كـل يــوم

قرار في وقته لضمان الاستقرار الاقتصادي

سامي الريامي

هو هكذا دائماً، قريب جداً من الناس، يشعر بهم، ويعرف تماماً ما يقلقهم، وقراراته تصبّ في مصلحتهم دائماً، لاحَظَ في الآونة الأخيرة إفراط بعض المؤسسات والوزارات في فرض الرسوم المختلفة، ولاحظ أنها أصبحت مزعجة لقطاعات كثيرة، وشرائح كثيرة، فبادر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بإصدار قرار واضح وصريح، ويهدف إلى ترسيخ الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الدولة، فقرر عدم زيادة الرسوم الاتحادية خلال السنوات الثلاث المقبلة.

لا أحد بالطبع يمانع دفع رسوم معينة للوزارات والجهات المختلفة، فهي نظير خدمة مميزة، لا ننكر ذلك، والرسوم هي الوسيلة الوحيدة لضمان استمرارية الخدمات بجودة عالية، وهي الوسيلة لتطويرها وتجويدها وتحسينها، لكن الإفراط في فرض الرسوم بشكل عشوائي غير مدروس، وزيادتها بين فترة وأخرى بشكل غير مدروس أيضاً، أمر سلبي له تداعيات سلبية على الاقتصاد والحياة الاجتماعية بشكل عام، وهذا ما بدا واضحاً في السنوات الأخيرة، حيث تعددت وتنوعت الرسوم، وأصبحت تشمل كل شيء، بل إن الوزارات والجهات والدوائر المحلية أصبحت تتفنن وتتنافس في كيفية إيجاد سبل ووسائل وفتح منافذ لرسوم جديدة، أو زيادة رسوم قديمة، ما كان له أثر سلبي في تنافسية الإمارات واقتصادها، ومستوى الحياة الاجتماعية فيها، التي زادت كلفتها بشكل غير مبرر.

الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، أعاد بقراره، أمس، الحياة في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية وحتى الاجتماعية، ولاشك أن هذه السنوات الثلاث المقبلة ستشهد استقراراً في وضع الشركات والمؤسسات التجارية، الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وستعود الإمارات لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الخارجية، فالشركات يهمها في المقام الأول عدم ارتفاع كلفة الأعمال لضمان استمرارية العمل، ولذلك فرأس المال الأجنبي ينتقل بكل سهولة من دولة لأخرى، متى ما وجد فرصة أفضل في مكان آخر!

والآن، بعد قرار محمد بن راشد على المستوى الاتحادي، جاء الدور على الدوائر المحلية أيضاً، فهي أيضاً بالغت في خلق رسوم جديدة، وزيادة رسوم قائمة، بل أبدع البعض في ذلك، وبشكل غريب، حيث زادت رسوم بعض المعاملات لأكثر من 200%، وفرضت رسوم على معاملات بسيطة لا تستدعي أصلاً فرض رسوم عليها، والأمثلة كثيرة جداً، وموجودة في معظم الدوائر، إن لم نقل جميعها، فزيادة الدخل السنوي أصبحت هدفاً يسعى له الجميع، ويتنافسون فيه، ومن أجل الوصول إلى أعلى دخل ممكن أصبح الجميع يركز على الرسوم دون غيرها، فهي الطريقة الأسهل، بغض النظر عن طبيعة الدائرة ودورها الخدمي أو الاجتماعي!

على الدوائر المحلية الآن أن تعيد النظر في هذه السياسة، فهي مضرة جداً على المديين المتوسط والبعيد، وسلبياتها تتجاوز كثيراً حجم الربح السنوي الناتج عنها، ولابد من التوازن في حجم الرسوم مع حجم الخدمة المقدمة للجمهور، بالتأكيد لا أحد يمانع دفع رسوم نظير خدمة مميزة، لكن شريطة أن تكون معقولة ومدروسة وتتناسب مع هذه الخدمة!

يجب أن تكون الرسوم مثل غيرها، قابلة للدراسة وإعادة الدراسة، قابلة للزيادة، وقابلة للتخفيض أيضاً، وذلك وفقاً للحالة العامة، والظروف الاقتصادية المختلفة التي تمرّ على العالم، وعلى المنطقة والدولة، فنحن لسنا بمعزل عن بقية الدول، والظروف الاقتصادية متقلبة ومتغيرة، لذا فكما أن زيادة الرسوم أمر وارد في وقت ما، فما المانع من إعادة دراستها وخفضها إذا كانت الظروف الاقتصادية تحتم ذلك؟ لا أعتقد أن مثل هذا الأمر مستحيل، بل هو الأقرب للتسهيل على الناس والمستثمرين، وهو ضمان للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، تماماً كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر