طالبوا بأكاديمية لتأهيل الكتّاب وصناعة جيل يحمل الراية.. وتوفير الدعم

مسرحيون يحذّرون من غياب تأهيل الكوادر الشابة: «أبوالفنون» في أزمة

صورة

أكد مسرحيون أن شحّ النصوص المسرحية، وعدم وجود جيل مؤهل للإبداع فيها، علاوة على ضعف الدعم المادي والمعنوي، من أبرز الأسباب التي أدت إلى هجرة فنانين بالجملة لهذا الميدان، والارتماء في أحضان الدراما التلفزيونية والفضائيات، مشيرين إلى أن ذلك انعكس سلباً على واقع المسرح الإماراتي، وخلق أزمة حقيقية تنذر بانحسار دوره.

واعتبر مسرحيون ومثقفون التقتهم «الإمارات اليوم»، على هامش مشاركتهم بمهرجان مسرح دبي للشباب في دورته الـ12 التي اختتمت أخيراً، أن هناك حاجة شديدة لإنشاء أكاديمية فنية لتأهيل جيل جديد مثقف وواعٍ من كتّاب النص المسرحي الجيد، ما يساعد على عودة (أبوالفنون) إلى موقعه الريادي في التثقيف والتوعية.

أسباب.. وحلول

لماذا يعاني النصّ المسرحي الإماراتي أزمة حقيقية؟ سؤال حملته «الإمارات اليوم» لنخبة من المهتمين بمسرح الإمارات خلال أمسيات المهرجان، للوقوف على الأسباب، والبحث عن الحلول.

من ناحيته، رأى الفنان عبدالله بوعابد أن «أزمة النص المسرحي في الإمارات لا يمكن أن تنفصل عن مثيلتها في الوطن العربي، وبالتدقيق في طبيعة الظروف التي أدت إلى تأجج أزمة الكتابة للمسرح نرى أنها تعود إلى الواقع الجديد الذي أوجدته الفضائيات، فالكتّاب أصبحوا يستثمرون قدراتهم الإبداعية في الكتابة للدراما التلفزيونية، لارتفاع عائداتها المادية بالنسبة للكاتب نفسه قياساً إلى ما تعود به الكتابة للمسرح من عائد مادي، بالإضافة إلى أن الكتابة للتلفزيون توفر للكاتب شهرة وانتشاراً لا يحققه له المسرح».

وطالب بوعابد بـ«ضرورة توفير الدعم المادي لكتّاب المسرح، حتى لا يضطروا إلى التوجه إلى أشكال الكتابة الأخرى التي توفر لهم هذا الدعم، وينصرفوا تماماً عن الكتابة المسرحية، بالإضافة إلى تحفيز الكتّاب حتى يبدعوا، ويطلقوا العنان لخيالهم، شريطة أن يظل النص يحمل رسالة أو يناقش قضية بعينها تشغل بال أبناء المجتمع الواحد».

مجموعة عوائق

من جهته، رأى الفنان الدكتور حبيب غلوم أن «هناك مجموعة من العوائق التي تقف ليس أمام الشباب المسرحيين فقط، ولكن أمام المسرح الإماراتي بأسره، وأهمها عدم وجود جيل مؤهل من الكتّاب المسرحيين، ما يتطلب أن يتحلى من يرغب في الكتابة بثقافة عالية، وأن يمتلك حصيلة غنية من المفردات التي تخدم نصه، إضافة إلى قدرته على البحث، لخلق أفكار جديدة ومبتكرة للقضايا التي يطرحها».

وأضاف «لذلك أطالب - عبر مهرجان مسرح الشباب - بضرورة تأسيس أكاديمية متخصصة لتأهيل كادر وطني من كتّاب المسرح، ورفد الساحة بوجوه ودماء جديدة، خصوصاً في ظل تطور الحركة المسرحية في الإمارات، ومن الصعب أن يتم ذلك من دون وجود أكاديمية أو معهد يتلقى فيه الهواة أصول فن الكتابة المسرحية، بحيث نصل إلى مرحلة نصّ إماراتي صحيح يجذب الممثل للعودة إلى الخشبة، والمتلقي ليتذوق الفن المسرحي من جديد».

وأكد غلوم أنه «يمكن البدء باعتماد الورش التدريبية الأكاديمية لتكون بشكل دوري طوال العام، والترسيخ لفكرة جلسات الكتابة الجماعية أسوة بالعديد من الدول العربية التي استطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً على الساحة المسرحية، ما يسهم بشكل إيجابي في تحسين النصوص المسرحية من خلال تبادل التجارب الفنية».

ابن بيئته

أما الفنان بلال عبدالله فيرى أن «مشروع ورشة الكتابة المسرحية الذي اعتمدته بعض الدول العربية، واستقدام خبير مسرحي أشرف على ورش كتابة النصوص المسرحية مع عدد من هواة الكتابة، أفرز مخرجات جيدة، فتربية كاتب مسرحي يعني أن تؤسس لحالة من الإبداع تحتاج إلى موهبة الكتابة، مع ورشة لصقل المهارات وتعلم آليات إنشاء المعالجة الدرامية، شريطة ألا يبتعد عن قضايا المجتمع الآنية، فالمسرح ابن بيئته ولا تنشأ تجربة رائدة وتنطلق إلا من بيئتها، خصوصاً أن الجمهور لا يقبل على مسرح يستورد حكاياه وموضوعاته وهواجسه من خارج المجتمع».

وأشار عبدالله إلى أن «عدم وجود معاهد يؤدي إلى تراجعنا عن الركب، ففي ظل مهرجانات المسرح التي تقام في الدولة، تجري استضافة مسرحيين من دول أخرى شقيقة لإدارة الندوات، لقلة الوجوه الأكاديمية، فالجيل القديم لن يظل طويلاً، لذلك وجب علينا دق ناقوس الخطر ليصبح حلمنا بوجود أكاديمية فنية لتعليم كتابة نصوص مسرحية جيدة مهمة وطنية، حان الوقت لوجود جيل مثقف وواعٍ لحمل الراية، وهذا لن يصبح واقعاً إلا بإنشاء أكاديميات تعنى بهذا الأمر».

الورش المتخصصة

من جانبها، قالت رئيس مهرجان دبي لمسرح الشباب في هيئة دبي للثقافة والفنون، فاطمة الجلاف، إن «وجود ورش مسرحية تتبناها الهيئات الثقافية بالإمارات يمكن أن يكون حلاً مثالياً لتأهيل جيل الشباب معرفياً في كل المجالات الفنية، خصوصاً النص المسرحي، لذلك يجب استقطاب خبرات مهمة في الكتابة المسرحية، كي تتواصل مع الكتّاب الجدد عبر هذه الورش لصقل مواهبهم، ومنحهم الدافع الذاتي أولاً للكتابة المسرحية، بوصفها أمراً حيوياً وثقافياً بامتياز، وهو ما يمكن أن يوفر عدداً جيداً من المؤلفين كي يواصلوا مسيرة الكتابة المسرحية في الدولة».

وأضافت الجلاف: «الورش الفنية العشر التي نظمتها (دبي للثقافة)، قبل انطلاق مهرجان مسرح الشباب، كانت بمثابة أكاديمية مسرحية اتبعت الأسلوب العلمي والعملي؛ موفرة مناخاً مسرحياً صحياً لدفع عجلة المسرح الإماراتي، والتي كان أبرزها تعليم المشاركين كيفية تكوين نص أدبي يتمتع ببناء درامي صحيح من ناحية تماسك وتصاعد الأحداث ووضوح الصراع وتبلور الشخصيات، وربط جميع عناصر النص المسرحي في وحدة متكاملة مع الرؤية الإخراجية».


10

ورش نظّمتها «دبي للثقافة» قبل انطلاق مهرجان مسرح الشباب، وحاولت توفير مناخ صحي لدفع عجلة المسرح الإماراتي.

تويتر