آراء

فرصة أخرى..

يهدف النظام القضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة للتأهيل، إلى جانب العقاب، ويبذل الجهود الحثيثة في هذا المجال، ويُطلق العديد من المبادرات والإجراءات التي تصب في خدمة هذا الهدف، ويعد إجراء إطلاق السراح المبكر ضمن هذه الجهود، لكنه ليس آخرها.

وبحسب القانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 43/‏‏1992، فإن السجناء الذين يقضون عقوبة السجن مدى الحياة، لارتكابهم جريمة مثل القتل، أو غيرها من الجرائم المعاقب عليها بالسجن المؤبد، لهم الحق في التقدم للحصول على إطلاق سراحهم مبكراً، بحسب المادة 45 من القانون المتعلق بتنظيم المؤسسات العقابية، والتي تنص على أن المدان بالسجن مدى الحياة له الحق في تقديم طلب بالإفراج المبكر، بعد إكمال 15 سنة من عقوبته.

إلا أن الاستجابة لهذا الطلب لها اشتراطات معينة، حتى يحقق الهدف منه، وهو التأهيل والإصلاح ومنح الفرصة لمن ثَبُت صلاحهم لأن يتحولوا إلى نماذج مجتمعية منتجة، ربما تُسهم أيضاً في نشر الوعي والعظة، عبر مشاركة تجربتهم مع الآخرين.

وتتضمن هذه الاشتراطات دراسة ملف السجين الذي يتقدم بهذا الطلب، من قبل لجنة مختصة من المؤسسات العقابية، وتعمل اللجنة على تحديد مدى أهلية النزيل للإفراج المبكر، بناءً على سلوكه طوال سنوات سجنه، وما إذا كان أثبت نجاح العملية التأهيلية عبر تغيُّر سلوكي جوهري.

بالإضافة إلى ذلك، يُشترط في المتقدم أن يثبت عدم ترتب أي التزامات مادية واجبة الدفع عليه، مثل الدية الشرعية حيث إنه في حال استحقاق مبالغ مثل الدية الشرعية على المتقدم، يُرفض الطلب حتى يثبت الدفع والتسوية.

وجدير بالذكر أن اللجنة لا تلتفت، خلال دراستها لطلب السجين، إلى الأسباب التي دفعته لارتكاب الجريمة، لأن ذلك واجب على القضاة الذين أدانوه وحكموا عليه بعقوبة السجن مدى الحياة، وتركز اللجنة دراستها حول سلوك النزيل طوال فترة السجن، وما إذا كان سيشكل تهديداً للمجتمع في حال تم إطلاق سراحه.

ثم تعمل في حالة اقتناعها بصلاح السجين، على تقديم الطلب إلى النيابة العامة مرفقة به شهادة حسن سير وسلوك، وتوصيتها بمنحه فرصة جديدة، وتعمل النيابة بدورها على دراسة الطلب ورفعه للمحكمة المختصة، التي تمنح السجين خلال جلسة علنية، الفرصة ليشرح ظروفه ويثبت صلاحه وجدارته لكسب حكم في حقه.

وفي حال رفض المحكمة للطلب، يعود النزيل ليكمل مدة محكوميته، إلا أنه تحق له إعادة تقديم الطلب مرة أخرى، بعد مرور سنة واحدة من تاريخ الطلب الأول. وهناك حالات كثيرة، لأشخاص كانوا أشقياء خطرين، وهم في سن صغيرة، وحينما دخلوا السجن، انصلحت حالهم وتبدلت تماماً، وكانوا مثالاً للالتزام، بل إن بعضهم يدرس ويحفظ القرآن، ويتعلم مهناً داخل المؤسسات العقابية والإصلاحية، لذا استحقوا فرصة أخرى، وفق قانون ينظر بعين الرحمة والعدالة إلى الجميع.


أشخاص كانوا أشقياء

خطرين، وهم في سن

صغيرة، وحينما دخلوا

السجن، انصلحت حالهم

وتبدلت تماماً.

 

تويتر