيري فشعرت بالغضب وعدت أدراجي، واضطررت لمطاردته بين الطاولات حتى وصلت إليه وأخبرته أني لم أنتهِ بعد منه!

الموقف 4: هذا الموقف الأغرب، إذ كنت جالساً مع أصدقاء في مطعم، وكان النادل قد وضع الصحون وكؤوساً على الطاولة وصبّ في كل كأس قليلاً من الماء، ثم ابتعد خطوتين قبل أن يعود ليحرك شوكتي قليلاً إلى اليمين وابتعد! ثم عاد وحرك كأس صديقي الجالس أمامي ليقربه منه أكثر! ثم ابتعد وعاد ليعيد ترتيب الشوكة والسكين الخاصة بصاحبنا الثالث، ثم تركهما وعاد إليّ وحرك صحني قليلاً جهتي، ثم حرك صحن المقبلات ووضعه في المنتصف قبل أن يغير رأيه ويقربه أكثر من الشخص الذي يأكل منه أكثر من غيره، ثم تركه ودفع بالمنديل الذي أمامي قليلاً جهة اليمين.

ثم ابتعد وعاد من جديد ليعيد صب الماء في الكؤوس التي لم تشرب بعد، وهنا قلت له: هل تعد طاولة طعام أم ترسم لوحة فنية! لسنا بحاجة إلى كل هذا الترتيب لأنه بمجرد وصول الطعام ستسود الفوضى على الطاولة! لا تتعب نفسك.

الموقف 5: في وظيفة سابقة، كان «الأوفيس بوي» لديه هذه العادة السيئة يحضر القهوة و«يقف على رأسي» لحين انتهائي منها، في إحدى المرات وقف ينتظرني وأنا أشرب! فهززت رأسي له إشارة لإمكانية المغادرة، ففهمها خطأ وأخذ يهز رأسه لي إشارة للتقدير! وظللنا هكذا نهز رأسينا لبعضنا بعضاً حتى انتهيت من القهوة دون أن يفهم قصدي!

مسك الختام: الثقافة في أوروبا تختلف عن ثقافتنا في المقاهي. هناك لا ينظف النادل طاولتك أبداً ما دمت جالساً، إذ إن تنظيفها يعتبر قلة ذوق لأنه سيعكس أن الزبون جالس دون أن يطلب شيئاً. لكن عندنا فحدث ولا حرج.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر