أكدتا أنهما لم تعلما بوجود مراكز لتأهيل المدمنين في الدولة إلا من خلال «تجربة المؤسسات العقابية»

أسرتا متعافيين: برامج التوعية بمخاطر الإدمان قاصرة وغير جذابة

قالت أسرتا شخصين في طور التعافي من الإدمان على تعاطي المخدرات، إن برامج التوعية المطلوبة لمساعدة أسر المتعاطين على كيفية اكتشاف حالة الإدمان، قاصرة وغير جذابة، مؤكدتين أنهما لم تعلما بمراكز تأهيل المدمنين اجتماعياً الموجودة في الدولة، إلا من خلال المؤسسات العقابية.

وأكدت زوجة أحد المتعافين في مركز «عونك» للتأهيل الاجتماعي، التابع لهيئة تنمية المجتمع في دبي، أنها عاشت مع زوجها أول أربع سنوات من الزواج دون أن يساورها أدنى شك بأنه مدمن، أو أن هناك أمراً خطيراً في حياته، مشيرة إلى أنه كان قادراً على إخفاء كل ما يمكن أن يثير انتباهها، رغم أنه كان مدمناً من قبل أن يتزوجها بسنوات طويلة، حيث بدأ الإدمان خلال فترة المراهقة.

وأضافت أنها واجهت صدمة كبيرة بعد اكتشافها أنه مدمن، ولم تعرف كيف تتصرف، مؤكدة أن صدمتها كانت أكبر حين علمت أن أهل زوجها يعلمون بمرضه، وأنها الوحيدة التي كانت تجهل ذلك.

وأضافت الزوجة، لـ«الإمارات اليوم»، أن برامج التوعية المتعلقة بالإدمان على المخدرات تقتصر على توفير معلومات عامة عن مخاطر الإدمان، لكنها لا توضح لأفراد المجتمع كيفية اكتشاف حالة الإدمان التي أظهرت التجربة أنها قد تكون مستترة تماماً.

وقالت إن زوجها كان لديه أساليب كثيرة أخفى من خلالها إدمانه، منها غيابه الطويل خارج المنزل بحجة انشغاله بالعمل الذي ساعدت طبيعته على تبرير بقائه بعيداً عن الأسرة أياماً وأسابيع.

وتطرقت الزوجة إلى تأثير عاطفة أهل زوجها عليه ومساهمتهم دون قصد في استمرار إدمانه، وانسياقه وراء رغباته، دون أي إدراك أو إحساس بالمسؤولية، إذ كان يعتمد عليهم في كل صغيرة وكبيرة في تسيير شؤون حياة أسرته، خصوصاً أنه كان مستغلاً وجوده معهم بعد الزواج في المنزل نفسه.

وتابعت أنها بعدما اكتشفت إدمانه باتت أكثر فهماً لمعنى تصرفات أهل زوجها التي تميزت بمبالغة شديدة في الاهتمام والمداراة، وذلك لأنهم من ناحية كانوا يعتبرون أن تلك الطريقة تمنع وقوع أي مشكلة متعلقة بمزاجه أو سلوكه كمدمن، ومن ناحية أخرى حتى يضمنوا أن يبقى مرضه غير معروف.

وانتقلت الزوجة إلى منزل مستقل تتحمل فيه مسؤوليات كانت سابقاً تجد من يساعدها فيها، لكنها آثرت الانتقال رغم أنها امرأة عاملة وأم لثلاثة أطفال، حيث سارعت للاستقلال بحياتها مع زوجها في إطار تنفيذ خطة التأهيل التي تقتضي أن تبعد هي وزوجها عن مؤثرات عاطفية أو اجتماعية على الأغلب ستؤثر سلباً على مسيرة التأهيل والتعافي التي تطمح إلى أن ينجح زوجها في إنجازها.

من ناحيتها، قالت أخت أحد المنضمين إلى عضوية مركز عونك للتأهيل الاجتماعي، لـ«الإمارات اليوم»، إنها قبل أن تتعرف إلى المركز لم تكن تعلم كيف يمكن أن تتصرف مع شقيقها، معربة عن استيائها الشديد من أنه بعد كل تلك السنوات لم تنجح برامج التوعية وخطط مواجهة المرض في أن تكون جزءاً من ثقافة مؤسسات ومجتمع، وأنها مازالت محصورة في تقديم أدبيات تعرض ضمن محاضرات موسمية، فيما السواد الأعظم من المعنيين بالأمر من أسر ومتضررين من إصابة الشباب بمرض الإدمان يعانون. وأكدت أن شقيقها استسهل طريق الإدمان أمام عجز الأسرة عن التعامل معه، وفق أسس علمية وأساليب مدروسة، مؤكدة أنها رغم اطلاعها وعلمها إلا أنها كانت تقف عاجزة أمام مشكلته إلى حد أنها كانت تتجنب الحديث إليه في أي موضوع، خوفاً من استخدام كلمة غير مناسبة، حتى جاء يوم وعرفت عن مركز عونك، وبدأت تستفيد من جلسات الدعم والتوعية التي تعقد لأسر الحالات المسجلة في المركز.

وشرحت أنها تعمل منذ أن أنهت الدراسة، وعملت في عدد من المؤسسات الحكومية، ولاتزال تداوم في إحدى المؤسسات الكبرى، إلا أنها لم تشهد كل تلك السنوات حملات توعية فعالة ومنتظمة ونوعية تتعلق بمرض الإدمان على المخدرات، لا في أماكن العمل، ولا في الأماكن العامة.

وأكدت أن المطلوب إحداث نقلة نوعية في مستوى برامج التوعية المتعلقة بالإدمان على المخدرات، كماً ونوعاً، إذ إنها تبدو في منأى عن حاجات المجتمع، وتحديداً حاجات الأفراد والأسر التي قد يعاني أبناؤها سنوات طويلة قبل أن يهتدوا لوجود من يساعدهم من مؤسسات واختصاصيين في المجال.

إلى ذلك، أكدت هيئة تنمية المجتمع في دبي، لـ«الإمارات اليوم» أن أكثر من 80% من حالات الاستمرار في طريق الإدمان أو الانتكاسة في مرحلة التعافي يرجع إلى التواطؤ العاطفي مع المدمن من قبل أهله، من دون قصد، وظناً منهم أنهم يساعدونه على مواجهة المرض.

وأشارت الهيئة إلى أن هناك أسراً تستقبل أبناءها الخارجين من حكم بالسجن بسبب الإدمان على المخدرات بمبالغ مالية طائلة، ليذهبوا بها في رحلات سياحية خارج البلاد، بينما هم لايزالون في أول أيام محاولاتهم للتخلص من الإدمان.

وتابعت: «نجاح أي خطة علاج تأهيلي للمدمنين يتوقف على الدور المطلوب لأسرته بوعي ومعرفة، ووفق الأسس العلمية المعمول بها، وأن يتعاملوا معه على أساس أنه يجب أن يتحمل المسؤولية، وعلاجه من المرض لن يتحقق إلا إذا أدرك أنه يجب أن يكون متماسكاً وقادراً على مواجهته، وليس الهروب منه بالسفر واللهو».


أهداف مركز «عونك» للتأهيل الاجتماعي

رفع مستوى الوعي لدى فئات المجتمع للوقاية من مخاطر التعاطي والإدمان.

تأهيل المتعافين للاستمرار في التعافي من خلال برامج علاجية مناسبة وفق الأسس العلمية المعترف بها.

دعم المتعافين وأسرهم من خلال برامج الدمج والرعاية الاجتماعية.

دمج المتعافين في المجتمع كأفراد فعالين ومنتجين.

تنمية المهارات النفسية والاجتماعية ومهارات التعافي للمتعافين.

المتابعة الدورية للمتعافين.

«عونك»

أطلقت هيئة تنمية المجتمع في دبي مركز «عونك» للتأهيل الاجتماعي للمتعافين من الإدمان والمعرضين لخطره، ويهدف إلى تقديم خدمات الرعاية اللاحقة جراء تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، وذلك في إطار جهود الهيئة المستمرة لمنع تطور الإدمان عند الشباب أو متعاطي المواد المخدرة، ساعيةً إلى مساعدة من يتعافى على عدم العودة للتعاطي، إضافة إلى نشر ثقافة الوعي بين الجمهور حول مخاطر الإدمان.

هيئة تنمية المجتمع:

80 % من حالات الانتكاسة سببها التواطؤ العاطفي مع المدمن من قبل أسرته.

تويتر