كـل يــوم

خلط مقصود بين الدعاية والإعلان!

سامي الريامي

في علم التسويق هناك فرق كبير بين الدعاية والإعلان، لكن ما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي حالياً، هو خلط ودمج وفوضى و«شوربة» دعائية وإعلانية، والمشكلة الرئيسة أن هذا الخلط، وهذه الفوضى، لهما تأثير مباشر في ميزانيات وجيوب، وأحياناً صحة، المتابعين المتأثرين بشدة بمشاهير التواصل الاجتماعي، الذين بدورهم لا يكترثون لأحد، فقد وجدوا فرصة من ذهب في غفلة من الزمن، ويسعون لاستغلالها بقوة قبل أن ينتبه الغافلون!

الإعلان حق مشروع لكل من يريده، وفي أي مجال من مجالات المال والأعمال، شريطة ألا يتعارض مع قوانين وأعراف الدولة، والإعلان له قواعد وأساسيات معروفة، ليست عيباً ولا حراماً، فهو مدفوع القيمة، أي مقابل أجر مالي، وهو مخصص لتسليط الضوء، أو الحديث عن إيجابيات ومزايا المُنتَج، لذلك يُشترط في الإعلان أن يكون المُعلِن معروفاً ومعلوماً، سواء كان فرداً أو شركة أو مطعماً أو غير ذلك.

أما الدعاية فهي التي يتناقلها الأفراد بينهم، من دون أن يطلب ذلك منهم صاحب العمل أو الشركة أو المطعم.

إنهم يمدحون شيئاً معيناً، أو مكاناً معيناً أو منتجاً معيناً بعد أن جربوه، سواء كان ذلك المدح في حديث أو مجلس أو وسيلة تواصل اجتماعي، من دون أن يحصلوا على مقابل مالي نظير هذا المدح، والأهم أن «الدعاية» ليست مقتصرة على ذكر المزايا، فبخلاف الإعلان يتم تسليط الضوء فيها على الإيجابيات والسلبيات، وعلى العيوب والمزايا، لذلك فهي الأكثر صدقية عند الناس، لأنها من غير مقابل مالي أولاً، وأكثر صراحة ثانياً.

ما يحدث اليوم هو خلط بين المفهومين، وهذا الخلط بين الإعلان المدفوع، والدعاية غير المدفوعة، فيه كثير من التضليل للمتابعين والمستهلكين، فأغلب مشاهير التواصل يُغرون متابعيهم بهذه الطريقة، ويحصلون على المال بحجة أنهم جربوا المُنتج، وأعجبوا به، واستفادوا منه، في حين أنهم لم يفعلوا ذلك إطلاقاً!

خطورة ذلك الخلط قد تكون منخفضة في بعض السلع والمطاعم، لكنها تتزايد في المنتجات والكريمات الطبية والتجميلية، التي قد تسبب ضرراً بالغاً لأناس كثيرين، وتتزايد أيضاً في ظاهرة الحديث عن حالات إنسانية تحتاج إلى الدعم والمساعدة، من دون ضوابط أو معلومات مؤكدة، والغريب أن بعض المشاهير يتقاضون أجراً ومالاً حتى نظير حديثهم عن هذه الحالات، ما يثير الريبة والشك حول هذا الأمر!

هناك غشّ واضح في ترويج الكريمات والمنتجات التجميلية، والأدوية الطبية الخاصة بالجلد تحديداً، فمعظم هؤلاء المشاهير و«الفاشينستات» يروّجون لها بشكل كبير، ويتعمدون التركيز على أنها مُجربة وفعّالة، من دون أن تكون لهم أدنى معرفة أو دراية بمكوناتها، والأعراض الجانبية التي تحملها هذه المكونات، ولذلك فإنها غالباً ما تُلحق ضرراً بالغاً بأناس يعانون حساسية ما تجاه مادة معينة، والأمر ينسحب على كثير من الأدوية الأخرى، ومع أن القانون يمنع ذلك بشكل صارم عن جميع وسائل الإعلام، التي يجب أن تحصل على ترخيص خاص لكي تستطيع نشر أي إعلان لمنتج طبي، إلا أن ما يحدث في وسائل التواصل بعيد عن أي قوانين، إنها فعلاً فوضى!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر