شكوى ومذلة

حمدان الشاعر

 
شكوى تتبعها أخرى.. ونغمة تذمر تتصاعد دون أن نشعر. بمجرد أن تستيقظ في الصباح متجهاً إلى عملك، باحثاً عن إذاعة تستمع من خلالها إلى أخبار من هنا وهناك.. يأتي سيل من الشكوى عبر الأثير، وكأن شعب الإمارات المعطاء الشهير بالكرم والكرامة يتنازل عن حيثيات مهمة في تفاصيل شخصيته إلى البحث عن الشكوى لمجرد الشكوى.. الغلاء صعب حقيقة، ولكن، في المقابل، هناك أمور لا يجب أن نغفلها تحت وطأة الغلاء أو غيره.

حتى وإن التهم الغلاء مدخرات البعض، فهذا لا يعطي تبريراً لحالة الشكوى التي باتت ظاهرة تواجهك أينما سرت، أو حللت، ولعل الشكوى القادمة عبر الإذاعات المحلية أفرزت عدوى عامة لدى الجميع بداعٍ أو دون داعٍ.
 
هل ثمة مبرر للشكوى جراء قيام مدرسة بفرض رسم قدره عشرة دراهم نظير رحلة مدرسية؟ هل يستدعي استبدال خمسون فلساً كل هذا الضجيج على محطات البترول لأنها استبدلت علكة بالمبلغ المتبقي؟ كرامة الفرد ترتبط بشكاوى كهذه فيها امتهان لكرامة الإنسان ونزول إلى ما دون المقبول والمفهوم، وظلمٌ لكثيرين ممن يعانون مشكلات حقيقية، وأوضاع مزرية دون أن تسمع لهم صوتاً في إباء يستنكف التذمر والسخط.
 
فالشكوى لها أولويات، وبُعد إنساني مرتبط بها، وشعب الإمارات أكبر من هذه الأمثلة الصارخة بانعكاسات اجتماعية غير فعلية عن المجتمع وأفراده.
 
وإذا كانت ظروف الحياة لها تداعياتها على تفاصيلنا اليومية، فإن هذا يستدعي فهماً متكاملاً حول حقيقة هذه الشكاوى، فإذا كان الغلاء هو أساس لها، فعلينا البحث أولاً عن أسبابه الاقتصادية المرتبطة بالتضخم وانخفاض العملة وسوء التخطيط.
 
أو الاجتماعية المرتبطة بثقافة استهلاكية غير ناضجة، والتي يمكن إلقاء اللوم عليها بمعزل عن أي سلبيات غير نافعة، أو شكاوى غير مبرّرة.

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر