كـل يــوم

سؤال مهم لما بعد الصورة!

سامي الريامي

انتشرت صورة للصالة ذاتها في «بريد الإمارات»، عقِب استياء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من مستوى الخدمة المقدم، وتكدّس المراجعين في تلك الصالة، وبشكل لا يتناسب أبداً مع مستوى الإمارات، وما وصلت إليه من تقدم في مجال تقديم الخدمات الحكومية.

الصورة الجديدة أظهرت اختلافاً كاملاً عن سابقتها، على الرغم من قرب المدة الزمنية بين الصورتين، فهي في قمة النظافة، ولا تكاد ترى فيها سوى قِلة قليلة من المراجعين دون ازدحام، ودون صخب، ودون ملامح استياء وضجر على الوجوه، والسؤال الذي يقفز فوراً إلى الذهن بعد مشاهدة صالة بريد الإمارات، قبل وبعد ملاحظات الشيخ محمد بن راشد، هو: إن كان المسؤولون عن تقديم الخدمات في هذه المؤسسة يمتلكون الإمكانات والقدرة على تسهيل تقديم الخدمة للمراجعين بالشكل الصحيح والمناسب، ويمتلكون القدرة على تخليص المعاملات بسرعة تحول دون تكدس الطوابير بشكل غير حضاري، فلِمَ لم يقوموا بهذا الفعل قبل استياء الشيخ محمد؟

أمر غريب حقاً، وأعتقد أن الصورة الجديدة هي دليل إدانة حقيقي لكل من يتولى المسؤولية في بريد الإمارات، لأنهم هم المسؤولون بشكل مباشر عن تردي الأوضاع، ومن المؤكد أن التغيير الجذري الشامل الذي حدث في أيام بسيطة لم يكن مستحيلاً، ولم يكن يتطلب قدرات هائلة غير متوافرة لدى الموظفين، أو مخصصات مالية ضخمة لم يكن بالإمكان توافرها، والأمر برمته لا يعدو كونه إهمالاً وسوء إدارة!

فالفترة الزمنية الضيقة التي تمت من خلالها عملية التغيير، تُثبت أن الوضع الداخلي صحح مساره، بالإمكانات نفسها، وبالموظفين أنفسهم، وبالطاقات الموجودة نفسها، وهذا أمر يستدعي التحقيق، ويستدعي المحاسبة، بل ويستدعي التغيير، لأن العقلية التي لا تعمل إلا بعد وصول الأوامر هي عقلية غير جديرة بتولي المسؤولية، فالتطوير ومواكبة توجهات الحكومة، والعمل على تسهيل تخليص معاملات المراجعين، والرقي بالخدمات، هي مسؤولية الإدارة التنفيذية في كل الجهات الحكومية، في حين أن وضع الاستراتيجيات، والإشراف على تنفيذها، وتوفير الإمكانات، هي مسؤولية القيادة!

عموماً، الحالة لا تنطبق على بريد الإمارات فقط، بل إن كل مسؤول حكومي يستطيع العمل والإنجاز والتطوير، ويمتلك صلاحيات وأدوات وإمكانات التغيير، ولا يبادر ويجتهد بتحويل ذلك العمل إلى واقع إلا بعد تدخل القيادة العليا؛ لا يستحق البقاء على كرسي المسؤولية.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يتحمل من الضغوط والمسؤوليات ما يعجز عن حمله عُصبة من الرجال الأشداء، ولديه رؤية وأفكار وطموحات وأعمال يومية لا تكفي ساعات اليوم لإنجازها، ومع ذلك فهو دقيق ومتابع وحريص على سير الأمور في الجهات والمؤسسات الحكومية كافة، وفق مستوى عالٍ من الإبداع والدقة والجودة، لذلك فإنه لن يقبل أبداً بوجود مسؤولين عاجزين عن مواكبة التطور، ولا يبادرون أو ينجزون إلا بأوامر، فهؤلاء لا مكان لهم في عقلية وفكر محمد بن راشد.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر