لم نكن في يوم «مجتمعاً طبقياً»

سامي الريامي

  

لا يعيب الإنسان أطلاقاً أن يكون من ذوي الدخل المحدود، كما لا يعيب المرأة أن تكون في يوم من الأيام أرملةً أو مطلقةً، ولكن تكريس وتعميق الهوة بين أفراد المجتمع لاشك أنه سلوك سلبي ينبغي تلافيه، ويجب الاستعاضة عنه بثقافة المساواة بين المواطنين وعدم «تفتيتهم» إلى فئات وطبقات نحن في غنى عنها.


ربما حدث ذلك بـ«حسن نية»، بل يجب أن نؤمن بأنه حدث بـ«حسن نية»، لكن ذلك لا يمنع حدوثه، وما دام فعل التفريق و«التفتيت» أصبح أمراً واقعاً في التعامل مع المواطنين، فلا بد هنا من وقفة لإصلاح الخلل، وتدارك الأمر قبل استفحال الظاهرة.

 

لن أطيل في المقدمات، ولكن ما المبرر لتجميع «ذوي الدخل المحدود» في مساكن «على قد الحال» تخصص لهم في مناطق معينة، وكأننا نعاقبهم على جريمة لم يقترفوها، وكأنهم مصابون بـ«جرب» يجب أن يبقوا بعيداً عن المدينة حتى يتلقوا العلاج، وبكل علانية يتم النشر والتصريح والتفاخر بإنجاز المساكن، وقد كتب بالخط العريض«مساكن لذوي الدخل المحدود»، ولم يتبق إلا وصل العبارة بعبارة «أجارنا الله وإياكم»!

 

وما المبرر لجمع «الأرامل والمطلقات» في منطقة واحدة أيضا ، وتوزيع مساكن لهن في مجمع سكني متراص، لنقول للعالم كله:«هؤلاء هن الأرامل والمطلقات ممنوع الاقتراب أو التصوير»! الأرامل أو المطلقات لسن فئات «منبوذة»، كما أنهن لايختلفن عن بقية سيدات المجتمع.. هن أخواتنا وأمهاتنا وبناتنا، يسري عليهن ما يسري على البقية، فلتعط كلٌ منهن الحق في اختيار مسكن المستقبل، ولها الحق في اختيار أرض ومنحة مالية لتبني ما تراه مناسباً لها بجانب أهلها أو أي مكان تختاره، أما إجبارهن على الانتقال في بيوت موحدة الشكل، مجمعة في منطقة واحدة، و«نعايرهن» بأنها منازل «المطلقات والأرامل» فهذا بلا شك تصرف غير إنساني على الاطلاق!


لم نكن في يوم من الأيام مجتمعاً طبقياً، ولم نشعر في الإمارات على الإطلاق ومنذ أن وعينا على هذه الدنيا بأن هناك تفاوتاً «رسمياً» في التعامل مع المواطنين، لا ننكر وجود ظواهر «مجتمعية» طفيفة ومحدودة، إلا أنها تبقى «فردية» وغير مقبولة اجتماعياً ورسمياً أبداً، أما «بدعة» مساكن خاصة لـ«ذوي الدخل المحدود» ومساكن خاصة لـ«الأرامل والمطلقات» فإنها بلا شك خطوة «رسمية» نحو تطبيق فكرة المجتمع «الطبقي»، وهذا ما أعتقد أنه لا يرضي أحداً على الإطلاق!  


ألم يخطر ببال أحد من «المخططين» لهذه المشروعات، أن دمج هذه الفئات في المجتمع، من خلال بناء المنازل لهم في أماكن وجودهم، فيه الكثير من الفوائد «الاجتماعية» التي لا شك أنها ستنعكس إيجاباً حتى على المستوى العام، فوجود عائلة من ذوي الدخل المحدود أو «الفقراء» أو «المطلقات» في «فريج» به مجموعة من الميسورين، لا شك أنه سيؤثر إيجاباً في زوايا مثل التراحم والتواصل والعطاء، ومن يدري ربما تتطور العلاقة إلى «نسب» ينتج عنه عائلة مقتدرة.. هل لنا أن نعيد «التخطيط» بعقلانية أكثر؟!
reyami@emaratalyoum.com
 
تويتر