كـل يــوم

الدوائر الحكومية.. خصم وحكم!

سامي الريامي

هناك تشابك وتداخل بين الدوائر المحلية، وهذا أمر طبيعي، فالأعمال التي تقوم بها الدوائر مكملة لبعضها بعضاً، فلا تصاريح بناء مثلاً إلا بموافقة أكثر من جهة حكومية، وكذلك لا تصاريح لبدء أي نشاط تجاري إلا بموافقة عدد من الدوائر، وهكذا كثير من المعاملات ترتبط بأكثر من جهة، وتحتم الحصول على موافقة أكثر من جهة.

ليس هذا فحسب، بل إن الدائرة نفسها تتطلب موافقة إدارات عدة فيها لإنهاء أي معاملة، وهذا أيضاً أمر طبيعي، نظراً إلى اختلاف تخصصات وعمل كل إدارة، وتالياً فالحصول على موافقة ما، يتطلب دراسة الأمر من جميع الإدارات، والحصول على موافقة الجميع، ومع ذلك فإن إنهاء المعاملات في الغالب لا يتطلب وقتاً طويلاً، خصوصاً مع دخول التقنية، واجتهاد الدوائر المحلية في تسهيل وتبسيط الإجراءات، وانتشار مراكز الخدمة المشتركة تحت سقف واحد.. ولكن هناك شيء آخر.

ماذا لو رُفضت معاملة لمراجع، أو اختلفت دائرتان على معاملة ما، إحداهما توافق والأخرى تمانع؟ وماذا لو تضرّر أي مراجع من عملية تأخير معاملته، وتسبب له ذلك في خسارة مالية؟ وماذا لو حدث سوء فهم في تفسير أي مادة قانونية بين المراجع والجهة الحكومية؟ ماذا لو حدث أي خلاف؟

تُرى من هي الجهة المخوّلة بحل الخلافات بين المراجعين والجهات الحكومية الخدمية؟ لا يُعقل أبداً أن تكون كل دائرة هي الخصم والحكم، ولا يُعقل أن يتقدم المراجع بشكوى عند الجهة ذاتها التي يشعر بأنها ظلمته، أو تضرّر بسببها، لا يُعقل ذلك، لكن الواقع يؤكد أن هذا بالضبط ما يحدث حالياً!

عشرات الآلاف من المعاملات تنجز يومياً في مختلف الدوائر، لذا فمن الطبيعي أن تحدث بعض الخلافات، أو الأخطاء، ومن الطبيعي أن تكون بعض الأخطاء بسيطة يمكن حلها في الدائرة، لكن من الطبيعي أيضاً أن تكون هناك أخطاء كبيرة، وتتسبب في خسائر أو أضرار مالية للمراجعين، خصوصاً المعاملات التجارية، لذا فمن المنطقي أن تكون هناك جهة «محايدة» تدرس الخلافات، وتتأكد من القوانين، وتعيد الحق إلى أصحابه، وتكون قراراتها ملزمة لجميع الأطراف، فهذه الجهة رغم أهمية وجودها، إلا أنها غير موجودة!

أدرك تماماً أن هناك محاكم يمكن لأي متضرر اللجوء إليها، وأن هناك مجلساً تنفيذياً في كل إمارة يشرف على عمل الدوائر المحلية، لكن طبيعة المشكلات والشكاوى والخلافات في المعاملات لا تتناسب مع عمل المحاكم المضغوطة أساساً من القضايا وكثرتها، وكذلك المجالس التنفيذية مضغوطة بالأعمال الاستراتيجية والإشرافية والتخطيطية، ولا مجال للدخول في تفاصيل الخلافات اليومية في الدوائر، كما أنه لا يُعقل أن تظل هذه المشكلات عالقة، لذا لابد من جهة، أو لجنة، أو مركز لفض النزاعات بين المراجعين والدوائر الحكومية، وليس شرطاً أن يكون متضخماً في مبناه وعدد أفراده، المهم أن يمتلك أفراده صلاحية فض النزاعات وإعادة الحق إلى أصحابه، ولاشك أن وجوده سيؤدي إلى تخفيف ضغط كبير عن كاهل الحكومة والمراجعين، على حد سواء.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر