«الاتحادية العليا» ألزمتها بالاتفاق الموثق في لجنة المصالحة والتوفيق الأسرية

أم تطالب بحضانة طفلتها الرضيعة بعد تنازلها عنها

أيّدت المحكمة الاتحادية العليا حق أب في استمرار حضانته لابنته، البالغة خمسة أشهر، مؤكدة أنه لا يحق للأم أن تطالب بالحضانة بعد تنازلها عنها برضاها، بناء على اتفاق مسبق وموثق في لجنة المصالحة والتوفيق الأسرية.

وذكرت المحكمة أن الأم لم تقدم ما يقدح في عناية الأب بالمحضونة، وحفظها ورعايتها إبان غيابها المتواصل عنها.

وفي التفاصيل، أقامت مطلقة دعوى ضد مطلقها، مطالبة بإسقاط حضانته لابنتها منه، وضمّها إليها، وإلزامه بنفقة شاملة لها، موضحة أنها كانت زوجته شرعاً، وأنجب الطفلة منها على فراش الزوجية.

وقضت محكمة أول درجة حضورياً برفض الدعوى، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الأول، وإسقاط حضانة الأب لابنته المحضونة، ونقلها إلى حضانة الأم، وإلزامه نفقة للمحضونة بمبلغ 1200 درهم للمأكل والملبس والعلاج شهرياً، ومبلغ 1300 درهم أجرة مسكن حضانة شهرياً، وتأثيثه بمبلغ 5000 درهم، ومبلغ 200 درهم بدل الكهرباء والماء والغاز والصرف الصحي شهرياً، على أن تبدأ النفقة وأجرة المسكن وتوابعه من تاريخ تسلم الأم للمحضونة، وإعادة الدعوى بشأن أجرة الحضانة إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع.

ولم يرتض الأب بالحكم، فطعن فيه بطريق النقض، موضحاً أن حكم الاستئناف تجاوز قاعدة حجية الأمر المقضي به، لمخالفته الاتفاق بين الطرفين أمام لجنة التوفيق والمصالحة، الذي تنازلت الأم برضاها عن حضانة البنت بموجبه.

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا هذا الطعن، موضحة أنه «من المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء أن الصلح عقد من العقود الرضائية، وهو يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي».

وقالت إنه «إذا تم الصلح بين الطرفين أمام لجنة التوجيه الأسري، أثبت في محضر، يوقعان عليه، ويعتمده القاضي، وتكون له قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، إلا إذا خالف أحكام القانون».

ولفتت إلى أن «بنود محضر الصلح، الذي وقع أمام لجنة التوفيق والمصالحة، تضمنت اتفاق الطرفين على أن تكون حضانة ابنتهما عند والدها، الخصم في النزاع. والاتفاق صحيح، رضائي، موثق ومعتمد. ومن ثم فلا يحق لأي طرف الرجوع عنه أو فسخه أو تعديله إلا بالتراضي، أو ثبوت مصلحة المحضون خلافه».

وأكدت المحكمة أن «تقدير مصلحة المحضون يعتبر من الأمور الواقعية التي تختص بتقديرها محكمة الموضوع، دون رقيب عليها في ذلك، متى كان حكمها مبنياً على أسباب سائغة وكافية لحمله، وغير مهدرة للدليل المقدم في الدعوى».

وانتهت إلى أن «حكم الاستئناف لم يأخذ في الاعتبار جميع ذلك، ولم يقدر أن بقاء البنت عند والدتها، التي تركتها إبان طفولتها الأولى، خلاف مصلحتها وسلامتها. وهو ما يؤدي إلى التأثير في مسار حياتها الطبيعي، لاسيما أن الأم لم تقدم ما يقدح في عناية الأب بالمحضونة، وحفظها ورعايتها، إبان غياب الأم المتواصل عنها. وإذ لم يفطن حكم الاستئناف إلى ذلك، وخالف هذا النظر، وقضى للأم بالحضانة، على الرغم من الاتفاق السابق بشأنها، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق، الذي جرَّه إلى مخالفة القانون، ما يوجب نقضه».

حق المحضون

ذكرت المحكمة الاتحادية العليا أن أحكام الشريعة الإسلامية الغراء تبين أن الحضانة مظهر من مظاهر عناية التشريع الإسلامي بالطفولة، إذ إن الإنسان في طفولته بحاجة ماسة إلى من يعتني به ويعده للحياة، والحضانة هي حفظ الطفل وتربيته ورعايته. كما أنه من المقرر شرعاً وقانوناً، على السواء، أن الحضانة، وإن كانت تتعلق بها الحقوق الثلاثة، العائدة للأب والأم والطفل، إلا أن حق المحضون أولى بالمراعاة. وإذا ظهر أن مصلحته في البقاء عند والده، أو غيره، فإن الحضانة تعطى له، لكون الحضانة تدور مع مصلحة المحضون وجوداً وعدماً.


- «لا يجوز نقض العقد أو فسخه أو تعديله

إذا نشأ صحيحاً نافذاً ولازماً للطرفين».

- «حق المحضون أولى بالمراعاة..

والحضانة تدور مع مصلحته وجوداً وعدماً».

تويتر