حذّروا من مخاطر الاحتيال وتمويل الإرهاب والجريمة المنظمة في ظل غياب الضوابط

خبراء يطالبون بمظلة قانونية لتداول «العملات الرقمية» في الدولة

صورة

حذّر خبراء أمنيون وقانونيون ومصرفيون، شاركوا في حلقة نقاشية استضافها نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان، من مخاطر متنوعة لعمليات التداول الواسعة للعملات الرقمية، في ظل عدم وجود ضوابط قانونية تنظم عملية التداول، تشمل الاحتيال والقرصنة، واستخدامها في الجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب وغسل الأموال.

وأوصوا في الحلقة التي عقدت تحت عنوان «استشراف مستقبل العملات الرقمية وأبعادها الأمنية» بإصدار عملة إماراتية رقمية مشفرة باستخدام تقنية «بلوك تشين»، وتشكيل لجنة وطنية عليا لتطوير القوانين والتشريعات، ووضع إطار قانوني لتنظيم تداول هذه العملات وفق استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية، وتعديل قوانين غسل الأموال ومكافحة الإرهاب بإدراج مواد تمنع استخدام العملات الرقمية في تمويل هذه الجرائم أو توفير غطاء لها.

وقال نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، إنه لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع القيمة السوقية لتلك العملات بمعدلات عالية، وتداولها بدرجة تفوق الاستثمارات في العملات الورقية، ما دفع كثيراً من المسؤولين الحكوميين في العالم إلى التحذير من مخاطر تداولها، في ظل عدم وجود ضوابط قانونية تحمي المستثمرين.

وأضاف أنه ثبت من خلال التحقيقات ارتباط تلك العمليات بإمكانية استغلالها من قبل عصابات الجريمة المنظمة في تعاملات مالية مشبوهة، مثل غسل الأموال، والاتجار في المخدرات، وتمويل العمليات الإرهابية.

وأشار إلى أن التحول الرقمي صار واقعاً ملموساً في العديد من التعاملات المالية، وأنه لا شك بأن العملات الرقمية ستصبح بديلاً لنظيرتها الورقية في المستقبل القريب، وأكد أنه في ظل عدم معرفة مصدر هذه العملات ومن يقف وراءها، وعدم إمكانية تتبع عملية تداولها، ستظل الثقة بها مهزوزة، لذا من الضروري وضع تشريعات وضوابط قانونية تنظم عملية تداولها، لحفظ حقوق المتعاملين بها.

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة سمارت وورلد، الدكتور سعيد خلفان الظاهري، في كلمته الافتتاحية للحلقة، إنه لا توجد أي قوانين أو تشريعات تنظم عملية تداول هذه العملات، ومن الضروري أن تسبق الإمارات بوضع ضوابط تنظم هذه المسألة.

وأضاف أن العالم منقسم حول هذه العملات، فالبعض يراها مستقبلاً حتمياً، وفريق آخر يعتبرها نوعاً من الاحتيال، وستنتهي عاجلاً أم آجلاً، لافتاً إلى أن هناك ما يقارب 1800 عملة إلكترونية حالية، قيمتها السوقية نحو 256 مليار دولار، وتمثل عملة «بيتكوين» 42% منها.

وأكد أن هناك مخاطر عدة ترتبط بتداول هذه العملات في ظل عدم وجود ضوابط، منها إمكانية قرصنة مقاصات هذه العملات، مشيراً إلى أن عمليات القرصنة التي تعرضت لها قدرت بنحو 1.7 مليار دولار منذ عام 2011، ولا توجد ضمانات لحماية أموال المستثمرين من عمليات القرصنة التي تتزايد باستمرار.

وأشار إلى أن من المخاطر كذلك عدم وجود جهة مشرفة على عمليات التداول التي تتم جميعها عبر الإنترنت دون وسيط، ما يجعل أموال المستثمرين على المحك، خصوصاً أن 56% من شركات تداول هذه العملات أغلقت خلال أربعة أشهر من الإعلان عنها، وتبين أن كثيراً منها كان يقوم بالتلاعب، في ظل عدم توافر غطاء لحماية المتداولين، لافتاً إلى أنه مقابل كل عملة رقمية تنجح وتجد طريقها للتداول، هناك خمس عملات فاشلة.

وكشف أن بعض الحكومات، التي يفرض عليها حظر دولي، لجأت إلى استخدام هذه العملات للتحايل على الحظر، في ظل عدم القدرة على تتبع هوية المتعامل، فضلاً عن عصابات الجريمة المنظمة، والجماعات الإرهابية.

من جهته، قال رئيس التراخيص في دائرة الرقابة على البنوك في المصرف المركزي، شهاب عيسى الزعابي، إن العملات الإلكترونية واقع قادم لا محالة، والإمارات كانت سباقة بطرح ما يعرف بـ«الدرهم الإلكتروني» وصك عملة رقمية، لكن في المقابل تم إلزام الشركات التي تطلب تراخيص تداول العملات الرقمية متداول ما يعرف بـ«العملات الافتراضية»، في ظل عدم وجود غطاء قانوني ورصد مخاطر كبرى لتداولها دون رقابة.

وذكر القاضي بمحكمة الاستئناف في دبي، جاسم محمد البلوشي، أنه لا توجد حالياً أي تشريعات تتعلق بتداول تلك العملات، ويتم الرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية لحماية الأشخاص من مخاطر الاحتيال عبر تلك العمليات.

من جهته، قال مدير وحدة منع الجريمة بسوق أبوظبي المالي، محمد شالوه، إن من الممكن استخدام العملات الافتراضية بشكل إيجابي في ظل حاجة السوق لها، بشرط توفير غطاء قانوني يوفر حماية للمستثمرين، ويضمن عدم استخدامها في الجريمة بكل أشكالها.

ومن مركز دبي للأمن الإلكتروني، أفاد الدكتور مروان الزرعوني بأن هناك مشكلة سيولة في العالم أجمع، ويمكن أن تحل هذه العملات هذه الإشكالية، خصوصاً أن هناك كثيراً من الأشخاص لا يمكنهم استثمار المبالغ البسيطة، وهذا ما توفره عملية تداول العملات الرقمية، مؤكداً أنها تمثل حلاً بشرط وضع ضوابط واضحة لتداولها.

فيما ذكر المدير التنفيذي لقطاع الشؤون الاستراتيجية المؤسسية في اقتصادية دبي، محمد شاعل السعدي، إنه لم يعد هناك مجال للاستسلام لمخاوف تداول العملات الرقمية، في ظل اعتماد الثورة الصناعية الرابعة على سهولة نقل البيانات، مؤكداً أن العملات الورقية صارت عبئاً كبيراً في عملية الطباعة والنقل والتأمين.

وأضاف أن هناك حاجة لعملة رقمية محلية تخضع لضوابط واضحة، مشيراً إلى أن العملات الرقمية المعروفة باسم «بيتكوين» ليس من السهل اختراقها، لذا لا مبرر للمخاوف، بل يجب الاستعداد جيداً للمستقبل باختراق هذا المجال، في ظل ما تتمتع به الدولة من سمعة جيدة كوجهة جاذبة للاستثمارات.

سرقة 7 ملايين درهم بعد إغراء تاجر

كشف مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، أن نقص الوعي المجتمعي بكيفية تداول العملات الرقمية يمثل ثغرة لتنفيذ جرائم، لافتاً إلى سرقة سبعة ملايين درهم من شخص بالإكراه، بعد أن أقنعه لصوص بحيازتهم ما يعادلها من عملات إلكترونية (بيتكوين)، واستطاعوا استدراجه والسيطرة عليه، فيما تشارك شرطة دبي في التحقيق بقضية احتيال دولية، تقدر قيمتها بنحو 300 مليون درهم باستخدام عملات رقمية. وقال إن هناك حاجة ملحة لتوعية أفراد المجتمع بكيفية الاستثمار الآمن في تلك العملات، في ظل عدم إدراك الكثيرين لمخاطرها. وأكد ضرورة تحديد المخاطر والثغرات قبل الاندفاع في تداول هذه العملات، ووضع حلول قانونية وأمنية لها، في ظل تطور الجريمة الإلكترونية على مستوى العالم، وغياب الوعي لدى الكثيرين.

توفير المعلومات

أوصى المشاركون في الجلسة بحث الجهات المصرفية على توفير معلومات كافية عن آليات الاستثمار في العملات الرقمية وإيجابياتها ومخاطرها، وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر المواقع المروجة لتلك العملات، ووسائل التواصل الاجتماعي، دون التأكد من ترخيصها، وتوخي الحذر في التعامل بتلك العملات قبل معرفة مصادرها، أو استخدمها في أعمال غير مشروعة، وتوفير برامج تدريبية وورش عمل متخصصة للضباط والكوادر في المؤسسات الأمنية حول كيفية التحقيق في جرائم التعاملات الرقمية.

تويتر