من المجالس

عادل محمد الراشد

 ارتفعت أسعار السيارات بنسب تصاعدية كبيرة خلال سنوات قليلة، وقالوا إن السبب يعود إلى زيادة المواصفات.

وتضاعفت أسعار الوحدات السكنية، بيعاً وإيجاراً، مرات عدة في فترة زمنية قصيرة، فقالوا إن السبب يعود إلى ارتفاع مستوى المواصفات.

وزادت أسعار المواد الاستهلاكية، من الأكل وحتى الملابس، فعزوا أمر هذه الزيادة إلى الزيادة في التكلفة بعد دخول العالم عصر «المولات» والمراكز التجارية ذات المواصفات الإنشائية العالية والتكلفة المادية الباهظة.

ليس عندنا فقط، وإنما على امتداد الكرة الأرضية، ولكن نصيبنا من هذه الزيادة زاد على أنصبة الآخرين، فصارت الزيادات عندنا تجري وهي عند الآخرين تمشي أو في أسوأ الأحوال تهرول.
 
ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن العالم يتجه ليكون للأغنياء فقط؟ هل سيكون امتلاك السيارة، ولو كانت من صناعة كوريا وأخواتها، من حق أصحاب الدخول العالية؟

وهل ستكون المساكن بأدنى المواصفات المقبولة، متوافرة فقط لأصحاب الرواتب الكبيرة والوظائف العليا؟ وهل ستصبح مراكز التسوق حكراً على أصحاب الأرصدة المتراكمة والمناصب العليا وملاك الشركات وأرباب قطاع الأعمال؟

المتتبع لأحوال الأوضاع المعيشية في العالم لا يحتاج إلى بذل مجهود كبير ليرى العالم يزداد انقساماً بين غنى وفقر، أو بين شمال وجنوب، حتى داخل المجتمع الواحد.
 
فالترف الرأسمالي يجر العالم بآلته الضخمة نحو تحقيق أهدافه وخدمة مصالحه، مبتعداً بذلك في كل يوم عن متطلبات الطبقات الاجتماعية كافة، وضرورات الاستقرار المجتمعي، ومديراً ظهره أكثر لكل مقولات الطابع الإنساني للاقتصاد، ومقدماً مبدأ التجارة العالمية وكأنها غول أو وحش شرس لا يرضى بتقاسم الخيرات وتوزيع الثروات، ولايقبل بأن يتسع المكان له ولغيره.
وأمام هذا الاجتياح الرأسمالي الجشع تختفي أخبار المساعي الراغبة في الالتفات لذوي الدخول المتوسطة، بعد أن رمت من ذاكرتها أصحاب الدخول المحدودة.

ولذلك يتجه العالم نحو المزيد من الفرز الاجتماعي نحو اتجاهين لا ثالث لهما، فإما فقر وإما غنى، وتلك هي القنبلة التي ربما تكون أكثر فتكاً بالنسيج الإنساني من القنبلة النووية ومثيلاتها.  
   adel.m.alrashed@gmail.com
تويتر