«بحرنا المشترك» الشرق مهد الغرب

صدر عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث كتاب جديد، بعنوان «بحرنا المشترك: الشرق مهد الغرب»، لمؤلفه ياكو هامين أنتيلا، أحد أهم رجالات المجتمع العاملين في قضايا الحوار والتقارب والتفاهم بين الحضارات والشعوب والأديان، وترجمه إلى العربية ماريا باكلا، وهو كتاب غني بالمعلومات، ويمد جسور التواصل بين القارئ العربي والثقافة الغربية عموما. يحكي الكتاب سيرة العلاقة بين الشرق والغرب في عملية ترتيبية لحقبة تاريخية موغلة في القدم، عبر دورات تاريخية لاتزال مستمرة منذ 2500 عام، وكيف أن الثقافة الغربية ولدت في الساحل الشرقي لمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، ولم يكن لأوروبا أن تكون أوروبا من دون ذلك العالم الذي كان يحيط بها، موضحاً أن أوروبا ولدت وسط حوارات وتدفقات واستعارات ثقافية، وعلى امتداد مئات السنين كان للمناطق الشرقية والجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط تأثير كبير في ما يحدث في شمال المنطقة.

يؤكد المؤلف في الكتاب مقولة أن الثقافة لا تولد من فراغ، بل هي حصيلة مجموعة من المؤثرات المختلفة منذ أقدم العصور حتى الآن، ومن المؤكد أنه لا سبيل إلى تقدم أي حضارة لا تحاول الربط بين حاضرها وبين الحضارات السابقة، إلى جانب ضرورة الاعتراف بغزارة ما قدمه الشرق للغرب، وبضرورة الاعتراف بفضل الشرق على الغرب.

ويرى الكاتب أن الثقافة الغربية استعارت من الشرق ومن الجنوب الكثير، قبل أن تتمكن من أن تعيش عصرين ذهبيين، وقد تطورت الثقافة اليونانية القديمة، وأصبحت بشكلها الكلاسيكي بعد أن انهمرت عليها المؤثرات الشرقية انهمارا، في مجال الفنون والعلوم والدين والفلسفة، ولم تنشأ أوروبا في الحقبة المتأخرة من العصور الوسطى إلاّ بعد أن عرفت العلوم والفلسفة العربية طريقها إليها مترجمة. ويوضح المؤلف أن المؤثرات الثقافية انتقلت على المستوى الشعبي، من خلال التعاملات التجارية، كما انتقلت المنتوجات والتقنيات الحرفية المختلفة أيضاً بكل سهولة من منطقة إلى أخرى، ما وحد الموروث الشعبي، لأن القصص الجيدة عادة ما كانت تجد آذاناً صاغية في المناطق اللغوية الجديدة.

تويتر