تطوير الأجهزة الأربعة..

سامي الريامي

قبل أسابيع عدّة ضجّ العالم بأسره، وانقلب رأساً على عقب، وأُعلنت حالات الطوارئ في كثير من المدن الرئيسة، وتشكلت لجان في كل دول العالم لمجابهة ما عُرف حينها بمشكلة «علّة القرن». لقد توقّع العالم أن تتوقف كل أجهزة الكمبيوتر، وتسقط الطائرات، وتنطلق الصواريخ النووية لا إرادياً، وتسقط بعض الأقمار الاصطناعية، وبالغوا في ذلك للحد الذي جعل دول العالم تصرف مليارات الدولارات لحل هذه المشكلة التي ما هي، باختصار، سوى تحوّل التاريخ في أجهزة الحاسب الآلي من الأرقام إلى الأصفار، وتحديداً من عام 1999 إلى عام 2000!

عفواً لقد أخطأت في المقدّمة، فالقصة لم تكن قبل أسابيع عدة، بل هي قبل أشهر عدة، أو ربما سنوات عدة، لا بل هي عقد من الزمان، 10 سنوات كاملة مرت على «علة القرن» التي كانت الأشهر من نوعها مع دخول العالم عام ،2000 وجميعنا يتذكر تفاصيلها كاملة، والآن وفي أقل من غمضة عين، مضى على تلك الواقعة 10 سنوات!

سنوات توالت ومرت بأسرع من البرق، وهكذا هي الحال في ذلك العمر الذي يمضي بسرعة شديدة، صحيح أن الطائرات لم تسقط في عام ،2000 ولكن 10 سنوات كاملة سقطت من حياتنا أسرع من أي طائرة!

لن نلتفت إلى الماضي، فإننا لا نملك في تغييره شيئاً، وعلينا أن نعمل من أجل مستقبل أفضل، فالمستقبل مازال في أيدينا نستطيع أن نجعله متميزاً وناجحاً، ونستطيع أيضاً عكس ذلك، نستطيع أن نتحول فقط إلى مراقبين ننظر في كيفية تواتر الأيام وانقضاء الأشهر والسنين، ونحن فقط من نستطيع الاختيار!

2009 انتهى ومرّ بكل سلبياته وإيجابياته، تضررنا منه كثيراً، لكننا أيضاً استفدنا منه الكثير، واجهنا تحديات صعبة، نجحنا في بعضها، وقاومنا الآخر، ومواجهة التحديات هي ميزة الشجعان والأقوياء، مهما كانت الظروف التي تحيط بهم صعبة وقاسية، كانوا هم أشد صلابة وهمّة لمواجهتها.

أحداث عدة مرت، لكن تبقى تداعيات الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، وعصفت بنا معه، هي الأبرز والأكثر وضوحاً في الصورة «البانورامية» الشاملة للعام الماضي، ولكن ومع ذلك فنحن لن نتذكر الأزمة بقدر ما سنتذكر قوة اقتصاد الإمارات الذي أخرس الألسن، وتحدى الصعوبات، سيتذكر أهل الإمارات دائماً حكمة قائد المسيرة، وذكاءه الشديد في التعامل مع الأزمة، فنحن لن ننسى أن خليفة بن زايد لقّن العالم درساً، في معنى دولة الإمارات العربية المتحدة، ومتانة الروابط والعلاقات الوثيقة التي تربط بين حكامها وشعبها، وعلّم أهل السياسة والدبلوماسية معنى الاقتصاد الواحد والمصير الواحد والدولة الواحدة.

هذا ما سيدفع التفاؤل ليتسيّد العام الجديد، فكلنا أمل وثقة في بدء الانتعاش والتعافي من هذه الأزمة، وكلنا أمل في العام الجديد أن تواصل دولة الإمارات العربية تقدمها وازدهارها وتطورها، نتمنى أن ينصلح حال «التعليم»، وتبدأ «الصحة» عمليات التطوير الملموسة، ونتمنى أن يواكب التطور العمراني، تطور آخر على مستوى القضاء وحرية الصحافة.

إذا استمر العمل في تطوير هذه الأجهزة الأربعة، فإن جميع الأجهزة الأخرى ستتطور تلقائياً وبسرعة شديدة، وجميع القطاعات الأخرى ستتأثر إيجاباً بتطوّر تلك الأجهزة الأربعة التي تعد معايير التقدم والإنجاز في جميع الدول الكبرى.

reyami@emaratalyoum.com

تويتر