Emarat Alyoum

«غوغل» تتجه إلى تطوير آليات عرض الإعلانات على «يوتيوب»

التاريخ:: 01 أبريل 2017
المصدر: القاهرة ـــ الإمارات اليوم
«غوغل» تتجه إلى تطوير آليات عرض الإعلانات على «يوتيوب»

منذ أكثر من أسبوعين، بدأت أزمة مقاطعة تقودها مجموعة من كبار المعلنين لموقع «يوتيوب» المتخصص في التسجيلات المرئية والبث الحي، وإيقاف أو سحب إعلاناتهم منه.

وتدريجياً، اتسعت الحملة وازداد انتشارها في أكثر من مكان بالعالم، لتشمل مؤسسات وشركات كبرى. وعلى الرغم من أن ذلك دفع شركة «غوغل» الأميركية، باعتبارها مالكة «يوتيوب»، إلى الاعتذار، وتأكيدها أنها تراجع سياستها وستطور آليات عرض الإعلانات على مواقع الإنترنت المرفوضة والفيديوهات المسيئة،

فإن المراجعة التي قامت بها «الإمارات اليوم» لمجريات وتفاعلات هذه الأزمة من واقع عشرات التقارير والتحليلات الصادرة بشأنها، تشير إلى أنها برمّتها أشبه بـ«حفنة رمل» جرى قذفها في «عين وحش»، فأربكته وأعاقته عن الحركة والعمل بصورة طبيعية، وسببت له المضايقة، وكان مجبراً على التعامل معها بالتنظيف والعلاج السريع، لكنها في النهاية لم تؤثر فيه، أو تهدد وجوده وكيانه، أو تجعله يخسر ما لا يمكن تعويضه، إذ إن الخسائر المتوقعة لشركة «غوغل» الأميركية، تبلغ نحو 750 مليون دولار، وهو رقم ضئيل وهامشي بالنسبة لإجمالي دخلها الإعلاني الذي ناهز 80 مليار دولار في عام 2016.

عرض الإعلانات

«غوغل» ستوسّع فريق المراجعة للتعامل السريع مع الفيديوهات.

750 مليون دولار خسارة متوقعة لـ«غوغل» من حملة المقاطعة.


الكبار ينسحبون

من بين الشركات التي قررت الانسحاب من إعلانات «يوتيوب»: «ماكدونالدز»، و«أودي»، و«لوريال»، و«ماركس آند سبنسر»، وبنوك مثل «إتش إس بي سي»، والبريد الملكي، وشبكة «أو 2»، وصحيفة «غارديان»، وشبكة «بي بي سي»، و«دومينوز بيتزا»، فضلاً عن وكالة «هافاس» الفرنسية، سادس أكبر شركة إعلان في العالم، والحكومة البريطانية نفسها، كما أعلنت شبكة «فودافون»، وبنك «باركليز»، و«سكاي نيوز» الإخبارية، و«هيونداي»، نيتها الإقدام على الأمر نفسه.

تعود جذور هذه الأزمة إلى الطريقة المتبعة في عرض الإعلانات على «يوتيوب»، التي تستند، في معظم الأحيان، على طريقة عرض اللقطة الإعلانية، قبل بدء عرض الفيديو المطلوب مشاهدته أصلاً، ومع انتهاء تشغيل اللقطة الإعلانية، أو قيام المشاهد باختيار أمر تخطيها، يبدأ الفيديو الأصلي بالعمل على الفور.

وفي طريقة أخرى، يتم تشغيل الفيديو المطلوب، ثم إظهار علامة أو معلومة قصيرة تشير إلى اللقطة الإعلانية أو مكانها، لتكون هذه المعلومات مصاحبة للفيديو أثناء تشغيله وليس عند بداية عرضه فقط، وهكذا، فإنه في كل الأحوال يظهر الفيديو الإعلاني مصاحباً لمحتوى آخر، أو سابقاً على عرضه.

فهرسة وتصنيف

من الناحية التقنية، يتم إرفاق فيديو إعلاني، مع فيلم أو لقطة فيديو أخرى استناداً إلى مجموعة متنوعة وكثيرة جداً من المعايير تمضي في مسارين أساسيين، الأول يتم داخلياً وبصورة تلقائية من قبل «يوتيوب» نفسه، ويتم فيه فهرسة وتصنيف محتوى كل فيديو يضاف للموقع إلى فئات رئيسة وفرعية وتحت فرعية وتخصصية، وتتم عمليات الفهرسة والتصنيف إما بناء على بيانات تضاف عند رفع الفيديو، أو من خلال تحليل كلمات العنوان أو خلافه.

والمسار الثاني هو أن يختار المعلن بنفسه معايير تحدد زمن ومكان إظهار إعلانه، والموضوعات والقضايا والنوعيات المختلفة من الفيديوهات الموجودة على الموقع، وكذلك عدد المشاهدات ومستوى الانتشار.

ويستخدم «يوتيوب» في ذلك خوارزميات متطورة ومعقدة، بات الكثير منها يستند إلى الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، وعند اختيار المستخدم فيلم فيديو معيّناً، ويبدأ تشغيله، تفعّل هذه الخوارزميات كل المعايير السابقة، سواء الموضوعة في التصنيف، أو بمعرفة المعلن، لتقوم بالمضاهاة والمقاربة بين لقطات الفيديو التي تتناسب مع هذا الفيلم وتتقارب معه، من حيث الموضوع والزمان والمكان ومستوى الانتشار، وبالتالي يتم إظهار اللقطة الإعلانية، إما قبل تشغيل الفيلم الأصلي، أو بإظهار إشارات دالة عليها أثناء تشغيل الفيلم.

عمليات خاطئة

أما أعراض الأزمة، فتمثلت في أن «يوتيوب» أظهر اللقطات الإعلانية التابعة لشركات ومؤسسات وجهات عالمية كبرى، مع لقطات وأفلام فيديو أخرى مسيئة، سواء لأنها تحض على الكراهية والعنف والإرهاب أو الرذيلة. والتشخيص التقني لهذا الأمر تمثل في أن المعايير المستخدمة في إرفاق اللقطة الإعلانية مع الفيديوهات الأصلية فيها قصور شديد ومعيبة، وعاجزة عن منح المعلنين السيطرة الكافية على طريقة عرض إعلاناتهم، كما أن خوارزميات تحليل مضمون الفيديوهات الإعلانية وغير الإعلانية، وتصنيفها وفهرستها وتحليلها، ثم المضاهاة في ما بينها تؤدي في النهاية إلى عمليات «إرفاق» خاطئة، تضم المسيء مع الجيد.

محتوى غير لائق

ويعود الفضل في تشخيص الأزمة على هذا النحو، إلى محرّري جريدة وموقع «تايمز أوف لندن»، إذ رصدت الصحيفة ظهور إعلانات تابعة للعديد من الشركات الكبرى بجوار محتوى غير لائق يشجع على العنصرية والإرهاب، ومنها خبر كان يشيد بمقتل 49 شخصاً في ملهى ليلي.

ووجد التحقيق أن إعلانات مئات الشركات الكبرى والجامعات والجمعيات الخيرية، تظهر إلى جانب أخبار ومقاطع فيديو في «يوتيوب»، تابعة لمتعاطفين مع الجماعات الإرهابية مثل «داعش»، والموالين للحركة النازية، ضارباً مثالاً بإعلان لشركة «مرسيدس» الألمانية، ظهر على مقطع فيديو خاص بتنظيم «داعش»، تمت مشاهدته أكثر من 115 ألف مرة.

وهنا رأى المعلنون الكبار أن «يوتيوب» يجعلهم يظهرون بمظهر من يوافق على تصرفات وتوجهات وآراء أصحاب هذه الفيديوهات المسيئة حول العالم، بل ويدعمها، لأن هؤلاء يحصلون على نسبة من قيمة الإعلانات التي يدفعها المعلنون لـ«يوتيوب»، وهذه النسبة تتحدد وفقاً لعدد المشاهدات والانتشار الذي تحققه فيديوهات هؤلاء الأشخاص بين مستخدمي الشبكة، ولذلك قاموا بتجميد وإيقاف إعلاناتهم على «يوتيوب»، حتى تعالج «غوغل»، المالكة لـ«يوتيوب» المشكلة.

خسائر متوقّعة

اقتصادياً، فإن خسارة «غوغل» من حملة المقاطعة ربما تصل إلى 750 مليون دولار، طبقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «نوميورا انستنت» لبحوث سوق الإعلانات الرقمية، لكن هذا الأمر في حال حدوثه، لن يشكل سوى نزر يسير للغاية من إمبراطورية «غوغل» الإعلانية، التي بلغت عائداتها من الإعلانات، العام الماضي، 80 مليار دولار، تمثل 90% من دخل الشركة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الواقعة تمثل أمراً مهماً للغاية بالنسبة لـ«غوغل»، في ما يتعلق بالتأثير على الصورة الذهنية والسمعة، وتحول أموال التسويق الى منصات إعلانية رقمية أخرى، على رأسها شبكات التواصل الاجتماعي، لاسيما «فيس بوك» و«تويتر».

«غوغل» تعتذر

اعترفت شركة «غوغل» الأميركية بمشكلة الإعلانات، واعتذرت عنها، ووعدت بحلّها في أقرب فرصة.

وقال رئيس فروع «غوغل» في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، مات بريتين: «نأسف لجميع الناس الذين تضرروا مما حدث». أما المدير الإداري لفرع «غوغل» في بريطانيا، رونان هاريس، فأكد أن الشركة تراجع الآن سياستها وستجري تغييرات جديدة في الأسابيع المقبلة، كما ستطور آليات تُمكن الشركات من إيقاف عرض إعلاناتها على مواقع الإنترنت المرفوضة والفيديوهات المسيئة.

وأضاف أن الشركة ستوسع فريق المراجعة لديها ليكون قادراً على التعامل السريع والصحيح مع ما لا يقل عن 400 ساعة فيديو يتم رفعها كل دقيقة على «يوتيوب».