القتل لا يعني النجاح..

سامي الريامي

سؤال تردد بالأمس، وسيتردد كثيراً، وهو: مادامت شرطة دبي قد رصدت قتلة محمود المبحوح، قبل تنفيذ الجريمة، والتقطت صوراً لهم أثناء دخولهم الدولة، وأثناء التخطيط للعملية، وأثناء تنفيذهم الاغتيال، كيف وقعت الجريمة؟ ولماذا لم يتم القبض عليهم قبل ارتكابهم عملية الاغتيال؟

ربما يكون هذا التساؤل غير منطقي على الإطلاق، لكننا سمعناه، ومع أن الإجابة سهلة وبسيطة، إلا أنني سأكررها، فالدخول إلى دبي بجواز سفر حقيقي، وبشكل قانوني، مسموح للجميع، والسكن في فنادق دبي لجميع الأوروبيين لا يمكن اعتباره جريمة، والتجول في مراكز تجارية، أو الجلوس في «لوبي» أي فندق حق مشروع للجميع، وارتداء زي «التنس» والتجول في مرافق أي فندق أمر سهل، فكيف يمكن اتهام «أوروبيين» لمجرد أنهم تصرفوا بهذه الطريقة، ولم يرتكبوا أي محظور؟!

من الصعب جداً على دبي، وعلى أي دولة في العالم، أن تكتشف مثل هذه الجرائم المدبرة، من فرق متخصصة في هذه الأمور، قبل حدوثها، لكن الإنجاز الحقيقي، هو كشف هويات وشخصيات المنفذين في زمن لا يتجاوز 20 ساعة، وبالتفاصيل التي أعلنت عنها شرطة دبي، أول من أمس، ولعل الأمثلة كثيرة جداً على حوادث من هذا النوع وربما أكبر، ولشخصيات أهم وأشهر من المبحوح، وفي دول مختلفة منها ما يصنف ضمن العالم الأول الأكثر تطوراً، لاتزال غامضة، ولم يُكشف عن كيفية حدوثها، بل لم تستطع الجهات الأمنية في تلك الدول كشف هويات منفذيها إلى يومنا هذا!

ومن يعتقد أن «الكاميرات» هي كل شيء، فإنه من دون شك مخطئ تماماً، فالكاميرات ليست اختراعاً إماراتياً أو خاصاً بشرطة دبي، وجميع دول العالم تعتمد نظام الحماية عن طريق الكاميرات في معظم المدن والمرافق الحيوية والحياتية المختلفة، ومع ذلك لم تكشف كثيراً من الجرائم، وظلت غامضة حتى مع وجود الكاميرات. تصوير مئات الألوف من البشر في اليوم، ووضع الكاميرات في كل مكان ليسا مسألة صعبة، لكن هل يكفي ذلك لتحديد هويات قلة قليلة منهم، في حالة وقوع الجريمة؟ هنا يكمن الإنجاز، فإدخال التقنية الحديثة أمر لا صعوبة فيه، لكن كيفية الاستفادة من هذه التقنية، والتعامل معها بالسرعة اللازمة المطلوبة هو الصعب، وهو الأهم، وهو ما نفخر به اليوم، فشبابنا ورجالنا، خصوصاً في إدارة أمن الدولة بالشرطة، وصلوا إلى مستويات مهارية عالية، تجعلنا نطمئن إلى أن الانفتاح على العالم لا يعني أبداً فقدان السيطرة على الأمن والأمان، والدخول إلى أي زاوية من زوايا المدينة لا يعني الاختفاء عن الأعين والأنظار، ولا شك أن الدقة والمهارة في كشف ملابسات قضية اغتيال المبحوح ستحدان من انتشار جرائم من هذا النوع مستقبلاً، فلا جريمة كاملة في دبي، حتى إن أنكرت الدول الأوروبية صحة جوازات السفر، وحتى لو أكدت أنها «مزورة»، فتزوير أوراق لا يعني تزوير ملامح ووجوه واضحة نُشرت في معظم دول العالم والمواقع الإخبارية، ونشرتها كل القنوات المهمة، والمواقع الإلكترونية، بالصور الحركية والثابتة!

نجاح فريق الاغتيال في قتل المبحوح، لا يعني نجاح العملية، وتكميم أنفاس الضحية، لا يعني ضعفاً في نظام الأمن داخل المدينة، والتحقيقات مازالت جارية، والنتائج إلى الآن تثبت أن لدينا شباباً ورجالاً بارعين، وأن الأمن سيظل علامة فارقة في هذه المدينة الجميلة.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر