«التجميل» يرفع الأمراض الجلدية 300%

   

 ارادت مريم التي تبلغ من العمر 22 عاما تبييض بشرتها لتبدو أكثر جمالا، ولجأت إلى استخدام أحد أنواع الكريمات، تعرفت إليه من خلال صالون تجميل، وبعد بضعة أشهر اكتشفت الفتاة أن الكريم يحوي مادتي الكورتيزون والزئبق واصابها بمرض «ترقق طبقات الجلد»، ومنذ ذلك التاريخ، لايمضي اسبوع، الا وتزور عيادة الأمراض الجلدية، للعلاج من آثار كريم تبييض البشرة، وفق رواية مريم.
وعزا الاطباء مرض «ترقق طبقات الجلد»، إلى استخدام الفتاة لكريم يحتوي على مادة الكورتيزون، جعل طبقة جلدها رقيقة جدا، وسهلة التمزق.
 
ووفق رواية مريم، أنها تعرفت إلى هذا الكريم في صالون تجميل نسائي، يستخدمه لتبييض بشرة المترددات بمختلف اعمارهن، وعندما لاحظت أنه بيض بشرتها، داومت على شرائه من محل كبير داخل أحد المراكز التجارية في الشارقة، لكنها اصيبت بعد بضعة اشهر بهذا المرض، وعزا الاطباء السبب في المرض إلى ان الكريم عبارة عن خلطة صنعها غير متخصصين، ضمت مواد خطرة ومحظورة.
 
ومريم ليست الحالة الاولى التي تصاب بهذا المرض، وفق الاستاذ في كلية الطب بجامعة الامارات الدكتور إبراهيم كلداري، الذي ابلغ «الإمارات اليوم» بأن «الدولة تشهد ارتفاعا كبيرا في عدد ضحايا مستحضرات التجميل والكريمات المخلوطة بمواد الزئبق والكورتيزون والرصاص».
 
ولفت الى ان «عددا كبيرا من المحال الشهيرة، وصالونات التجميل، والبقالات في مختلف الامارات تعرض كريمات ومستحضرات تجميل ضارة، تصيب الجلد بأمراض مزمنة»، مضيفا أن «عددا كبيرا من مرضى عيادات الامراض الجلدية، من ضحايا مستحضرات تجميل مجهولة المصدر، عرضها لهم باعة جائلون يطوفون على المنازل».
 
وتابع «في الفترة الاخيرة تضاعف الاقبال على مستحضرات التجميل بصورة بلغت حد الهوس»، ما اغرى بعض المحتالين إلى استيراد مستحضرات تجميل مكونة من خلطات ضارة وبيعها للمستهلكين»، موضحا أن «مادة الزئبق تساعد على تبييض البشرة، ويستخدمها هؤلاء المحتالون في خلطات التجميل بنسب عالية لتؤدي نتائج تبييض كبيرة، على الرغم من خطورتها على سلامة الجلد».

وكشف ان «مستوردي هذه المستحضرات يسجلون في اوراق الاستيراد انها مواد تجميل وليست مستحضرات طبية، حتى لا تخضع لرقابة وزارة الصحة، على الرغم من علاقتها المباشرة بالصحة العامة».
 
وعدد الدكتور كلداري مجموعة من الامراض التي تخلفها خلطات التجميل العشوائية قائلا إن «مادة الزئبق التي يكثر استخدامها في هذه الخلطات تتسبب في الاصابة بمرضي البهاق والبرص، ويتسبب الرصاص في الاصابة بسرطان الجلد».
 

ولفت الى ان الاضرار لا تقتصر على السيدة المستخدمة لهذه الكريمات بل تنتقل الى الجنين، اذا كانت حاملا، مشيرا إلى أن «الكرتيزونات والهيدروكينون التي تستخدم في مستحضرات التجميل في الدولة محظور بيعها في دول اوروبا، لأنها تنتقل الى الاجنة، مسببة في تشوهها خلقيا للاجنة».

واضاف كلداري أن «الاستخدام المتكرر لهذه المستحضرات، يؤدي الى انتقال المواد الخطرة التي تحويها الى الدورة الدموية، مسببة أمراض القصور الكلوي وتليف الكبد، وسرطانات الجلد والغدد الليمفاوية». 
 
واشار الى ان «هذه الخلطات التجميلية العشوائية ساهمت في ارتفاع نسبة الاصابة بالامراض الجلدية»، موضحا انه اجرى دراسة بحثية على 30670 مريضا جلديا في الدولة خلال العام الماضي انتهت الى ان «حجم الاصابة بالامراض الجلدية في الدولة ارتفع بنسبة 300% خلال سنوات قليلة، خصوصا مرضي البهاق والصدفية»، لافتا الى ان «الامارات صارت من اعلى الدول في الاصابة بهذه الامراض»، معتبرا هذا الارتفاع الكبير في الاصابة بالامراض الجلدية «خطراً».
 
وأكد كلداري ان «الدراسة اثبتت ان نسبة الاصابة ببعض الامراض الجلدية، في الدولة خصوصا مرض البهاق زادت عن الهند وبريطانيا وكندا والمكسيك». ودعا كلداري الى تشديد الرقابة على «الصيدليات ومحال البقالة ومحال بيع مستحضرات التجميل وصالونات التجميل كونها مصدر ترويج هذه المستحضرات العشوائية للمواطنين والمقيمين»، مطالبا باتخاذ اجراءات مشددة «لمنع بيع المستحضرات التي تحوي على مادة الكورتيزون دون وصفة طبية».
 

من جانبه، أقر مدير ادارة الرقابة الدوائية في وزارة الصحة عيسى بن جكة المنصوري بوجود هذه المستحضرات في صيدليات ومحال بيع ادوات تجميل في المراكز التجارية، داعيا المستهلكين الى «ابلاغ الوزارة عن اي صيدلية تبيع هذه المستحضرات، لاتخاذ اجراءات عقابية ضدها»، وتابع «ادارة الرقابة الدوائية تنظم حملات تفتيش دورية على الصيدليات، واذا ثبت عرضها هذه المستحضرات للبيع، يتم مصادرة الكميات المضبوطة، واتخاذ اجراءات عقابية ضد الصيدلية والمستودعات الموردة، تصل الى حد الاغلاق ستة اشهر».

 

تويتر