يمتلكن مهارات المداهمة وقراءة لغة الجسد وتحرير الرهائن

شرطيّات مواطنات.. لحماية ضيوف دبي

صورة

نجح فريق نسائي مميز من المواطنات بشرطة دبي، في اقتحام عالم حراسة الشخصيات المهمة الزائرة أو المقيمة في الإمارات من زوجات الرؤساء والسفيرات والوزيرات وكبار الشخصيات النسائية التي تقصد الدولة في المناسبات الرسمية.

دفعهن إيمانهن برسالتهن ودورهن في خدمة بلادهن إلى اقتحام ميدان ظل لسنوات طويلة حكراً على الرجال، مخلصات لعملهن باذلات قصارى جهودهن لأداء ما يسند إليهن من مهمات بكفاءة عالية ومهارة كبيرة يشهد لها الجميع، فاتخذن من الإدارة العامة لأمن الهيئات والمنشآت والطوارئ قسم حماية الشخصيات بشرطة دبي، مقراً لهن.

وقالت شرطيات من عضوات الفريق لـ«الإمارات اليوم»: «نؤمن بأن عملنا مسؤولية كبيرة وضعت على عاتقنا، ونحن على قدرها، وسنبذل قصارى جهدنا لرد الجميل للوطن الذي شملنا بعطفه وتربينا على أرضه، ومنحنا نعمتي الأمن والاستقرار».

فيما أكدت شرطيات في الفريق أن عملهن «مرآة ستعكس الصورة الحقيقية لموقع المرأة الإماراتية على خريطة العمل في الدولة، وقدرتها على المشاركة في اصعب المجالات العملية، وأنها لا تعترف بالمستحيل».

مهارات وخبرات

وعن تجربتها في حماية الشخصيات المهمة تقول الشرطية فاطمة ياقوت لـ«الإمارات اليوم»: «أفتخر بعملي في عالم حماية الشخصيات المهمة منذ أكثر من 19 عاماً، فكل يوم يمرعليّ يزيدني تعلقاً بمهنتي ويولد بداخلي إصراراً على الاستمرار وتأدية مهامي على أكمل وجه، وكنت على يقين أن عملي سيمنحني الفرصة الكبرى للتميز والنجاح وتثبيت قدمي في مجال غير تقليدي ظل سنوات طويلة حكراً على الرجال».

وتكمل ياقوت أن خبرتها في المهارات الميدانية التي تخص العمل من إجادة فنون الرماية وقيادة السيارات وقراءة لغة الجسد والدفاع عن النفس وسرعة البديهة والصبر والتحمل أهَّلتها لدخول المجال دون أن تشعر بأي صعوبة، حيث إنه تمت الموافقة على انضمامها إلى هذا المجال بمجرد أن اجتازت بعض الإختبارات التي أفادت بقدرتها على أداء مهماتها التي تسند إليها.

وعن الصعوبات التي تواجه المرأة التي تعمل في مجال حماية الشخصيات المهمة، توضح ياقوت أن عملها «يحتاج إلى القلب الجريء الذي لا يعرف الخوف»، وأنها «بفضل الله ودعم وتشجيع المسؤولين، استمرت في أداء كل ما يسند اليها من مهمات»، مضيفة أيضاً أنها استطاعت تطوير مهاراتها عبر الالتحاق بكل الدورات التأسيسية والمتخصصة والمتقدمة في حماية الشخصيات في فنون الرماية وقيادة السيارات والدفاع المدني، واستيعاب فنون لغة الجسد واجتياز دورات الإسعافات الأولية وبناء الشخصية القوية، بالإضافة للدورات التكنولوجية في علوم الكمبيوتر والتقنيات الحديثة.

نظرة المجتمع

أما الوكيل أول فاطمة سعيد المعمري مساعد التي التحقت بهذا المجال منذ 15 عاماً، فقالت: «لم أواجه أي رفض من قبل والدي، خصوصاً أن والدي رجل عسكري، ورغم ملاحقتي ببعض النظرات المجتمعية السلبية التي ترفض اقتحام المرأة في مجالات غير نمطية، إلا أنني لم ألقِ بالاً لهذه النظرات، ولكن مع التطورالمجتمعي الذي شهدته البلاد، أصبح المجتمع اكثر تقبلاً وتقديراً لدور المرأة في الحياة العملية بكل أشكالها».

وتكمل المعمري أنها قبل التحاقها بالعمل بهذا المجال، قادها شغفها بهذا العالم للاطلاع على المجلات المتخصصة التي تتناول أسرار العمل في عالم حماية الشخصيات بالشرطة النسائية وأبرز مهامها، والتدريبات التي تخضع لها المنتسبات بها، وزاد حماسها فتضاعفت رغبتها في العمل في هذا المجال الذي يتناسب مع طبيعتها الحركية والميدانية والإدارية. وتبين المعمري أنها واحدة من من المنتسبات لأول دفعة لفريق الشرطيات لقيادة الدراجات النارية الذي تم تأسيسه في عام 2008، وتمكنت خلال رحلتها العملية الناجحة أن تحصل على تكريمات عدة محلية ودولية، ومنها اختيارها كأول امرأة عربية تحت سن الأربعين لتنال جائزة الرابطة الدولية لقادة الشرطة بالولايات المتحدة الأميركية، واجتياز أكثر من 47 دورة تدريبية في كل المجالات التدريبية والميدانية في مجال الألعاب الرياضية والرماية وركوب الخيل، متمنية أن تكون تجربة فريقها عاملاً يشجع غيرهن من النساء للتطوع او اقتحام مجالات يظن البعض انها لا تصلح لغير الرجال.

التحديات والصعوبات

وعن التحديات التي تواجه جميع المنتسبات للفريق النسائي لحماية الشخصيات المهمة توضح الوكيل أول ميثاء سيف التي تعمل في هذا المجال منذ أكثر من 18 عاماً أن التحديات تختلف من شخص إلى آخر، لكنه بالنسبة لها هناك تحديان واجهتهما منذ أن خطت خطواتها الأولى في هذا المجال، أولهما الموازنة بين حياتها الشخصية والتزاماتها المهنية، حيث إنها كانت حينها أماً لطفلين عند التحاقها بشرطة دبي، وكانت طبيعة عملها الإدارية تتطلب التواجد بشكل دائم مع الشخصية التي يتم حراستها حتى الانتهاء من المهمة، وقد استطاعت بجهد غير قليل التوفيق بين عملها وبيتها من خلال التنسيق مع رؤسائها بخصوص ما ينسب إليها من مهمات عمل ومراعاة صغارها.

وتكمل سيف أن التحدي الثاني يكمن في استكمال تعليمها الأكاديمي، حيث تمكنت من متابعة دراسة الثانوية العامة وإكمال دراستها الجامعية، حتى تمكنت من الحصول على درجة الليسانس في القانون والعلوم الشرطية بعد خمسة أعوام من التحاقها بأكاديمية شرطة دبي. وتفخر سيف كونها واحدة من عضوات الفريق اللاتي أسهمن في تعزيز سمعة شرطة دبي في عالم الرماية، خلال اختيارها ضمن منتخب شرطة دبي للرماية في العديد من المسابقات المحلية، محققة المراكز الأولى على المستوى الفردي في تلك المسابقات.

وتضيف أن طبيعة التدريبات التي يخضعن لها ليتمكنَّ من أداء مهامهن تعرضهن لمواقف لا تنسى، فعندما تم انتسابها لدورة تأسيسية في فنون الاقتحام والمداهمة كان عليها النزول من الطابق الثاني عبر الحبال، حيث تملكها الشعور بالخوف وعدم القدرة على النجاح في هذا التمرين، ولكن بالإصرار والرغبة الحقيقية في النجاح والتدريب الصحيح ووجود الخبرات المتراكمة للمدربين المتخصصين والمعدات الحديثة والمتطورة، واجراءات الأمن والسلامة المتبعة في مثل هذه التدريبات، استطاعت التغلب على خوفها، وأصبح الإنزال مجرد تدريب يومي مثل بقية التدريبات التخصصية.

تعبر الملازم ثاني نادية حسين الثويني عن سعاتها باعتبارها إحدى عضوات الفريق النسائي الخاص بحماية الشخصيات المهمة، قائلة: «أعمل منذ أكثر من 23 عاماً في هذا المجال المميز، وقد حرصت منذ اليوم الأول لعملي، على حضور كل الدورات التي تصقل خبرتي وتزيدني ثقة بنفسي، ورغم أن كثيرين يعتبرون مهنتي شاقة وتتطلب مجهوداً يومياً كبيراً، الا أنني أنسى آلامي الجسدية حين أسهم في توفير الأمن للشخصيات النسائية من الوزيرات والسفيرات وزوجات الرؤساء والفنانات العالميات اللاتي يقصدن بلادنا في المناسبات والمؤتمرات والزيارات الرسمية».

وعن المهارات التي يجب أن تتوافر بمن يعمل في مجال حماية الشخصيات المهمة، تقول الثويني إنه خلال فترة عملها في هذا المجال، اكتسبت خبرات ومهارات عدة زادت من تعلقها بهذه المهنة واعتزازها بها، حتى إنها لا ترضى الآن بأي بديل لها في أي مجال آخر، ومنها تضاعف الثقة بالنفس، وضبط الأعصاب والتركيز واكتساب سرعة البديهة في التعامل مع أصعب المواقف، فضلاً عن مهارات كثيرة يتم اكتسابها من خلال الخضوع للدورات التدريبية والتخصصية كقيادة السيارات والرماية. وتشير الثويني إلى أن ظروف عملها يمكن أن تفرض عليها العمل أحياناً لأكثر من 12 ساعة متواصلة، الا أنها لم تشعر يوماً بالإجهاد أو الإرهاق او الملل، فإيمانها بأن عملها «رسالة مجتمعية مهمة» يدفعها إلى إنجاز مهامها على أكمل وجه وبالشكل الذي يعبر عن حبها لوطنها، كذلك «نظرة التقدير والاحترام» التي تراها في أعين الشخصيات التي تقوم بحمايتها تدفعها الى أن تبذل قصارى جهدها للنجاح في عملها والاستمرار في أداء مهمتها على أكمل وجه.

مزيد من المواطنات

يؤكد رئيس قسم الشرطة النسائية بشرطة دبي، المقدم مسعود إبراهيم الحماد، أن «القيادة حريصة على توظيف المواطنات في كل المهن عملاً بسياسة حكومة دبي بدعم المرأة ودورها الفعال في رفعة الأوطان، وكان تحدياً كبيراً أن يتم توظيف إماراتيات في مهنة صعبة جداً مثل مهنة حماية الشخصيات النسائية».ودعا الحماد بنات الإمارات للالتحاق بكل المجالات العسكرية، خصوصاً غير التقليدية، مشيراً إلى أن «اقتحام المواطنات لهذا المجال يثبت للعالم كله، أن ابنة الإمارات قادرة على تحمّل المسؤوليات الجسام ودليل على كفاءتها في انجاز أي مهمة تسند اليها».


- شرطيات: «نؤمن بأن عملنا مسؤولية كبيرة وضعت على عاتقنا، ونحن على قدرها».

- «عملنا يحتاج إلى القلب الجريء الذي لا يعرف الخوف، والثقة بالنفس، وسرعة البديهة في التعامل مع أصعب المواقف».

فاطمة ياقوت:

«نمتلك فنون

الرماية كافة، وقيادة

السيارات، وبناء

الشخصية القوية».

فاطمة المعمري:

«المجتمع أصبح أكثر

تقبّلاً وتقديراً لدور

المرأة في الحياة

العملية».

نادية الثويني:

«نظرات التقدير

من الشخصيات التي

نحرسها تدفعنا

لبذل قصارى جهدنا».

ميثاء سيف:

«نمر بمواقف صعبة

لا تُنسى تزيدنا صلابة

وإصراراً على النجاح

في مهماتنا».

تويتر