«المحكمة العمالية» سجلت 11 ألف دعوى ورصدت تعافياً ملموساً من تبعات «كورونا»

%13 ارتفاعاً في مؤشر الصلح في القضايا العمالية بدبي.. واختفاء المنازعات الجماعية

صورة

ارتفع مؤشر الصلح في القضايا العمالية بمحاكم دبي بنسبة 13% من بدابة العام الجاري حتى نهاية سبتمبر الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وقال رئيس المحكمة العمالية، القاضي جمال الجابري، لـ«الإمارات اليوم» إن المحاكم بشكل عام، والمحكمة العمالية خصوصاً، تعد أحد المؤشرات الجوهرية للوضع الاقتصادي بالبلاد، مؤكداً أن مؤشر العام الجاري يعكس تعافياً ملموساً من الأزمات التي عصفت بالعالم أجمع، وتحديداً أزمة كورونا، إذ اختفت أبرز تبعات الجائحة وهي «المنازعات الجماعية» التي كانت تعد الهاجس الأبرز للدولة خلال ذروة تفشي الجائحة، في ظل معاناة الشركات من تقييد الحركة وما تبع ذلك من أزمات اقتصادية.

وتفصيلاً، قال القاضي جمال الجابري، إن المحكمة سجلت منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر الماضي 11 ألف دعوى 99% منها جزئي في ظل ارتفاع النصاب إلى 10 ملايين درهم، ونسبة ضئيلة منها دعاوى كلية.

وأضاف أنه تم الفصل في 8741 من القضايا المسجلة بنسبة 77% متوقعاً أن تزيد نسبة الفصل خلال الربع الأخير من العام الجاري.

وأشار إلى أن الفترة ذاتها من العام الماضي سجلت 8958 دعوى عمالية، تم الفصل في 10 آلاف و278 دعوى بنسبة 115%، موضحاً أن زيادة عدد الدعاوى المفصولة عن المسجلة يرجع إلى الفصل في دعاوى سجلت في عام 2020.

وأوضح الجابري أن من أهم المؤشرات التي سجلتها المحكمة، ارتفاع معدل الصلح في النزاعات المسجلة لديها، بواقع 13% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وعزا ارتفاع مؤشر التسوية إلى أسباب منها تنفيذ مبادرة تعتمد على تعزيز محاولات الصلح في أكثر من مرحلة، تبدأ بمجرد تسجيل القضية في مكتب إدارة الدعوى، إذ إن المكتب لديه فريق دعم للتفاوض مع الأطراف، وإذا تم الاتفاق على الصلح، يحال الملف للقاضي لاعتماد الاتفاق، وإذا لم يتفق الأطراف على التسوية، يحاول القاضي معهم مرة أخرى، مؤكداً أن تعدد المراحل يعطي فرصاً أكبر للصلح.

ولفت إلى أن التسوية بشكل عام دور أصيل لوزارة الموارد البشرية والتوطين التي تبذل أقصى ما بوسعها لتحقيق ذلك، وإذا لم تتوصل لاتفاق تحال الدعوى إلى المحكمة التي تحاول من جانبها ويكون لها وقع أكبر خصوصاً في ظل تعدد مراحل التفاوض، مشيراً إلى أن التسوية الودية تختزل كثيراً من الوقت والجهد والمال في مسار التقاضي، ويختار الطرفان حلاً أسرع وملزماً لكل منهما.

وقال الجابري إن القانون الجديد رقم 18 لسنة 2021 بشأن تنظيم أعمال الصلح في إمارة دبي، يمثل خطوة رائعة في هذا الاتجاه، إذ يعزز ثقافة التسوية الودّية للمُنازعات عن طريق الصُّلح، والتشجيع على تبني الطُّرق البديلة لحل المنازعات الناشئة بين أطراف المنازعة، وتعزيز استمرارية العلاقات التعاقدية والمشروعات التجارية والمدنية بين الأفراد والشركات عن طريق تسوية المنازعات التي تنشأ بينهم بطُرُق ودّية ورضائية، إضافة إلى سرعة الفصل في المنازعات وتبسيط إجراءاتها، وتوفير بيئة عمل تضمن سرّية إجراءات تسوية المنازعات. وأوضح أن القانون يعطي صلاحية لمكاتب التسوية للقيام بأعمال التفاوض للصلح، مع منح محاكم دبي سلطة تنفيذ القانون واعتماد الاتفاقات.

وأشار إلى أن الوزارة قبل إصدار القانون كانت تنفذ آلاف التسويات، وتبذل جهداً فائقاً في الوساطة بين الأطراف، لكنهم يتراجعون في اليوم التالي وكأن جهداً لم يبذل، فتتوسط بينهم مجدداً ويتراجعون مرة أخرى، لافتاً إلى أن الوضع يختلف في ظل القانون فأصبح للمصلح قوة نافذة فور التوصل للصلح وتوقيع اتفاق بين الطرفين، وكل ما يحتاجه إرسال الاتفاق عبر النظام الإلكتروني للمحاكم، ليتم توثيقه واعتماده من قبل القاضي ليصبح إلزامياً، وأي إخلال من جانب الطرفين يحال مباشرة إلى محكمة التنفيذ. وأكد أن 90% من الدعاوى التي تنتهي بالتسوية في المحاكم يتم الالتزام بها، و10% يتلوها إخلال من أحد الطرفين، لكن في ظل تطبيق القانون لن يكون هناك مجال لذلك، وستتفرغ المحاكم للقضايا المهمة، بدلاً من نظر قضية بسبب نزاع حول فاتورة اتصالات، وهي بالمناسبة من الدعاوى المتكررة بكثرة، أو بسبب مشكلة مستهلك، وأطراف هذه الدعاوى أنفسهم لن يكونوا بحاجة لإقامة دعوى وسداد رسوم وقطع مسار طويل.

وأوضح أن التسوية لا تخل بحق أي طرف في إقامة دعوى قضائية، إذ أن الصلح يجب أن يتم بالتراضي ولا يمكن إجبار أحد عليه، كما أن التقاضي حق مكفول للجميع، لكن في النهاية لا يمكن أن يتوافر حل سهل وسريع أمام طرف ويلجأ إلى مسار بديل أكثر مشقة. وحول الخلاف في طبيعة الدعاوى العمالية في العام الجاري، مقارنة بالعامين السابقين اللذين شهدا ذروة جائحة كورونا، قال القاضي جمال الجابري، إن الوضع تغير كلياً، إذ اختفت المنازعات الجماعية التي كانت تمثل هاجساً كبيراً، واستلزمت إنشاء دوائر خاصة بالمحكمة لنظرها، لأنها ليست مجرد نزاعاً قضائياً، بل مشكلة أمنية وإنسانية يمكن أن يترتب عليها تبعات أكبر إذا لم تحل بسرعة.

وأشار إلى أن الدولة بشكل عام، ودبي خصوصاً بذلت جهوداً كبيرة لاحتواء هذه الأزمات، فليس من السهل التعامل مع تكتلات من العمال عانوا مثل غيرهم في دول العالم من توقف مفاجئ عن العمل، وصحبه عجز من بعض الشركات على توفير متطلباتهم المادية. وأشار إلى أن الجميع تأثر تحديداً مع بداية فترة الإغلاق وما تبعه من تدابير احترازية، فكان يأتي إلى المحكمة أكثر من 100 عامل توقفت رواتبهم، ولا يجدون ما ينفقون منه، مؤكداً أن التعامل مع هذا الوضع من الإنجازات التي لا يمكن إغفالها سواء من قبل وزارة الموارد البشرية والتوطين أو اللجنة الدائمة للشؤون العمالية أو شرطة ومحاكم دبي، كلهم عملوا تحت مظلة حكومة راعت الجانب الإنساني في المقام الأول، وتم توفير جميع احتياجات هؤلاء العمال، حتى تحقق الآن التعافي الكلي، واختفت هذه المنازعات تماماً.

التسوية الودية تختزل كثيراً من الوقت والجهد والمال في مسار التقاضي وتعدّ حلاً سريعاً وملزماً لكل منهما.

90 %

من الدعاوى التي تنتهي بتسوية في المحاكم يتم الالتزام بها.

115 %

نسبة الفصل في القضايا العمالية خلال العام الماضي.

خدمات تسوية مجانية

أفاد رئيس المحكمة العمالية، القاضي جمال الجابري، بأن القانون الجديد لتنظيم أعمال الصلح في إمارة دبي سوف يفيد قطاعات عدة، مثل البنوك والاتصالات والنزاعات بين المستهلكين والمنتجين، لافتاً إلى عدد هائل من الدعاوى يسجل بسبب خلافات مماثلة، لكن أصبح بالإمكان تسويتها دون الدخول في مسار معقد.

وأشار إلى أن الدوائر الحكومية مثل وزارة الموارد البشرية والتوطين أو المناطق الحرة ستوفر خدمات التسوية مجاناً، فيما من المقرر السماح بإنشاء مكاتب أو جهات خاصة لتقديم خدمات التسوية، برسوم تحدد حسب طبيعة الدعاوى، لافتاً إلى أن هذه الآلية مطبقة في دول كثيرة وتسهم في تقليل مؤشر النزاعات القضائية، وسترى النور قريباً بعد تجهيز البنية التحتية للبرنامج وتعطى صلاحية الدخول للجهات المعنية بالتسوية.

تويتر