رؤية

«حماية المستهلك»بلا أسلحة!

نجيب الشامسي

نقدر الهدف المنطقي الذي من أجله تم استحداث إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، كما أننا نقدر الجهود المبذولة من قِبل القائمين على هذه الإدارة والداعمين لها، لقيامها بالدور المنوط بها في حماية المستهلك من الغش، والتدليس، والتلاعب بالأسعار، والحد من حدوث تجاوزات تستهدف المستهلك.

ولكن يبقى السؤال هنا حول ماهية قدرة إدارة حماية المستهلك على القيام بواجباتها ووظائفها، وترجمة الأهداف المنصوص عليها في قرار استحداثها، في ظل محدودية إمكاناتها البشرية، وغياب التشريعات التي تسن العقوبات التي يمكن أن تفرضها على المتجاوزين، فعدد العاملين في هذه الإدارة لا يجاوز الثمانية أشخاص، فكيف يمكن أن يغطي هذا العدد الأسواق التجارية في مختلف إمارات الدولة بمدنها وقُراها ومناطقها النائية؟!

وكيف يمكن لهذه الإدارة أداء واجباتها على النحو المناسب في ظل غياب تشريع قانوني، أو سلاح عقوبات يمكن أن يستخدمه موظفوها لردع المخالفين والمتجاوزين والمتلاعبين بأسواقنا المحلية والمستهلكين فيها؟!

إن المتابع لحقيقة القوى العاملة الوطنية في الوزارات والهيئات، يجد أن هناك سوء توزيع للموظفين العاملين، ففي الوقت الذي نجد أن هناك تكدساً في الموظفين في وزارة أو هيئة ما، نجد أن هناك نقصاً شديداً في وزارة أو إدارة أخرى، مثلما هي حال إدارة حماية المستهلك، كما أن هذا النقص الكبير والحاد في كادر العاملين في هذه الإدارة، مرشح للتزايد في ظل غياب الحوافز المادية والمعنوية فيها.

وغني عن القول، أن الإدارات المشابهة لها في دول عربية وأجنبية تتمتع بمزايا وأفضليات، كما أن المفتشين العاملين بدوائر الصحة المحلية، وكذلك في المصرف المركزي، وغيرها من الجهات الرقابية، يتمتعون ببدلات ومزايا تشجعهم على الاستمرار في العمل بحكم طبيعة عملهم.

وفي ضوء ذلك، فإنه من الطبيعي أن يكون هناك إحجام من الموظفين عن العمل في هذه الإدارة التي تحتاج إلى دوافع ومزايا وإغراءات للعمل فيها، ومن الطبيعي أن يتناقص العدد من هذه الإدارة، ليصل إلى ثمانية موظفين، إذ طبيعة العمل مختلفة.

من ناحية أخرى، فإن التشريعات والآليات المتوافرة لدى «حماية المستهلك» محدودة للغاية، ما يجعل معاناتها كبيرة عند مواجهاتها التشوهات التي تتفشى في أسواقنا، فكيف يمكن لإدارة محدودة في إمكاناتها وآلياتها المادية منها والتشريعية والبشرية، أداء دورها في الرقابة والتفتيش والمعاقبة؟!

يجب ألا نطلب أو ننتظر من إدارة مثل هذه القيام بأكبر من قدراتها وإمكاناتها، لاسيما أن تشريعات وإجراءات في مؤسساتنا الاقتصادية تحمي التجار، لاسيما الكبار منهم، على حساب المستهلكين!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر