5 دقائق

من نحن وماذا نريد

الدكتور علاء جراد

أفكار كثيرة متشابهة ومتداخلة تتراقص في ذهني، وتزيد من حيرتي في انتقاء الكلمات حول موضوع حيوي لكل إنسان، بل قد يكون موضوع بقاء، لم أدرِ ماذا أسميه، هل الهوية، أم الجانب الروحي، أم الصحة النفسية، أم الارتباط بالجذور وعدم الانسلاخ والبعد عنها؟ المتابع لما يدور حولنا وينشر في أغلب وسائل الإعلام سيصاب بالتشتت، وسيشعر بالضياع لأن كثيراً من الثوابت التي تربينا عليها نجدها الآن محلّ جدال بل وتشكيك، فبين الحين والآخر يخرج علينا أناس لديهم كومة من الشهادات والألقاب ليقولوا لنا إننا كنا على خطأ طوال العقود الماضية، وإنهم أتوا بالجديد، فذلك أكاديمي وباحث يدعي أن المسجد الأقصى ليس هو ما نعرفه في القدس، ثم يخبرنا عكس ما تعلمناه، بل ينسف معجزة ذات شأن، فيدعي أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يكن أمياً، بل كان يجيد القراءة والكتابة، والكثير من أمثال تلك الادعاءات التي لا يوجد عليها أدنى دليل علمي.

• «هل يمكن أن يقف الإنسان مع نفسه فيعيد حساباته ويحاول إعادة اكتشاف المعنى الحقيقي لوجوده، ودوره».

من ناحية أخرى، فقد طغت المادية والسلوك الاستهلاكي على الكثير منا، وبسبب زيادة صعوبات الحياة المادية ينسلخ الإنسان من روحه لاهثاً وراء توفير قوت يومه، فلا وقت للقراءة ولا وقت للعبادة ولا وقت للتأمل والتدبر، بل إن البعض قد ينسلخ من قيمه ومن دينه في بعض الأحيان، ومن دون أن يشعر يجد نفسه وحيداً عارياً مذبذباً، لا يأبه لما يجب أن يكون وما يجب أن يفعل، بل ينساق مع القطيع فيفعل ما يفعلون ويتبارى في التسابق في مضمار، مهما زاد العدو فيه يظل الإنسان في المكان نفسه.

هل يمكن أن يقف الإنسان مع نفسه فيعيد حساباته ويحاول إعادة اكتشاف المعنى الحقيقي لوجوده، ودوره، فيركز جل وقته وجهده وشغفه في ما يستحق، إن كتب التنمية الذاتية تذخر بمثل تلك التدريبات التي تساعد الإنسان على تقييم الأهم فالمهم، والطريقة البسيطة التي يمكن لكل إنسان تنفيذها دون تدريب، أن يتخيل أن أمامه مدة محددة للعيش، ولنقل ستة أشهر أو عاماً، فماذا سيفعل الإنسان في ذلك العام؟ بالتأكيد سيحاول ألا يضيع دقيقة واحدة هباء، وسيحرص على إرضاء من حوله وصلة رحمه، والكثير من الأمور الإيجابية التي شرعها المولى عز وجل لنا، سيكون أكثر تنظيماً وإنتاجية، وسيتوقف عن إهدار وقته ووقت الآخرين في مهاترات، سيعرف ما ثوابته وإلى أين تمتد جذوره، وسيحرص على العودة إليها وإلى ثوابته مهما كلفه ذلك، لماذا لا نقوم بذلك التدريب ولو مرة في العمر، فنقدر المعنى الحقيقي للحياة؟

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر