5 دقائق

كيف ينهض العالم العربي

عبدالله القمزي

في 4 يونيو 2009 خاطب الرئيس الأميركي باراك أوباما الجماهير العربية في القاهرة، مادحاً المسلمين لإسهاماتهم التاريخية العلمية والثقافية في الحضارة الإنسانية قائلاً: «دين الإسلام هو الذي حمل شعلة العلم لقرون خلت، ممهداً الطريق لعصر النهضة والتنوير في أوروبا.

يعود الفضل للمسلمين في تأليف علم الجبر واختراع البوصلة المغناطيسية وأدوات الملاحة، وفهم كيفية انتقال الأمراض وعلاجها».

خطاب أوباما يعتبر شهادة رئيس أقوى دولة بالعالم في تاريخ الإسلام والمسلمين المشرف، الذي امتد من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر الميلاي، أعلم أن المقارنة شبه مستحيلة مع وضع الأمة اليوم، لكن الغرض من المقدمة هو أن ماضينا يجب أن يكون دافعاً للنهوض. ستة قرون لم يفقد العرب فيها الصدارة فقط، بل تفككت الأمة وتفتتت، وأصبح من غير المستبعد نشوء دويلات هنا وهناك بعد أن كان ضرباً من الخيال منذ عشرة أعوام فقط.

• حكمة الشيخ زايد معروفة للقاصي والداني، وقد نال بسببها إعجاب كل قادة العالم واستحق لقب حكيم العرب.

السؤال هنا كيف سينهض العالم العربي؟ أوروبا دخلت اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية وحربين مدمرتين خلال 30 سنة، واحتاجت لأكثر من 20 عاماً للنهوض، لكنها نهضت وازدهرت.

لعل أفضل نموذج يحتذى به في المنطقة للنهوض هو نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تمكن من توحيد إمارات الدولة سياسياً بالإقناع، ثم وحّد المجتمع بالمساواة وإعطاء المواطنين حقوقهم كاملة، بالإضافة إلى الاهتمام بهم اهتماماً شديداً ورعايتهم كما يرعى الأب أبناءه، فكانت النتيجة اطمئنان الشعب وانطلاقه لبناء الدولة.

وهنا تكمن حكمته ونفاذ بصيرته رحمه الله، فالتاريخ أثبت أن الشعوب التي توحدت بالقوة تفتتت، والأمثلة كثيرة أبرزها الاتحاد السوفييتي السابق ويوغوسلافيا السابقة. أما الشيخ زايد فقد كان يعلم أن الدولة لتستمر فهي بحاجة إلى إحساس الجميع بضرورة الوحدة والمصير المشترك والإيمان بالانتماء للوطن، وبذل الغالي والنفيس في سبيله. واليوم ولله الحمد والمنة نحن نرى ثمار رؤية زايد في شكل دولتنا الحبيبة حماها الله.

حكمة الشيخ زايد معروفة للقاصي والداني، وقد نال بسببها إعجاب كل قادة العالم واستحق لقب حكيم العرب، بل واقترن اسمه بأفعال الخير وحسن الخلق، وما أكثر القصص التي سمعناها من مواطني الدولة عند إسدائهم خدمة للناس خارج البلاد، فإن الردّ يكون: ليس بغريبة على أبناء زايد. ذلك فكر زايد ومدرسته وإرثه.

الإمارات من الدول القليلة جداً في العالم التي أحب شعبها قيادته، لذلك فهي من أفضل النماذج التي يحتذى بها لأجل مشروع النهوض، حتى لو استغرق المشروع 30 عاماً أو نصف قرن، المهم أن ينهض العالم العربي ويزدهر وتعيش شعوبه في أمان واستقرار.

مسك الختام: بعد إعلان وفاة الشيخ زايد رحمه الله عام 2004، خرجت معظم الصحف العربية بعنوان واحد تقريباً: «الأمة العربية تفقد حكيمها» أو «رحيل حكيم العرب»، لم يقولوا حكيم دولة الإمارات بل قالوا حكيم الأمة العربية. تأملوها.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر