آراء

دعوى قضائية بسبب 5 مواد دراسية

قضية اليوم غريبة بعض الشيء، رفعها ولي أمر طالبة على إحدى المؤسسات التعليمية متهماً إياها بالتلاعب في نتيجة ابنته، والقيام بتحوير الحقيقة وتبديلها، الأمر الذي أدى لرسوبها وإعادتها السنة الدراسية، مطالباً بالتعويض.

وأتاحت المحكمة للطرف الآخر الرد على الدعوى، وانتدبت أحد الخبراء المختصين في المجال التعليمي لمد المحكمة بتقرير فني بعد الاستماع لطرفي الدعوى وتمحيص المستندات والأوراق الخاصة بالدعوى لفحصها ومراجعتها، ليخلص لرأي فني وتوصية يزيل بها تقريره ويرفعها للمحكمة.

واتضح للخبير أن الطالبة رسبت في خمس مواد من أصل عشر تمت مراجعة جميع أوراق إجاباتها، ومقارنة أرقامها بالأرقام المدخلة في شهادة التحصيل الدراسي بموقع المدرسة على الإنترنت، وانتهت المراجعة إلى صحة الأرقام المبينة بالنتيجة النهائية ومطابقتها مع ما حصلت عليه الطالبة من درجات فعلياً، ما يعني عدم صحة ما ورد بالدعوى من ادعاءات، لتنتهي المحكمة إلى رفض الدعوى.

تثير القضية مسائل عدة جديرة بالشرح: أولاها مسألة الدفع بالتزوير، فقد بيّن قانون الإثبات أن الطعن بالتزوير يرد على المحررات الرسمية والعرفية، أما إنكار الخط أو الختم أو الإمضاء أو بصمة الإصبع؛ فلا ترد إلا على المحررات العرفية، ويقع على الطرف الطاعن بالتزوير عبء إثبات صحة طعنه، أما من ينكر صدور المحرر العرفي منه أو يحلف بعدم علمه بصدوره ممن تلقى الحق عنه، فيجب على خصمه إثبات صدوره منه أو من سلفه.

وفي حال أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو نفى الوارث أو الخلف بعدم علمه بأن المحرر صدر ممن تلقى الحق عنه، وتمسك الخصم بالمحرر، ومتى كان المحرر منتجاً في الدعوى؛ جاز للمحكمة أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود أو بكليهما، وذلك في حال لم تكفِ المستندات المقدمة في الدعوى لتمكين المحكمة من تكوين عقيدتها وانتهاء قناعتها لإصدار قرار بشأن صحة المحرر من عدمه.

المسألة الأخرى لجوء المحكمة للخبرة في المسائل التي تحتاج لرأي فني يعين المحكمة على الوصول لرأي صائب وعادل بعد سبر غور تفاصيل الدعوى وتمحيصها من قبل الخبير المنتدب، وأعطى قانون الإثبات المحكمة الحق في ندب خبير أو أكثر من بين موظفي الدولة أو من الخبراء المقيدين في جدول الخبراء للاستنارة برأيهم في المسائل التي يستلزمها الفصل في الدعوى، وحسناً فعل القانون بتبني نظام الخبرة الذي يوفر للمحكمة الوقت والجهد ويمدها برأي فني متخصص يسهم بقدر كبير في الانتهاء لقرار صائب وعادل.

المسألة الأخيرة التي تثيرها القضية التعويض عن الضرر والمنصوص عليها في قانون المعاملات المدنية والذي يهدف لإلزام الطرف الذي ارتكب خطأ نجم عنه ضرر لطرف آخر بأداء التعويض للأخير عما يكون قد لحق به من خسارة وما فاته من كسب، وسواء كان الضرر مادياً أو أدبياً فلابد من توافر ثلاثة أركان للقضاء بالتعويض عنه: أولها وقوع خطأ، وثانيها أن يترتب ضرر من جراء ذلك الخطأ، وأخيراً توافر علاقة سببية بأن يكون الخطأ المرتكب هو السبب في الضرر الواقع.

محامٍ

تويتر