Emarat Alyoum

من المجالس

التاريخ:: 02 أبريل 2008
المصدر:
 
تنزيه الدين من التعليم، كما تنزيه الدين من السياسة. تلك كانت الدعوة التي أطلقها الدكتور سعد بن طفلة وزير التربية والتعليم الكويتي السابق، خلال إحدى جلسات مؤتمر «الخليج بين المحافظة والتغيير»
 
الذي أنهى أعماله في مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية في أبوظبي، أمس، وأحسب انها دعوة فيها الكثير من الخلط لخطاب يودّ أن يسوق مجتمعاتنا الخليجية على طريقة سباقات الخيول السريعة نحو تغييرات أشبه بالمطبات الجوية التي تجعل القلوب التي في الصدور تخفق بلا ضابط فتكون كالبالون المملوء بالهواء.
 
إذا كان في السياسة أدرانها التي لاتؤمن لها عدوى، و أغراضها التي لا يؤمن لها ظهر ولا جانب، فإن التعليم ليس به من ذلك الدنس الذي يجعل الدكتور بن طفلة يهرع بتنزيه الدين منه. فالتعليم هو جوهر الدين، ودون التعليم لا يصل الدين الحق إلى معتنقيه.
 
والفقه الذي طالب صاحب الدعوة بإخراجه من العملية التعليمية هو الدليل التعليمي للدين؛ ليخرّج أجيالا تحمل الدين بثوابته وقيمه وأخلاقه الحسنة التي دعا الدكتور ابن طفلة لتعليمها لأطفال الخليج.
 
وعندما يكون الدين حاضراً في التعليم، منذ بداية مراحله، فإنه يقود لإنشاء جيل متّزن في الفكر والسلوك، ومنسجم الشخصية، وفاهم لضوابط السلوك الحسن والوعي الصائب، أما ترك الطفل بلا أساس ثم إقحام الدين عليه في مراحله الدراسية العليا، فذلك لن يقود سوى إلى فهم متذبذب ووعي مضطرب وفكر تائه.
 
نحن لا نطمح إلى تخريج آلات تلبي حاجة السوق فقط، ولا يفترض أن نكون مأخوذين إلى درجة التخبط بكل ما عند الآخرين، ولسنا في حالة تخلف مدقع إلى درجة الشعور بالرغبة في الفرار من الذات و المكان، وربما المحيط كما يمكن أن يفهم من دعوة الدكتور سعد.
 
وبقدر ما نحن بحاجة إلى عقلنة الدين، كما يحلو للبعض أن يسميها، وبحاجة إلى إعادة صياغة فهم التدين؛ ليكون وقودا للتحضر والتقدم كما كان أيام الأولين، فنحن بحاجة أشد إلى عقلنة الدعوات المضادة للدين تحت عناوين مختلفة، وبحاجة أكثر إلى نبذ الدونية التي صارت تتملك بعضنا، وكبح جماح التطرف في كلا جانبيه..
 
المتحدث باسم الدين، والمتحدث ضد الدين. adel.m.alrashed@gmail.com