توصية باستحداث مقرر دراسي لتوعية الأطفال بمخاطر التقنيات الحديثة

دعا المشاركون في ختام ملتقى «تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي»، أمس في أبوظبي، المؤسسات العلمية والتربوية إلى تبني مقرر دراسي يتم تدريسه في مراحل التعليم الأساسي لتوعية الأطفال بمخاطر الاستخدام السلبي للتقنيات الحديثة، ومطالبة المؤسسات الحقوقية بتعقب كل مظاهر الاستخدامات السلبية للتقنيات الحديثة وتأثيراتها الضارة في الأطفال، والكشف عنها وملاحقتها قانونياً وقضائياُ، فضلاً عن عقد مؤتمر سنوي يناقش بشكل دوري الجديد في هذه القضية وغيرها من القضايا الأخرى التي تتعلق بأمن المجتمعات واستقرارها وما تم تحقيقه من انجازات في هذا الجانب وما يطرأ من تحديات، بما يسهم في تنمية الوعي المجتمعي بهذه القضايا.

وجرى المصادقة على «بيان أبوظبي» في واحة الكرامة، بحضور قادة وممثلين الأديان على مستوى العالم، الذين حضروا إلى أبوظبي إعلاءً لقيم الإنسانية وفي سبيل الحفاظ على الطفل وبناء وتعزيز شخصيته، والتأكيد على التزامهم تجاه تقديم كل ما في وسعهم للتأثير في المجتمعات سواء الدينية أو غيرها، وبشكل مشترك، في سبيل تحقيق كرامة الأطفال وحمايتهم في العالم الرقمي.

وحظي الملتقى بدعم من الأزهر الشريف، فيما ينطلق بالشراكة مع عدد من المؤسسات والهيئات والمنظمات الدينية العالمية، من بينها «تحالف كرامة الطفل»، ومنظمة «أرغيتو» الدولية غير الحكومية، والشبكة العالمية للأديان من أجل الطفل، ومبادرتا «نحن نحمي» و«إنهاء العنف ضد الأطفال»، ومنظمة «يونيسف»، و«الأديان من أجل السلام»، والجامعة البابوية الجريجورية، وجامعة الأزهر، ومنظمة «ورلد فيجين» الدولية، و«شانتي آشرام»، وبعثة العدالة الدولية.

وجاء في نص بيان أبوظبي: «في ظل الإيمان الراسخ بأهمية المحافظة على الكرامة المتأصلة لدى جميع الأطفال، تعهدت القيادات الدينية والإيمانية على مستوى العالم والمشاركون في الملتقى بالتوحد من أجل وقاية الأطفال من التعرض للإساءة، والإسهام بشكل بناء في العمل على تطوير قدرات وإمكانات أطفال العالم بدنياً، واجتماعياً، ونفسياً، وروحانياً، والدعوة إلى مفهوم عالمي مفاده أن التطور في أي مجال، لا يبرر أي شكل أو نوع من الإساءة للطفل، وأنه يجب مراعاة ذلك في المجالات كافة».

وأكد البيان أن البشر يولدون وهم يتمتعون بالحق في حياة كريمة لينموا ويزدهروا في بيئة مستقرة ومجتمع آمن يحترمهم ويعلي مكانتهم، فالطفل يمثل اللبنة الأساسية لبناء واستقرار المجتمعات، وسر نهضتها، وازدهارها، وتقدمها.

ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على كرامة الأطفال يمكن أن يلعب دوراً محورياً في تعزيز تقدم ونهضة مجتمعاتنا والعالم الذي نعيشه، وهو أمر تكفله كل الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والعادات والتقاليد والأعراف الإنسانية التي أكدت جميعها على حق الطفل في عيش حياة آمنة وكريمة.

وأشار البيان إلى أنه في الوقت الذي تمكن فيه الجيل الناشئ في عصرنا هذا من تسخير التكنولوجيات المتطورة، بات الأطفال اليوم يمثلون أكثر من ربع مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم بإجمالي ثلاثة مليارات نسمة، فإننا نجد أن الملايين من هؤلاء الأطفال يتعرضون للإساءة والاستغلال في العالم الرقمي من خلال الاستخدام السلبي لبعض الابتكارات التكنولوجية الحديثة، التي أصبحت في كثير من الأحيان مصدراً رئيساً للاستغلال الجنسي للطفل، والمتاجرة بطفولتهم البريئة وفي الإعلانات والمـواد الإباحيَّة، وارتكاب الجرائم الإلكترونية، وتجنيد الجماعات الإرهابية للأطفال والمراهقين عبر شبكة الإنترنت.

وأكد البيان أنه لمواجهة هذا التحدي المعاصر، فإنه يتوجب على الجميع العمل سوياً وبشكل مشترك مع القيادات الدينية كافة، لوضع الحلول الفاعلة لهذه المشكلات وتفادي تلك المخاطر التي تستهدف الأطفال بما قد يؤثر في أمن واستقرار مجتمعاتنا، وذلك انطلاقاً من الإيمان بأن حماية كرامة الأطفال هو أمر يسعى الجميع إلى تحقيقه وتوحيد الجهود والرؤى للوصول إليه على اختلاف المشارب والانتماءات الخاصة، وأنه هنالك اليوم ما نحتاجه من الفرص، والوعي، والحكمة، والابتكار، والأدوات التكنولوجية، لتحقيق هذا الواجب الديني والأخلاقي والإنساني.

إلى ذلك، تعهد المشاركون بتعزيز قيمة الحوار، من خلال دور العبادة للتأكيد على دور قادة المجتمعات في تعزيز أمن مجتمعاتهم وضمان كرامة الأطفال وحمايتهم خصوصاً في العالم الرقمي، وبناء الشراكات الفاعلة بين القيادات الدينية والإيمانية بمختلف مستوياتها بهدف معالجة تأثيرات الإساءة للطفل واستغلاله في العالم الرقمي، والعمل على إلهام القيادات الدينية والإيمانية بجميع مستوياتها ولجميع الأديان لتوحيد جهودهم الروحانية والعملية والتعليمية للتعامل بشكل متكامل مع كيفية الاستجابة لحالات إساءة معاملة الأطفال وكيفية تقديم يد العون للضحايا وعائلاتهم.

بالإضافة إلى ذلك، تعهد المشاركون بإطلاق الحملات والبرامج التوعوية للتأكيد على ضرورة مراعاة حق الأطفال في العيش بكرامة إنسانية وعدم تأثر ذلك بالتطورات التقنية والتكنولوجية، على أن تكون هذه الحملات بمشاركة القيادات الدينية والإيمانية والروحية والتي لها تأثيرها في المجتمع، وإعلان عام 2019 عام «كرامة الطفل وحمايته من المخاطر الناجمة عن العالم الرقمي» بهدف إلقاء الضوء على هذه القضية الخطيرة والمهمة.

وشارك في الملتقى نحو 450 من قادة الأديان بهدف إثراء الحوار ومواجهة ومناقشة التحديات الاجتماعية الخطيرة، إضافة إلى تعزيز جهود قادة الأديان والعمل على الخروج بأفكار موحدة لتعزيز حماية المجتمعات خصوصاً النشء من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.

وشهدت فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر جلسات متزامنة سعت إلى إيجاد حلول وآليات مشتركة ضمن ثلاثة مجالات، هي الحماية والاستجابة والشراكات الفاعلة، وذلك بحضور واسع من قادة الأديان والمتخصصين وعدد كبير من الحضور.

 

تويتر