يا جماعة الخير

كـلّكم راعٍ

عائشة محمد المحياس

في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعلمنا من خلاله السلوك الحضاري في التعامل مع الرعية، بمختلف نوعياتهم، سواء كانوا طلبة، موظفين، أفراد أسرة، عمال منازل، إلخ.

فقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث لعبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - «ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

كم منا من هو ملتزم بتنفيذ هذا الحديث الذي يمس كل مبادئ السلوك الحضاري المرتبط ارتباطاً كلياً بعلم الإدارة، والجودة الشاملة والكفاءة لتحقيق التميز المطلوب في المؤسسات كافة، سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، أو غيرها؟ يرشدنا الحديث السابق إلى أهم المبادئ الأساسية لنجاح أية إدارة قد يديرها الفرد، سواء كانت أسرة، مستشفى، مدرسة، فريق عمل، والعديد من مؤسسات المجتمع، من حيث العمل على إدارة موارد المؤسسة المالية من دون تلاعب في الصرف والمبيعات والمشتريات والتحلي بمبدأ الشفافية، وتوثيق كل المبايعات والمشتريات وعرضها بشكل دوري حتى لا تتعرض للتدليس أو الفساد المالي، والتحلي بالصدق والموضوعية والحيادية، مع كل الأفراد المنتسبين له، سواء كانوا في مؤسسة أو أسرة، واختيار الموظفين الأكفاء للعمل، والاختيار الأمثل لعمال المنازل (خدم ومربيات وسائقون) حفاظاً على أمن الأسرة.

وتجب مراعاة الأمانة التي أوكلت الى الفرد بغض النظر عن نوعها، وتحمّل المسؤولية كاملة في إدارتها بما تتطلبه طبيعة العمل من احترافية وإنتاجية، والعمل على وضع خطط استراتيجية للوصول الى التميز، وتطوير العمل بما يتناسب مع المتغيرات الخارجية، ويجب قضاء بعض الوقت مع الأبناء وأفراد الأسرة للتعرف إلى المشكلات التي يعانونها والسعي إلى حلها، وذلك للحد من الظواهر الاجتماعية التي قد تضر بأمن المجتمع من طلاق وتعدد زوجات وفساد مالي وإداري، وتسرب من التعليم، والكثير من الظواهر الاجتماعية التي قد يعانيها المجتمع. المهام كثيرة والمسؤولية كبيرة والحصول على منصب مسؤول هو تكليف وليس تشريفاً، ولو أن كل فرد في هذا المجتمع بغض النظر عن وظيفته في الحياة، سواء كان طبيباً، مهندساً، مديراً عاماً، فراشاً، عاملاً، طالباً، ربة منزل، رب أسرة، سائقاً، خادماً، مدرساً.. إلخ، عمل بهذا الحديث الشريف لكنا قد قضينا على كثير من الظواهر السلبية الاجتماعية والاقتصادية. المجتمع بحاجة إلى التعامل مع السلوك الديني، ومراعاة الله في العمل، ولكن في مجتمعاتنا نرى العكس، على الرغم من قيام البعض (وليس الكل) بأداء الفرائض الدينية كافة، إلا أنه قد لا يلتزم بأداء المهام الموكلة إليه في عمله على أكمل وجه وبضمير حي يراعي الله فيه، ويراعي أفراد المجتمع أيضاً، فهو مؤتمن وسيحاسب على ذلك، سواء كان في الدنيا أو في الآخرة. أتمنى أن يضع كل فرد في المجتمع هذا الحديث في لوحة أمامه يقرأها يومياً، ويقوم بتنفيذها وهي«ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

تويتر