نظمته القمة العالمية للحكومات ضمن مبادرة «الحكومات وكوفيد-19» بحضور أكثر من 20 ألف مشارك

«الصحة الرقمي» يؤكد أولوية العمل الجماعي العالمي لمواجهة «كورونا»

صورة

أكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات محمد عبدالله القرقاوي، أن تعزيز التعاون العالمي وتطوير فرص الشراكات العالمية في صناعة المستقبل يمثل رسالة للقمة العالمية للحكومات، الهادفة لتجسيد توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في توفير منصة عالمية للحوار وتبادل الخبرات والتجارب وتوظيفها في خدمة البشرية، ولصناعة مستقبل أفضل للأجيال.

وقال بمناسبة تنظيم القمة العالمية للحكومات منتدى الصحة الرقمي، إن التحديات التي يمر بها العالم نتيجة لانعكاس تفشي فيروس «كورونا» المستجد على مجالات النشاط الإنساني، وقطاعات العمل الحكومي، تتطلب تطوير رؤية استشرافية للمستقبل تستفيد من دروس المرحلة في استباق المتغيرات.

وأضاف أن القمة العالمية للحكومات تعمل بالشراكة مع الحكومات والمنظمات العالمية والخبراء وصناع القرار حول العالم لتوحيد الرؤى حول مستقبل القطاعات الحيوية، وتطوير الأدوات الكفيلة بضمان جاهزية الحكومات للمتغيرات وتعزيز مرونتها وقدرتها على ضمان مستقبل أفضل لمجتمعاتها.

وافتتحت أعمال منتدى الصحة الرقمي الذي نظمته القمة العالمية للحكومات عن بعد، بكلمة رئيسة لمدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسيوس، فيما حضره أكثر من 20 ألف من الوزراء والمسؤولين في المنظمات الدولية وشركات القطاع الخاص، والخبراء والمتخصصين في الإمارات والعالم.

وهدف المنتدى إلى تحليل المسار العالمي المتوقع لجائحة «كوفيد-19» واستشراف مستقبل العمل الحكومي حول العالم في قطاع الرعاية الصحية والبحوث الطبية والدوائية، وبحث آليات تضافر الجهود العالمية لتنسيق آليات مكافحة الأمراض والأوبئة وتعزيز مرونة أنظمة الرعاية الصحية مستقبلاً.

وشدد مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسيوس على أهمية الجاهزية والاستعداد ومشاركة الخبرات والكوادر والمعلومات والبيانات للتغلب على الوباء والحد من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً أن المنظمة تعمل ليل نهار منذ تسجيل أول حالة موثقة في الصين في 31 ديسمبر الماضي لتنسيق الاستجابة العالمية، وتفعيل الأبحاث، وتقديم الدعم المباشر للدول الأكثر حاجة.

وقال: «لا يمكن لأي دولة مكافحة هذا الوباء وحدها، بعملنا معاً سنكون قادرين على تخطي هذا التهديد العالمي، التهديد الذي نواجهه الآن ليس الفيروس بل ضعف التضامن العالمي، لا يمكننا هزيمة هذا الوباء بعالم منقسم، ويجب علينا العمل معاً لضمان فهم دروس هذا الوباء حتى لا يجد العالم نفسه في حالة من عدم الاستعداد ثانيةً».

وحدد سبع أولويات رئيسة للعمل العالمي من أجل مكافحة الأوبئة حاضراً ومستقبلاً، تشمل: توفير التمويل، وتشارك البيانات والخبرات والموارد، وتوفير مخزون عالمي للإمدادات الطبية والصحية في زمن الأزمات والطوارئ، وتعزيز الاستثمار في الكوادر الصحية والطبية المؤهلة للتصدي للأوبئة، واتباع نهج منظم لتنسيق جهود وأبحاث التوصل إلى اللقاحات، والتركيز على توفير الرعاية الصحية للجميع، وأخيراً تعزيز الوحدة الداخلية والتضامن العالمي في مواجهة الأوبئة.

وقال غبريسيوس: «أطلقنا الإنذار مبكراً وأعلنا حالة طوارئ عالمية في يناير، ونعمل مع الدول على تحقيق نهج عمل شامل، مع استدامة الخدمات الصحية الأساسية، كما كلفنا آلاف الخبراء بالعمل على تحليل الدلائل والمعطيات المتعلقة بالوباء، في محاولة لإيجاد الإجابات حول أكثر العلاجات فاعلية».

وأضاف: «دربنا ملايين كوادر الدعم والرعاية الصحية حول العالم من خلال منصاتنا الرقمية، وعززنا التعاون الدولي لتسريع إنتاج وتوزيع أجهزة تشخيص كوفيد-19».

واستذكر مدير عام منظمة الصحة العالمية التحذير الذي أطلقه من منبر «القمة العالمية للحكومات» عام 2018، بأن البشرية لا تعرف متى وأين سيضرب الوباء التالي، لكنها تعرف عواقبه الوخيمة على الصحة والاقتصاد العالميين، ما قد يشكل حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

وقال إن الأوبئة المدمرة قد تنشأ في أي بلد وفي أي وقت لتقتل ملايين البشر لأننا لسنا على الاستعداد والجاهزية اللازمة حتى الآن، وهذا ما أكده تفشي كوفيد-19، لافتاً إلى تسارع كبير في تفشي الجائحة، إذ سجلت المنظمة أكثر من 8.8 ملايين حالة كوفيد-19 حتى الآن، وأكثر من 460 ألف شخص فقدوا حياتهم، فيما تظهر البيانات أن تسجيل أول مليون إصابة بالفيروس استغرق ثلاثة أشهر، فيما تم تسجيل آخر مليون إصابة في 8 أيام فقط.

وأكد غبريسيوس أن الجاهزية في القطاع الصحي ليست استثماراً منقطعاً بل مستمراً ومستداماً، لافتاً إلى أن هذا الوباء ذكّر صناع القرارات والسياسات بأن الاستعداد للحالات الطارئة ليس مجرد نفقات وتكاليف بل استثمار مستدام للمستقبل.

ودعا مدير عام منظمة الصحة العالمية إلى تضافر الجهود العالمية سريعاً، مؤكداً أن المنظمة تعمل على مدار الساعة مع مختلف الهيئات الحكومية والمؤسسات الصحية لتحليل الوضع الحالي ونشر التوعية الصحية والإرشادات التوجيهية، وتتشارك مع مختلف دول العالم الجهود لإيجاد منظومة متكاملة تسهم في تسريع إيجاد العلاجات واللقاحات، مشدداً على أن النظم الصحية المتينة هي أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وقال وزير الدولة للذكاء الاصطناعي مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات عمر سلطان العلماء، إن منتدى الصحة الرقمي يهدف إلى تسليط الضوء على جهود العالم في مواجهة تحديات تفشي فيروس كورونا، وبحث سبل تعزيز الجاهزية العالمية للمرحلة المقبلة من خلال خطط وبرامج مستقبلية، مشيراً إلى أنه لا توجد أي دولة في العالم بمعزل عن التحديات الصحية التي تسبب فيها الفيروس العابر للحدود ما يتطلب تعزيز التعاون العالمي، لضمان الجاهزية والاستعداد لكل أنواع التحديات الطارئة.

وشهد منتدى الصحة الرقمي الذي تنظمه القمة العالمية للحكومات تنظيم جلستين رئيستين: الأولى بعنوان «كيف ستغير جائحة كوفيد-19 مستقبل قطاع الصحة عالمياً؟»، تحدث فيها وزير الصحة ووقاية المجتمع عبدالرحمن العويس، ووزيرة الصحة والشؤون الاجتماعية في السويد لينا هالينغرين، ووزير الصحة في النرويج بينت هوي.

واستعرض الوزراء خلال الجلسة الحوارية الافتراضية عدداً من التجارب العالمية في إدارة أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وتشاركوا الرؤى والأفكار للارتقاء بقطاع الرعاية الصحية في مرحلة ما بعد الوباء.

وقال العويس إن الإمارات في ظل احتضانها أكثر من 200 جنسية حرصت على توفير خدمات الفحص لكل سكان الدولة، حيث شكل هذا التنوع في الجنسيات فرصة فريدة للتعلم وإثراء تجربة الدولة في التعامل مع الوضع الوبائي، ما جعل استجابتها للوباء أكثر فاعلية وقوة، حيث ركزت استراتيجيتنا الوطنية في التعامل مع الوباء على الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة وتبادل المعرفة بين الكفاءات والكوادر الطبية المختلفة وتشجيع الحوار الحضاري بينها.

أما الجلسة الثانية بعنوان «الوضع العالمي لجائحة كوفيد-19» فتحدث فيها المبعوث الخاص لمنظمة الصحة العالمية بشأن «كوفيد-19» الدكتور ديفيد نابارو عن مستجدات الفيروس وسبل مواجهته.

وأكد نابارو أن الطريق لايزال طويلاً أمام العالم للتعامل مع جائحة فيروس كورونا الخطيرة، ما يحتّم التكيف مع الواقع الجديد، وتطرق إلى الركائز الثلاث لأزمة كوفيد-19: الناس والأماكن والصحة العامة.

وقال: «أولاً علينا جميعاً تغيير سلوكنا للتعايش مع هذا الفيروس كتهديد مستمر، وإذا لم نفعل ذلك فسيهزمنا الفيروس، وسنتحمل نحن كبشر المسؤولية، أود أن يُأخذ ذلك على محمل الجد، وأعتقد أننا نحتاج إلى مساعدة بعضنا بعضاً لفهم الفيروس والعمل حسب مسؤولياتنا المشتركة».

وأضاف: «ثانياً يتعلق الأمر بالأماكن: الأماكن التي نعمل ونعيش فيها. هل نؤكد على أمان أماكننا قدر الإمكان؟ وحين نتواجد في الأماكن العامة، علينا حماية أنفسنا والآخرين عن طريق التباعد الجسدي وارتداء الكمامات، وهذه أمور اعتدنا عليها فعلاً، لكن الصعوبة تتمثل في عدم قدرتنا على إدارة الأماكن المكتظة».

وتابع نابارو: «ثالثاً يتعلق الأمر بالصحة العامة والاستثمار الفعلي فيها. تجاهلت بعض البلدان الصحة العامة أخيراً، ووضعت أموالاً كثيرة في المستشفيات، لكنني أعتقد أن الصحة العامة مهمة فعلاً، وسررت بتركيز جميع المشاركين في الجلسة على الفحوص وإجراءات التتبع والعزل، ثم القضاء على تفشي الفيروس».

ليس مرضاً خاصاً بكبار السن

استعرض المبعوث الخاص لمنظمة الصحة العالمية بشأن «كوفيد-19» الدكتور ديفيد نابارو قائمة بالمخرجات الرئيسة حول الفيروس، ورفض فكرة أن «كوفيد-19» يؤثر فقط على كبار السن، مؤكداً ضرورة عدم الاستخفاف به، وقال: «كنا نعتقد أن كبار السن هم فقط الذين واجهوا صعوبات، ولكن كلما درسنا أكثر أدركنا أن الشباب أيضاً معرضون لذلك. نرى أشخاصاً صغاراً يعانون حالات حرجة تستمر أسابيع عدة، لذا خذوا الأمر على محمل الجد، لا تتعاملوا معه باستخفاف، لأنه خطير، وهذا أهم ما نعلمه عن المرض». وأضاف: «المعلومة الثانية هي أننا لا نفهم المناعة بشكل كامل، لذا إذا كان شخص ما مصاباً بالفيروس، فهل يحصل بالفعل على مناعة ضد الإصابة مرة أخرى؟ هذا ليس مؤكداً، فماذا سنفعل حيال ذلك؟». وتابع قائلاً: «ثالثاً عندما يكون لديك تفش للمرض، تصرف بسرعة وفاعلية وأوقفه، لا تنتظر، لا تقل لنفسك سنترك الأمر يستمر قليلاً ونرى ما سيحدث، فتدخل في حالة الفوضى التي شهدتها بعض الدول التي كانت بطيئة جداً في الاستجابة».

الخط الزمني للقاح

رداً على سؤال حول جاهزية اللقاح، قال المبعوث الخاص لمنظمة الصحة العالمية بشأن «كوفيد-19» الدكتور ديفيد نابارو: «لقد عملت كثيراً على مرض الملاريا، كما عملت كثيراً على فيروس نقص المناعة الذي يسبب الإيدز، ليس لدينا لقاح موثوق به حقاً سواء ضد الملاريا أو ضد فيروس نقص المناعة البشرية. كنا نعمل على اللقاحات لفترة طويلة، لذلك أنا فقط أقول للناس لا تفترضوا أنه سيكون هناك لقاح ضد كوفيد 19 بسرعة، لذلك يرجى التخطيط للتعايش مع هذا الفيروس في المستقبل المنظور، وأعتقد أن هذا سيجعل الحياة أسهل قليلاً».


- عبدالرحمن العويس: «مرحلة الوباء شكلت فرصة مهمة لمراجعة أولوياتنا لقطاع الرعاية الصحية».

- ديفيد نابارو: «الطريق مازال طويلاً أمام العالم للتعامل مع فيروس (كوفيد-19) الخطير».

تويتر