Emarat Alyoum

نار الغيرة

التاريخ:: 17 سبتمبر 2018
المصدر:
نار الغيرة

أول جريمة سجلها التاريخ وهي قتل قابيل لأخيه هابيل كانت بسبب الغيرة، وقبلها تسببت غيرة إبليس وحسده في طرد آدم من الجنة، ولاتزال الغيرة هي الوقود المغذي للكثير من الجرائم بمختلف أنواعها، خصوصاً الغيرة بين الزوجين، وهناك صور عدة للغيرة، كالغيرة على الدين وعلى الوطن، والغيرة على الشرف والغيرة في العمل والغيرة في الزواج والغيرة المطلقة من كل الناس، وهناك درجات للغيرة، أقلها الوقتية أو الموقفية التي تحدث في موقف معين ولا تتخطاه، والغيرة من شخص بعينه، والغيرة الدائمة والمستمرة، وقد تولد الغيرة مشاعر سلبية أو إيجابية، فالمشاعر السلبية تضر بصاحبها في المقام الأول، ولكن قد يمتد الضرر والأذى للآخرين مهما كانت درجة قربهم. في حين أن الغيرة التي تولد شعوراً إيجابياً قد تدفع بصاحبها لمزيد من العمل والنجاح. والغيرة هي شعور يتولد لدى الإنسان بسبب الخوف من فقدان شيء أو شخص فتتسبب في شعوره بمشاعر سلبية غالباً، والغيرة المعتدلة شيء محمود فمن الطبيعي أن يغار الإنسان على أهل بيته وعلى دينه وعلى وطنه، ولكن الغيرة غير المبررة والدائمة التي تتحول إلى شك وعدم ثقة قد تدمر الإنسان هو ومن يحبه، ونقرأ يومياً عن الكثير من جرائم القتل بسبب الشك وقد يثبت بعدها براءة الضحية، ولكن للأسف بعد فوات الأوان. ومن الأزواج والزوجات من يحول حياة شريكه إلى جحيم لا يطاق بسبب الشك الخانق، والغيرة القاتلة التي تتحول إلى طوق يحيط بعنق الشريك فلا يترك له مجالاً للتنفس فيموت الحب مع الوقت ويتحول إلى حنق وكراهية تنتهي إما بالانفصال أو بجريمة وفي النهاية الكل خاسر، خصوصاً في وجود أطفال.

الغيرة هي الوقود

المغذي لكثير من

الجرائم بمختلف

أنواعها، خصوصاً

بين الزوجين.

كما تنتشر في مجتمعاتنا العربية الغيرة في العمل وفي الدراسة بسبب التفاوت الكبير في توافر فرص الحصول على التعليم الجيد وفرص العمل المجزية في الكثير من الدول، فنرى صوراً كثيرة لغيرة الناس من الناجحين في عملهم أو دراستهم. وقد تتحوّل الغيرة أو تقترن بالحسد فتصبح آثارها أكثر تدميراً، وقد تقتصر الغيرة على المشاعر فقط، ولكن في الكثير من الأحيان تمتد لأفعال الغرض منها إيذاء الآخرين، ففي حالة قابيل وهابيل تحولت المشاعر السلبية من مجرد شعور في الوجدان إلى فعل وقتل. فهل من علاج للغيرة؟ في رأيي أن علاج أي مرض يبدأ دائماً بالتشخيص والاعتراف بوجود المرض ومحاولة فهمه، ومن ثم يحتاج المرء إلى مراجعة أفعاله والبدء في التغيير وعدم إشعال نار الغيرة بمتابعة حياة الغير، والرضا بما قسمه الله.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .