أكد أن أزواجاً يستمدّون ثقافتهم من الدراما غير الواقعية

رئيس محكمة الأحوال الشخصية: «التواصل الاجتماعي» تؤدّي إلى الطلاق أحياناً

صورة

أكد رئيس محكمة الأحوال الشخصية في دبي، المستشار خالد الحوسني، أن انكشاف الأسر على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر كل صغيرة وكبيرة عن أنشطة الزوجين، سبب في كثير من الخلافات الزوجية والطلاق، إذ تخلق نوعاً من الغيرة والرغبة في تقليد الآخرين بشكل أعمى دون النظر إلى أن ما يظهر غالباً على السوشيال ميديا مجرد تمثيل، ولا تعرض سوى الجانب المضيء من علاقة الأشخاص الذين ينشرون صور رحلاتهم وأسفارهم والأماكن التي يقصدونها، فيما لا يكشف هؤلاء عن تفاصيل الأوقات الصعبة التي يمر بها جميع الأزواج.

وقال الحوسني في حوار مع «الإمارات اليوم» إن كثيراً من الأزواج الجدد يستمدون ثقافاتهم من الدراما والمحتوى المزيف لوسائل التواصل الاجتماعي، وليس لديهم إدراك حقيقي عن واقع الزواج، والحقوق والواجبات اللازمة على كل طرف، فيتخيلون أن الحياة كلها سفر وخروج وتسوّق، ثم يصطدمون بواقع مختلف ليسوا مؤهلين له، فيقع الخلاف والطلاق.

وتفصيلاً، ذكر المستشار خالد الحوسني، أن وسائل التواصل الاجتماعي صارت تمثل عاملاً رئيساً في كثير من الخلافات الأسرية، إذ تحولت إلى مصدر للثقافة بدلاً من نصائح الآباء المخلصة، كما أنها أصبحت واجهة لعرض تفاصيل وخصوصيات الحياة الزوجية، فتجد الزوجين يخرجان سوياً وكل منهما ممسك بهاتفه، إما مشغول بتصفح محتواه أو نقل ما يحدث لمتابعيه على شبكات التواصل.

وأضاف أن من سلبيات هذا الانفتاح كذلك، عرض المشكلات الشخصية على حسابات التواصل، فتحكي الزوجة مشكلاتها مع زوجها حتى لو بشكل عام دون الإشارة المباشرة إليه، فيشارك أحدهم بتعليق مسيء إليه، ليتصاعد الخلاف ويتحول إلى قطيعة حقيقية تنتهي عادة بالطلاق.

وأشار الحوسني إلى أن المحكمة تلاحظ في كثير من الحالات، تأثر الأزواج الجدد بما يشاهدونه من تجارب للآخرين، سواء في الدراما، خصوصاً التركية، أو بعض مؤثري السوشيال ميديا، الذين يعرضون الزواج كما لو أنه شهر عسل مستمر، فيعتقد أزواج جدد أن الزواج عبارة عن سفر وهدايا وسيارات، وتتأصل الغيرة في النفوس، وتتحول المشاعر، لأن المرأة تظن أن زوجها بخيل في مشاعره وإنفاقه عليها، عكس النموذج الرومانسي الذي تراه في الدراما أو وسائل التواصل، فيما يعتقد الرجل أن زوجته لا تجيد الاهتمام بنفسها ولا تعطيه ما يستحق من الاهتمام.

وأوضح أن الأشخاص الذين يتعمدون نشر تفاصيل علاقتهم الزوجية ولحظات السعادة الغامرة بينهم على شبكات التواصل، يخفون غالباً جانباً أكثر تعاسة، وهذا ما لا يدركه أزواج شباب حين تسأل أحدهم: «لماذا تزوجت؟»، يعجز عن الإجابة لعدم إدراكهم واجبات هذه العلاقة وما يترتب عليها من التزام تجاه الطرف الآخر وأطفالهم.

وأكد الحوسني أن هذه مشكلة عويصة ويجب الانتباه إليها جيداً، حتى لا تزداد الأمور سوءاً في المستقبل في ظل توحد الأطفال مع أجهزتهم اللوحية وألعابهم الإلكترونية، حتى صاروا منعزلين عن أشقائهم أنفسهم، لافتاً إلى أن من السهل تخيل مستقبل طفل ليس له تجارب إنسانية حقيقية حين يتزوج.

وأوضح أنه بالنظر إلى مشكلات أسرية عدة تعاملت معها المحكمة فإن كثيراً من الأزواج الجدد يستمدون تجاربهم من «إنستغرام» و«سناب شات»، ولا توجد تجارب إنسانية حقيقية مبنية على الاحتكاك الطبيعي بالغير.

وأفاد بأن من السلبيات المرتبطة بتأصل استخدام السوشيال ميديا في الحياة الزوجية، حل الخلافات عن طريق الدردشة النصية عبر تطبيق «واتس أب» أو غيره، مؤكداً أن هذا يؤجج الخلافات غالباً، لأنه يزيد احتمالات سوء فهم الكلمات في ظل عدم التواصل البصري وقراءة لغة الجسد، والتقليل من حدة النقاش، إذ إن من السهل شتم شخص عن بُعد، فيما يتراجع الإنسان غالباً عن ذلك حين يواجه الطرف الآخر.

تجربة حياتية مهمة

أكّد رئيس محكمة الأحوال الشخصية في دبي، المستشار خالد الحوسني، أنه ضد التعليم الكلي عن بُعد، ويتمنى عودة الطلبة إلى المدارس في أقرب وقت ممكن، لأن التعليم التقليدي ليس مجرد تحصيل دراسي، لكنه يمثل تجربة حياتية مهمة تفرض على الطفل الاحتكاك بأقرانه، وتبني شخصيته، وتصقل مهاراته في التفاوض والتعايش.

وأشار إلى أن الإنسان وليد تراكمات تبدأ من الصغر، من خلال التعامل مع أفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء الدراسة.

تجارب اجتماعية

أفاد رئيس محكمة الأحوال الشخصية في دبي، المستشار خالد الحوسني، بأن الأجيال الجديدة ربما تكون أكثر ثقافة وعلماً، لكنهم أقل خبرة بالتجارب الاجتماعية، ولا يتمتعون بالوعي والإدراك اللازمين لإدارة حياة زوجية قائمة على الحوار والتفاهم والتنازل أحياناً، لذا تجد كلا الزوجين متشبثاً بموقفه حين يقع الخلاف ويصر على تلبية مطالبه، لأنهما لم يجرّبا التفاوض من قبل، وليس لديهما خبرة حياتية كافية، بل إن كلاً منهما لا يبالي بردّ فعل الآخر، طالما لديه هاتفه وحسابه على وسائل التواصل الذي يغنيه عن الآخر.

تويتر