آراء

أبناؤنا بين خطر التعاطي والوقاية

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الوقاية من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وكثرت المبادرات التوعوية التي تستهدف بيئة التعليم المدرسي. فيا ترى ماذا يحتاج أبناؤنا كي تتولد لديهم مقاومة ذاتية من الشروع في تعاطي المواد المخدرة؟ وهل لقاح التوعية وحده كفيل بتحصينهم من «بكتيريوفايرس» التعاطي؟ أم أن حسن استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كفيل بالتأثير إيجاباً في تلك الأدمغة الصغيرة، التي لاتزال قيد النمو إلى سن 21؟ وماذا عن الآباء، هل نستطيع فعلاً جعلهم عناصر فاعلة في وقاية أبنائهم من الكثير من السلوكيات السلبية، التي قد تزيد احتمالية التعاطي؟

الأسئلة كثيرة، وحقيقةً الإجابة ليست سهلة. فلنتخيل (أحمد) الذي قصته تتكرر كثيراً في واقعنا الملموس، ذلك الطالب في الصف السادس، ومستواه الدراسي مقبول وهو معروف بالخجل الشديد ونادراً ما تراه مع أحد من أقرانه، يقول عنه معلموه في المدرسة إنه انطوائي وثقته بنفسه شبه منعدمة. ولكن في اعتقاد معلميه أنه سيتخلص من هذه المشكلات تدريجياً عندما يكبر. يشتكي والداه شخصيته الضعيفة، فهو مستعد لفعل أي شيء لإرضاء أو كسب أصدقاء جدد في حيه السكني. كما يشتكي أحمد في المقابل كثرة سفر والده وانشغال والدته بالعمل وعدم الاستماع له أو حتى الجلوس معه في وقت فراغه. لكن رغم انشغال والديه فهما يغدقان عليه الهدايا. فمثلاً (أحمد) لديه أحدث جهاز «آي فون» وجهازا «آي باد»، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الكثيرة المكتنزة في خزانته. لكن هل تستطيع كل هذه الهدايا أن تسكت دويَّ صرخة الذنب بالتقصير تجاه هذا الصغير؟! وها هو (أحمد) يفضل إمضاء ساعات مع من يحلو معهم الحديث، أصدقاء يحسنون تصنع فن الإصغاء، أصدقاء ساقهم جهاز الـ«آي باد» إلى (أحمد)، هو يجهل أسماءهم وأعمارهم الحقيقية، أو حتى هوياتهم، لكن كل هذا لا يهم طالما وجد من يستمع له ويكترث به، لكن يا ترى ما المقابل الذي سيدفعه (أحمد) ووالداه؟

هل هناك فعلاً عوامل تؤثر في الفرد، وتزيد خطر تعاطيه المواد المخدرة؟ وفي وضع (أحمد) هل هناك وجود لهذه العوامل؟ وماذا قال الباحثون والعلماء المتخصصون في علم الوقاية بهذا الشأن؟

اتفق العلماء على أن الفرد يتأثر بعوامل عدة، لها علاقة بشخصه، أو أسرته، أو محيطه، والذي قد يكون المدرسة أو الحي السكني، وغيرها من الأشياء المحيطة به. وهذه العوامل إما أن تكون عوامل خطورة تزيد احتمالية التعاطي، أو عوامل حماية تقي الشخص من هذا الخطر.

وأخيراً، هل نستطيع كآباء وأمهات أن نكون عوامل حماية ومصادر سعادة لأبنائنا؟ وهل تستطيع المدارس أيضاً أن تكون بيئة وقائية للكثير من السلوكيات السلبية؟ وماذا عن المجتمع، هل له دور في حماية «بناة المستقبل» من أخطار كثيرة منها تعاطي المواد المخدرة؟ دعونا نتفكر قليلاً، يا ترى كيف سيكون التأثير في أبنائنا لو تكاتفت كل الأطراف معاً: الأسرة والمدرسة والمجتمع؟

تويتر