حسين يُهدي كليته إلى أمه.. ووليد ولطيفة يمنحان والديهما الأمل بجزأين من كبديهما

مواطنون شباب يتبرّعون بأعضائهم لإنقاذ حياة ذويهم

صورة

يبادر العديد من الشباب إلى تجسيد مبدأ بر الوالدين، والتكافل والتضامن والرحمة داخل المجتمع، عبر التبرع بأعضائهم لإنقاذ حياة ذويهم وأشقائهم.

ورصدت «الإمارات اليوم» العديد من الشباب المواطنين، الذين ضربوا المثل في التضحية، من خلال التبرّع بعضو من أعضائهم لإنقاذ آبائهم وأمهاتهم، وإنهاء معاناتهم المرض، ومنحهم فرصة الحياة من جديد، فيما يرفض الوالدان في بداية الأمر هذا التبرّع، خوفاً على صحة وحياة أبنائهم، إلا أنهم يرضخون في نهاية الأمر أمام إصرار الأبناء.

وتبرّع الشاب المواطن حسين الماس، البالغ من العمر 30 عاماً، بالكُلى لوالدته، عقب اكتشاف وجود تلف في الكليتين، وفضل هذا الحل على ترك والدته تعاني متاعب وآلام الغسيل الكلوي، معرباً عن سعادته الكبيرة بتعافي والدته، حيث باتت تمارس حياتها بشكل أفضل.

وقال: «عقب اكتشاف مرض والدتي سافرنا للعلاج في الخارج، ولكن لم نجد حلاً، وعقب عودتنا خيّرنا الأطباء بين غسل الكلى أو الزراعة، فقررت التبرع لوالدتي، بعد أن أظهرت الفحوص التي تم إجراؤها تطابق الأنسجة بيننا»، مشيراً إلى أن والدته رفضت الأمر في البداية، خوفاً عليه وعلى صحته مستقبلاً، إلا أنه أصرّ وتم إجراء عملية التبرع.

وأضاف: «أمارس حياتي بصورة طبيعية بعد إجراء عملية التبرع بالكلى، وانتظمت في عملي بعد أسبوعين فقط من إجراء الجراحة، وقد ساعدني على ذلك ممارستي الرياضة منذ الصغر، لافتاً إلى أن قرار التبرع بالكلى لوالدته كان القرار الأهم والأفضل في حياته، خصوصاً بعد أن زالت الآلام عنها، وأصبحت تمارس حياتها بصورة طبيعية».

فيما تبرع الشاب وليد أحمد الحضرمي، بجزء من كبده لوالده، واضعاً حداً لمعاناته حالة قصور في الكبد، خصوصاً أن الأب المريض لديه تسعة أبناء.

وقال: «عندما تفاقمت حالة والدي المرضية، وعلمت أن الأمر الوحيد الذي يمكن أن ينقذ حياته هو زراعة الكبد، لم أتردد أبداً بالتبرع له بجزء من كبدي، وشعرت بالارتياح والسعادة، لأنني سأكون قادراً على أن أقدم هذا لوالدي»، مشيراً إلى أن ما قام به هو جزء بسيط تجاه حق والده وأسرته عليه، والمساهمة في عدم حدوث أي ارتباك في حياة عائلته.

فيما أكدت المواطنة لطيفة إسماعيل، البالغة من العمر 35 عاماً، إنها لم تتردد لحظة في التبرع لوالدها بجزء من كبدها، بسبب حبها الشديد له، مشيرة إلى أن التبرع ثقافة عطاء يجب أن تكون منتشرة بين الجميع.

وقالت: «سارعت وجميع شقيقاتي بعمل التحاليل اللازمة، وكنت أدعو الله أن تتطابق أنسجتي مع أنسجة والدي، لأنال هذا الشرف»، مشيرة إلى أنها لا تشعر بأي تغير في حياتها بعد إجراء عملية التبرع، إلا أن سعادتها وسعادة العائلة زادت بشكل كبير بعد شفاء والدها.

من جانبه قال المواطن إسماعيل إبراهيم، البالغ من العمر 60 عاماً، «كنت أعاني قصوراً في الكبد، وراجعت أكثر من مستشفى، إلى أن تم تحويلي إلى مستشفى كليفلاند، حيث أجريت لي فحوص متعددة، أوضحت حاجتي لزراعة الكبد، وما أسعدني بحق هو مسارعة جميع أبنائي على إجراء الفحوص اللازمة للتبرع لي بجزء من الكبد، وتم اختيار ابنتي لطيفة للتبرع، وحالياً صحتي جيدة وأستطيع الحركة وممارسة حياتي بشكل طبيعي».

شيماء تتبرّع بكليتها لشقيقتها

تبرّعت المواطنة شيماء الحبسي، بكليتها إلى شقيقتها فاطمة، بعد أن تعرضت لحادث سقوط في منزلها خلال فترة حملها، أدى إلى فقدانها جنينها، وبعد تعافيها من الحادثة، لازمها الشعور بالتعب، وأظهرت الفحوص أنها تعاني فشلاً كلوياً، إذ كانت كليتاها تعملان بنسبة 5% فقط، وأوصى الأطباء بخضوعها لغسيل كلى وإعطائها الأدوية اللازمة، إلا أن قلة الشهية التي تعد من الأعراض الأساسية لمرض الكلى تسبب في تراجع صحتها، وبعد تعرضها لحادث سقوط آخر، أخبرها الأطباء أن غسيل الكلى لم يعد مجدياً لحالتها، وأنها تحتاج إلى العلاج الفوري.

وقالت شيماء: «كنت خائفة جداً على شقيقتي، وعندما تم إبلاغ العائلة بحاجة فاطمة إلى عملية زراعة كلى، اكتشفت أنني الوحيدة التي تملك زمرة دم مطابقة لزمرة دم فاطمة، فعرضت، ودون أي تردد، أن أكون أنا المتبرعة، وأجبت على الفور: أنا على استعداد تام للتبرع بكليتي لشقيقتي، إذا لم أقف أنا إلى جانبها، فمن سيفعل؟».

وأضافت: «عائلتي شجّعتني، ووجدنا كل الدعم من أطباء مستشفى كليفلاند أبوظبي قبل العملية وبعدها»، معربة عن سعادتها الكبيرة بتعافي شقيقتها، مشيرة إلى أن شقيقتها قبل العملية لم يكن بمقدورها القيام بأي شيء، وكانت عاجزة عن الأكل أو الحركة، لكنها الآن تعافت تماماً، وباتت تتمتع بالطاقة والحيوية.

4 مستشفيات لزراعة الأعضاء

اعتمدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أربعة مستشفيات في الدولة لزراعة الأعضاء، بعد تقييمها من قبل جهات مختصة، هي مستشفى كليفلاند في أبوظبي، ومستشفى الشيخ خليفة في أبوظبي، ومستشفى الجليلة للأطفال في دبي، ومستشفى مدينة ميد كلينك في مدينة دبي الطبية، بالإضافة إلى وجود مستشفيات أخرى معتمدة لاستئصال الأعضاء، هي مستشفى القاسمي في الشارقة، ومستشفى الفجيرة، ومستشفيا راشد والمفرق.

268 عملية نقل أعضاء

أكد أطباء في مستشفيات حكومية وخاصة، أن التبرع بالأعضاء يعد مهمة إنسانية نبيلة، تمثل رمزاً مضيئاً للتآخي والتكاتف الإنساني، وذلك بعد أن أصبح التبرع بعد الوفاة واقعاً ملموساً في دولة الإمارات، منذ إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2016، بشأن تنظيم وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية في الدولة.

وأظهرت بيانات وإحصاءات رسمية صادرة عن شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، نجاح 268 عملية نقل وزراعة أعضاء في الدولة، حتى نهاية عام 2018، حيث تم إجراء زراعة 255 كُلية من الأقارب بنجاح منذ عام 2008، وعلى المنوال نفسه نجح مستشفى كليفلاند كلينيك بأبوظبي في زراعة 13 كلية وكبداً من الأقارب، وذلك من بين أربع منشآت صحية مُرخص لها بإجراء مثل تلك الجراحات.

وتم إنقاذ حياة 34 شخصاً مريضاً، بالاعتماد على أعضاء من 10 حالات تبرع بعد الوفاة، كما تم نقل تسعة أعضاء من تلك المتبرع بها إلى المملكة العربية السعودية، وتعتبر مدينة الشيخ خليفة الطبية من المراكز الطبية التي حققت السبق في مجال زراعة الكُلى من الأقارب في الدولة.

تويتر