تعد تقريراً تفصيلياً عن الحالة الاجتماعية والنفسية والصحية والجنائية لطالب الحضانة

«لجنة الاحتضان» في محاكم دبي تحسم نزاعات أسرية معقدة

صورة

قال رئيس محكمة الأحوال الشخصية في محاكم دبي، القاضي خالد يحيى الحوسني، إن الخلاف حول الحضانة والرؤية في النزاعات الأسرية يُعد الأكثر تعقيداً في ظل ارتباطه بالأطفال، وتأثيرهما المباشر على حالة ونفسية الطفل ومستقبله، مؤكداً أن المنظومة التشريعية متكاملة ومتينة، لكن الخلل يظل في انعدام الوعي لدى بعض الآباء في إدارة الخلافات الأسرية وإصرارهما على العناد والمكابرة والرغبة في إيذاء الآخر، حتى لو كان ذلك على حساب الأطفال.

وأكد أن «لجنة الاحتضان»، التي شُكلت بموجب القرار رقم 7 لسنة 2022 الذي أصدره سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية رئيس المجلس القضائي، بدأت تمارس دوراً فاعلاً في حسم أحد أكثر الخلافات الأسرية تعقيداً، وهو النزاع على «حضانة الأطفال»، وضمان حصولهم على الرعاية من الشخص الجدير بهم.

وتفصيلاً، قال الحوسني لـ«الإمارات اليوم» إن لجنة الاحتضان تتألف من ممثلين عن المحاكم، وآخرين من هيئة تنمية المجتمع، واثنين من شرطة دبي معنيين بحماية الأطفال، وتتولى إعداد تقرير مفصل عن الحالة الاجتماعية والنفسية والصحية والجنائية للشخص طالب الحضانة، أو المقرر أن تحكم له المحكمة بذلك، والتأكد من أهليته من خلال زيارات ميدانية وإجراءات أخرى لهذا الغرض.

وأوضح أن محكمة الأحوال الشخصية تبذل أقصى ما بوسعها لتحقيق العدالة في هذا الجانب، وضمان تحقيق مصلحة الطفل، لكن كان من الوارد أن يخفق أحد الطرفين في إثبات استحقاقه للحضانة، لسبب أو لآخر، وبناء على ذلك كان القاضي سابقاً يحكم بموجب ما يتوافر لديه من أدلة وقرائن، ولكن في ظل تشكيل لجنة الاحتضان صار الأمر مختلفاً، إذ يتم التدقيق على جميع التفاصيل من خلال زيارات ميدانية لطالب الحضانة والتعرف إلى أوضاعه الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، بل والتدقيق على سجله الجنائي.

وكشف أن من القضايا المهمة التي لعبت اللجنة دوراً في حسمها، نزاع على حضانة بين أم مطلقة، وأب تذرّع بزواجها من شخص أجنبي بعد طلاقها لطلب حضانة طفلهما. وتبين من خلال دراسة الحالة الاجتماعية أن الأب لا غبار عليه من الناحية الأخلاقية والجنائية، إلا أنه كان منشغلاً بزيجاته وأولاده من زوجاته الأخريات، إضافة إلى عمله، والأم كانت متفرغة لرعاية الصغير والإشراف عليه ومتابعة شؤونه في المدرسة ما جعله متفوقاً دراسياً، وكذلك من الناحية التربوية والأخلاقية، وبالتالي انتهت إلى أن الطفل المتنازع عليه لا يمكن أن يحظى لدى الأب بالاهتمام ذاته الذي توفره أمه. ولفت إلى أنه في مثل هذه الحالات تبرز أهمية دور اللجنة، التي تساعد القاضي في اتخاذ قراره ولديه ثقة كاملة بأن الطفل في يد أمينة.

وأوضح الحوسني أن الخلاف حول الحضانة والرؤية في النزاعات الأسرية يُعد الأكثر تعقيداً في ظل ارتباطه بالأطفال، وتأثيرهما المباشر على حالة ونفسية الطفل ومستقبله، مؤكداً أن المنظومة التشريعية متكاملة ومتينة، لكن الخلل يظل في طرفَي النزاع وإصرارهما على إيذاء الآخر أو التهرب من النفقات حتى لو كان ذلك على حساب الأطفال.

وأضاف أن قانون الأحوال الشخصية في مجمله واضح ويقدم مصلحة الطفل على مصلحة الجميع، ولكن المسألة تقديرية وكل طرف يرى نفسه الأصلح باحتضان الطفل، وأي نتيجة تتوصل إليها المحكمة لن ترضي جميع الأطراف، خصوصاً أن كلاً منهما يشد الطفل ناحيته.

وأكد أن لجنة الاحتضان، التي تم إنشاؤها بالاستناد إلى قانون وديمة واللائحة التنفيذية له، تعكس حرص القيادة على استقرار الأسرة وتحقيق مصلحة الأطفال باعتبارهم مستقبل الدولة.

وبحسب القرار رقم 7 لسنة 2022 الذي أصدره سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم فإن لجنة الاحتضان تتألف من ممثلين اثنين عن محاكم دبي، أحدهما رئيس للجنة والآخر نائب له، يعيّنهما مدير المحاكم، واثنين من هيئة تنمية المجتمع، أحدهما من وحدة حماية الطفل يعيّنهما مديرها العام، وممثلين من شرطة دبي معنيين بحماية الأطفال يعيّنهما القائد العام لشرطة دبي، بالإضافة إلى تعيين أحد موظفي محاكم دبي مقرراً للجنة.

وتختص لجنة الاحتضان بمهام إعداد تقرير مفصل عن الحالة الاجتماعية والنفسية والصحية والجنائية للشخص طالب الحضانة، أو الذي ستحكم له المحكمة بذلك، والتأكد من أهليته، من خلال زيارات ميدانية تخصص لهذا الغرض.

إلى ذلك، قال الحوسني إنه في حالة عدم وجود الأبوين ولم يتقدم أحد من الأهل بطلب الحصول على حضانة الطفل، يتم إيداعه دار الرعاية التي توفرها الدولة.

وحول الموقف القانوني إذا كان الأبوان لا يتمتعان بالصلاحية الكافية للحصول على حضانة الطفل، أوضح الحوسني أن وجود الطفل مع أبويه أو أحدهما أفضل له بلاشك من أي مكان آخر، إلا أنه في بعض الحالات يقتضي سحب الحضانة منهما حماية للطفل.

وأضاف أن هناك حالات قليلة تصدر المحكمة فيها حكماً بمنح الحضانة لأحد من الأهل، مثل الخالة أو العمة أو الجدة، لكون الوالدين سيئين ولا يصلحا للحضانة، ورأت المحكمة أن من مصلحة الطفل عدم استحقاقهما لحضانته، مع منحهما حق رؤيته، ومتابعة أحواله بصورة دورية.

وأكد الحوسني أن الدولة شرعت هذه القوانين واتخذت المبادرات لضمان تحقيق أفضل رعاية ممكنة للأطفال، وحمايتهم من تأثيرات الخلافات الأسرية، وهناك مسؤولية وواجب أخلاقي على الأبوين تجاه أولادهما، مشيراً إلى أن الانفصال ليس نهاية المطاف، فهما بالغان يمكنهما استكمال حياتهما بشكل أو بآخر، لكن إفراطهما في العداء ومحاولة انتزاع الأطفال أو إثارة الضغينة في نفوسهم تجاه الأب أو الأم يترك ندوباً في نفسياتهم يصعب علاجها لاحقاً.

قرارات وتوصيات بالأغلبية

تُصدر «لجنة الاحتضان» القرارات والتوصيات بأغلبية أصوات أعضائها الحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي منه الرئيس.

ويستند إصدار تقرير صلاحية الحضانة إلى إجراءات محددة، تبدأ بتكليف اللجنة بإعداد تقرير بشأن صلاحية الحاضن، ثم يتولى عضو اللجنة المختص في وحدة حماية الطفل بهيئة تنمية المجتمع، زيارة طالب الحضانة، والتعرف إلى أوضاعه الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، ومدى قدرته على توفير الاحتياجات المعيشية والتعليمية والصحية اللازمة للطفل، كما يتم التأكد من خلو طالب الحضانة أو الذي ستحكم له المحكمة المختصة بالحضانة من أي مرض يمثل خطراً على الطفل المطلوب حضانته. ويستوجب القرار إرفاق شهادة حسن سيرة وسلوك لطالب الحضانة، كما يوقّع على نموذج الإقرار المعتمد من اللجنة، والذي يفيد بعدم ارتكابه لجريمة خارج الدولة. كما يتعين عليه إحضار شهادة من مركز الشرطة المختص بمنطقة سكنه وقت تقديم طلب الحضانة، تفيد بخلو سجله من أي بلاغات قُيّدت ضده أو أي بلاغات انتهت بتعهد أو إنذار أو بالحفظ. 

تويتر