محتالون يصطادون أصحاب المركبات من مواقع تسويق ويخدعونهم بأسعار مغرية

ضحايا يخسرون مركباتهم بأساليب احتيالية.. وشركات التأمين تخلي مسؤوليتها

صورة

أفاد أصحاب مركبات، عرضوا سياراتهم للبيع عبر مواقع تسويق إلكتروني، بأنهم سقطوا ضحايا لمحتالين محترفين، أوهموهم برغبتهم في شراء السيارات مقابل أسعار مغرية، ودفعوهم إلى التنازل عن ملكيتها، وتسجيلها بأسماء هؤلاء المجرمين، مقابل شيكات وهمية، وعندما لجأوا إلى شركات التأمين التي تغطي مركباتهم، طلباً للتعويض، قوبلت طلباتهم بالرفض، كون عقود التأمين تلغى تلقائياً بمجرد نقل ملكية السيارة من المؤمن إلى شخص آخر.

وأفاد رئيس اللجنة الفنية لتأمين السيارات في جمعية الإمارات للتأمين، عصام مسلماني، بأن هناك مسؤولية تقع على المؤمن، تضاهي التزامات شركات التأمين، وهي عدم الوقوع في فخ الاحتيال، مؤكداً أن العقد يصبح غير نافذ بمجرد انتقال الملكية إلى شخص غير المؤمن، وبالتالي لا يحق لضحايا هذه الجرائم المطالبة بغطاء تأميني لسياراتهم التي تم الاستيلاء عليها بهذه الطريقة، لافتاً إلى أن بعضهم راجع الشركات بالفعل من دون جدوى.

وسجلت شرطة دبي بلاغات عدة عن جرائم ارتكبت بأساليب احتيالية، وقال مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية بالإدارة العامة للتحريات في شرطة دبي، العقيد عمر بن حماد، إن مؤشر هذه البلاغات انخفض، بفضل التوعية، وضبط عصابات متخصصة في سرقة السيارات بالاحتيال بواسطة شيكات وهمية، آخرها عصابة يديرها شخصان من الخارج، وينفذها متهمون تابعون لهما، من بينهم امرأة تحترف الاحتيال بهذا الأسلوب.

في المقابل، أرشد مستشار قانوني أول، وجيه عبدالعزيز، ضحايا هذه الجرائم إلى طريق قانوني يجنبهم ثغرة يستغلها المتهمون في تحويل البلاغات من «قضايا احتيال» إلى قضايا «تحرير شيك من دون رصيد»، وهي رفع دعوى لفسخ عقد بيع السيارة المستولى عليها، تأسيساً على عدم وفاء المشتري بثمن المركبة.


وتفصيلاً، أفاد مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية في شرطة دبي، العقيد عمر بن حماد، بأن الأسلوب الاحتيالي الذي ينفذه مرتكبو هذه الجرائم، يعتمد على اصطياد الضحايا عبر مواقع تسويق إلكتروني، يعرضون من خلالها مركباتهم للبيع، فيبدي المحتالون اهتمامهم بشراء المركبة، ثم يحرصون على تنفيذ عمليات الشراء مساء يوم الخميس، بعد إغلاق البنوك، لإلزام صاحب السيارة بقبول شيكات، ليكتشف لاحقاً أنه تعرض للاحتيال، وأنها من دون رصيد، أو محررة على حسابات مغلقة.

وكشف أن المحتالين يطورون أساليبهم لخداع الضحية، إذ يحرصون على إبهاره بالحضور في مركبات فارهة، وإعطاء انطباع بأنهم أثرياء، فضلاً عن إمكانية تقديم عربون للضحية لإغرائه بنقل الملكية، خصوصاً لأصحاب السيارات الفارهة، مثل امرأة ضُبطت أخيراً، نفذت عدداً من العمليات الاحتيالية المماثلة، من بينها سرقة سيارة قيمتها 300 ألف درهم، بعد أن أعطت صاحبها مقدماً قدره 20 ألف درهم، وأغرته بتسجيلها، فقبل بذلك، مستبعداً أن تكون تلك المرأة محتالة محترفة.

وأكد بن حماد أن عمليات الضبط، والتوعية المكثفة من هذا الأسلوب الإجرامي، أسهمت في خفض البلاغات، محذراً أفراد المجتمع من الانسياق وراء أي مغريات، وعدم تسجيل سياراتهم بأسماء مشترين غرباء قبل تقاضي ثمنها، والتعامل بحيطة وحذر.

وأشار إلى أن الإدارة لا تكتفي بالضبط والردع والتوعية، بل تعكف حالياً على إجراء دراسة لسد أي ثغرة يمكن أن ينفذ منها هؤلاء المحتالون، بالتعاون مع الجهات المختصة، لكن تظل هناك مسؤولية على أصحاب المركبات، تتمثل في التعامل بحذر مع أي شخص يعرض شراء السيارة بهذه الطريقة.

من جهته، قال أحد ضحايا هذا الأسلوب الاحتيالي، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ«الإمارات اليوم»، إنه عرض سيارته على موقع تسويق إلكتروني معروف، وخلال ساعات تواصلت معه امرأة، وأبدت رغبتها في شرائها، واتفقا على موعد مساء الخميس، لارتباطها بمواعيد عمل، حسب ادعاءاتها، مشيراً إلى أنها لم تجادله في السعر حين حضرت برفقة شخص آخر، وكانت متأنقة للغاية، ما جعله يستبعد أن تكون محتالة، ثم أخبرته بأنها ستدفع له مقدماً، وتحرر له شيكاً ببقية المبلغ، ثم اكتشف لاحقاً حين توجه لصرف الشيك أنه من دون رصيد.

وأوضح أنه علم لاحقاً بأن السيارة بيعت لشخص آخر بمجرد نقل ملكيتها لتلك المرأة، مشيراً إلى أنه أبلغ الشرطة، وراجع شركة التأمين التي كانت تغطي مركبته، لكن ردوا عليه بأنه فقد الغطاء التأميني للسيارة فور نقل ملكيتها إلى شخص آخر.

وقال صاحب السيارة إنه يدرك خطأه جيداً، إذ لم يكن عليه الوثوق بشخص غريب، وتسجيل المركبة باسم تلك المرأة، لكنه في النهاية ضحية، ومن المفترض أن تراعي شركة التأمين ذلك، لأن ما حدث معه يعد نوعاً من السرقة، ولو لم يكن بالشكل التقليدي.

وقالت ضحية أخرى، وهي متعاملة لدى إحدى شركات التأمين، إنها عرضت مركبتها من طراز رانج روفر 2019 للبيع، عبر أحد المواقع الإلكترونية، وتلقت اتصالاً من امرأة، أبدت رغبتها في شراء المركبة، وأن زوجها سيساعدها في موضوع المعاينة وإتمام عملية الشراء.

وأضافت أنها تلقت اتصالاً آخر، أكدت فيه تلك المرأة موافقتها على قيمة المركبة التي تخطت 200 ألف درهم، لافتة إلى أن الزوج وصل في الموعد المحدد إلى المكان المتفق عليه، بمركبته الفارهة، برفقة شخصين ادعى أنهما مساعداه.

وأشارت إلى أنه عاين السيارة ظاهرياً، وألقى نظرة على المحرك، ثم أكد رغبته مجدداً في شرائها لزوجته، لكنه اعتذر عن عدم حيازته المبلغ المطلوب نقداً، وحرر شيكاً، وأرفق به صورة من الهوية، فوافقت، ونقلت ملكية المركبة إليه، دون أن يساورها شك في أنها ربما تكون ضحية لعملية خداع.

وأفادت بأنها توجهت إلى البنك في وقت لاحق لصرف الشيك، لكن صدمت بأنه محرر على حساب بنكي مغلق، فحاولت التواصل مع المشتري المحتال أو المرأة التي تحدثت إليها لكن لم يردا عليها، فبادرت إلى إبلاغ الشرطة، وتبين أن الزوج الوهمي من أصحاب السوابق، وعلمت لاحقاً أن مركبتها بيعت لأكثر من شخص، بل صدّرت إلى الخارج في أقل من 24 ساعة من بيعها، وبالطبع لم تستطع الرجوع على شركة التأمين بالتعويض، في ظل قيامها بنقل الملكية بإرادتها إلى شخص آخر.

من جهته، قال رئيس اللجنة الفنية لتأمين السيارات في جمعية الإمارات للتأمين، عصام مسلماني، إن الاستيلاء على المركبات بهذه الطريقة الاحتيالية لا يندرج ضمن وثيقة الفقد والتلف للمركبة المؤمن عليها، التي تشمل التغطية لحالات محددة، تلتزم فيها شركة التأمين بتعويض المؤمن له عن فقد المركبة أو تلفها.

وأضاف أن الشركة تلتزم بالتعويض إذا نتج الفقد أو التلف عن أي حادث عرضي، مثل الصدم أو التدهور أو نتيجة عطب ميكانيكي طارئ أو حريق أو السطو والسرقة، أو فعل متعمد صادر عن الغير، لافتاً إلى أن أي تغطيات إضافية يتم الاتفاق عليها بموجب هذه الوثيقة أو في ملاحق خاصة بها.

وأشار إلى أن هناك في المقابل التزاماً من قبل المؤمن له، يفرض عليه احتياطات معقولة وبديهية للحفاظ على المركبة، فلا يقع ضحية احتيال، ويمنح شخصاً غريباً ثقة في غير محلها، موضحاً أن عقد التأمين يتضمن حقوقاً وواجبات يجب على كلا الطرفين الالتزام بها.

وأوضح أن العقد يصبح غير نافذ فور انتقال ملكية المركبة إلى شخص آخر غير المؤمن له أصلاً، لذا من غير الطبيعي أن تخلي شركات التأمين مسؤولياتها في حال قيام المالك (المؤمن له) بالتنازل عن سيارته طواعية، وتسجيلها باسم شخص آخر، ملزم بدوره بتحرير عقد تأمين جديد حتى تسجل السيارة له.

ذكر مسلماني أنه بموجب وثيقة الفقد والتلف، يجب على المؤمن له أن يبقى المالك الوحيد للمركبة المؤمن عليها طوال مدة التأمين، ويتعين عليه عدم تأجيرها للغير، وألا يوقع على أي عقد من شأنه أن يقيد مطلق ملكيته وحيازته للمركبة، دون أن يحصل على موافقة كتابية مسبقة بذلك من الشركة.

من جهته، أفاد مستشار قانوني أول، وجيه أمين عبدالعزيز، بأن الوثيقة الموحدة لتأمين المركبات من الفقد والتلف، الصادرة بموجب قرار مجلس إدارة هيئة التأمين رقم 25 لسنة 2016، تحدد مسؤولية كل من شركة التأمين والمؤمن له في مثل هذه الحالات، لافتاً إلى أنه بموجب الفقرة (ج) الواردة بالفصل الثاني من الوثيقة تلتزم شركات التأمين بتعويض المؤمن له عن الفقد أو التلف الذي يلحق بالمركبة المؤمن عليها، إذا نتج عن السطو أو السرقة، فيما وردت الفقرة (د) بصورة أعم وأشمل، إذ غطت كل حالات الفقد أو التلف الناجمة عن أي فعل متعمد صادر عن الغير.

وقال عبدالعزيز إن هذا النص جاء عاماً دون تخصيص أو تحديد لأفعال بذاتها دون غيرها، لذا يجري على إطلاقه، مشيراً إلى أن المقصود بـ«الغير» هو طرف خارجي غير المتعاقدين في وثيقة التأمين أو المستفيدين منها، لذا فإنه بناء على ذلك لا يجوز لشركات التأمين الامتناع عن سداد قيمة التعويض عن السيارة المفقودة، أياً كان سبب فقدانها، طالما كان التأمين شاملاً، وكانت وثيقة التأمين دون شروط استثنائية، أو قيود منصوص عليها، أو وجود عمد أو سوء نية من المؤمن له بعدم اتخاذ الاحتياطات المعقولة في المحافظة على السيارة وحمايتها من الفقد والسرقة.

وأوضح أنه بتطبيق تلك القاعدة على حالات الاستيلاء على المركبات مقابل شيكات من دون رصيد، نجد أنها لا تندرج تحت إطار الفقد الذي يستحق التعويض، نظراً لبيع السيارة بموجب عقد، وتحويل ملكيتها إلى شخص آخر بإرادة حرة من مالكها، مؤكداً أنه بصرف النظر عن الطريقة التي تم بها ذلك البيع، فبمجرد تحويل ملكية السيارة يتم إلغاء التأمين مباشرة، وتسجيل تأمين جديد باسم المشتري كشرط لنقل الملكية.

ونصح عبدالعزيز ضحايا جرائم الاستيلاء على السيارات مقابل شيكات وهمية بعدم إقامة دعاويهم المدنية على أساس تحصيل قيمة الشيكات، إذ ربما تجرهم إلى طريق طويل.

وأكد أن الأفضل إقامة دعوى تطالب بفسخ عقد بيع السيارة المستولى عليها، تأسيساً على عدم الوفاء بثمن المبيع، عملاً بموجبات المادة (272/‏‏‏1) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي، التي تنص على أنه «في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بما وجب عليه العقد جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه».

ويترتب على فسخ عقد البيع لعدم وفاء المشتري بالتزامه بسداد الثمن، زوال العقد بأثر رجعي بين طرفيه، واعتباره كأن لم يكن من وقت تحرير العقد وليس من وقت الحكم بفسخه، بما يضمن استرداد السيارة دون الدخول في نزاعات قانونية فرعية.

إعادة سيارة مسروقة

استطاعت إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية بالإدارة العامة للتحريات في شرطة دبي استرداد سيارة مسروقة من ضحية أخرى، وهو رجل أوروبي، تعرض للاحتيال، وباع سيارته بشيك وهمي، إذ تم تشكيل فريق عمل فور إبلاغه الشرطة، واكتشف أنه تمت إعادة بيع السيارة وإخفاؤها في مكان مجهول.

وتمكنت الإدارة من ملاحقة المتهمين وتتبع خطواتهم، إلى أن تبين قيامهم بتزوير أوراق السيارة وتسفيرها، فتم التنسيق مع إدارة الاستخبارات الجمركية بجمارك دبي، ومعرفة وجهتها، والتأكد من أنها على ظهر سفينة متجهة إلى إحدى الدول الأوروبية، فتم إعداد خطة عاجلة، وإعادتها على ظهر السفينة ذاتها.

كمين الاحتيال

كشف رئيس اللجنة الفنية لتأمين السيارات في جمعية الإمارات للتأمين، عصام مسلماني، عن أن هناك العديد من الحالات التي وردت إلى شركات التأمين بخصوص عمليات احتيال عند شراء وبيع المركبات، يتم فيها استدراج مالك المركبة إلى كمين مخطط له، ويخسر سيارته نتيجة إهماله في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على حقوقه.

وأكد أن دور شركة التأمين هو نقل الخطر من جهة المؤمن له إلى جهتها، ولكنها لا يمكن أن تتحمل مسؤولية عدم التزام المؤمن له بأبسط درجات الحذر قبل التنازل طواعية عن سيارته، وتسليمها إلى شخص غريب بشيك غير موثوق به.


300

ألف درهم قيمة سيارة سرقتها امرأة بحيلة «الشيكات الوهمية».

- الشرطة ضبطت متورطين في جرائم سرقة السيارات وحذّرت من «الشيكات الوهمية».

- الشرطة لا تكتفي بالضبط والتوعية.. بل تعمل على سد أي ثغرة يمكن أن يستغلها المحتالون.

تويتر