Emarat Alyoum

بحث: لا ارتباط «طويل الأمد» بين ألعاب الفيديو والسلوكيات العدوانية

التاريخ:: 13 نوفمبر 2014
المصدر: دبي ــ الإمارات اليوم
بحث: لا ارتباط «طويل الأمد» بين ألعاب الفيديو والسلوكيات العدوانية

على مدى عقود، وُجِّه الكثير من الاتهامات إلى الأفلام السينمائية التي تتضمن محتوى عنيفاً، بالتسبب في زيادة السلوكيات العدوانية في المجتمع، وتوسعت الاتهامات لاحقاً لتشمل البرامج التلفزيونية وألعاب الفيديو. وأسهمت دراسات متتالية في تأكيد هذه الاتهامات، إلا أن بحثاً دراسياً انتهى إلى عدم وجود ارتباط طويل الأمد بين العنف في الحياة الحقيقية، وبين ما تُقدمه وسائل الإعلام وألعاب الفيديو.

وتطرق البحث، الذي أجراه الطبيب النفسي في «جامعة ستيتسون» في ولاية فلوريدا الأميركية، كريستوفر فيرجسون، ونُشر في «مجلة الاتصال»، إلى تحليل منهجية الدراسات السابقة التي اعتبرت أية زيادة مفاجئة في معدلات السلوك العدواني، مؤشراً إلى وجود علاقة سببية بين العنف على الشاشة وفي الواقع.

وتضمّن البحث دراستين قارنت أولاهما بين معدلات جرائم القتل في الولايات المتحدة خلال الفترة الممتدة بين عامي 1920 و2005 من ناحية، وحالات العنف في الأفلام خلال الفترة نفسها من ناحية أخرى، وانتهت إلى وجود علاقة متوسطة بين زيادة العنف المقدم على الشاشة وزيادته في الحياة الحقيقية خلال فترة الخمسينات، إلا أن العلاقة اختلفت في بقية سنوات القرن الـ20؛ إذ وُجدت علاقة عكسية بين عنف الأفلام ومعدلات القتل خلال التسعينات.

واهتمت الدراسة الثانية بقياس استهلاك ألعاب الفيديو العنيفة في مقابل معدلات عنف الشباب، واستخدمت تقييمات «هيئة تقييم البرمجيات الترفيهية» لتقدير المحتوى العنيف في أكثر ألعاب الفيديو شعبية بين عامي 1996 و2011، ثم قارنتها بالبيانات الاتحادية عن معدلات العنف في الفترة نفسها. وانتهت إلى تزامن استخدام ألعاب الفيديو ذات الطابع العنيف مع تراجع جرائم العنف التي يرتكبها أشخاص تراوح أعمارهم بين الـ12 والـ17، دون أن يعني ذلك إسهام استخدام ألعاب الفيديو في خفض مستويات العنف.

كما شكك بحث فيرجسون في صحة الدراسات السابقة التي عالجت العلاقة بين مستويات العنف في الحياة الواقعية وفي الأفلام والألعاب، واعتمدت إلى حد كبير على الاختبارات المعملية التي يُطلب فيها من مجموعة من المبحوثين مشاهدة مقاطع قصيرة تتضمن محتوى عنيفاً ثم تنفيذ أنشطة معينة. وأشارت الدراسة إلى احتمال إسهام هذه الطريقة في تقديم نتائج لا تتمتع بأهمية كبيرة خارج المختبرات.

واعتبر فيرجسون أن الدرجة التي نجحت فيها الدراسات المعملية في تسجيل تجربة الإعلام على نحوٍ أمين تظل محل نقاش، مشيراً إلى ما توفره تلك الدراسات من فرصة التعرض إلى مقاطع مختصرة من الأفلام بدلاً من التعرض لتجارب سردية كاملة، وبالتالي يأتي التعرض للمحتوى العنيف منفصلاً عن السياق السردي. وبالمثل، تكون السلوكيات العدائية في التجارب التي تجري داخل المختبرات بعيدة عن سياق العالم الحقيقي؛ ففيها تبدو وكأنها تحظى بدعم الباحثين أنفسهم بإتاحتهم المجال للسلوكيات العدوانية.

وتابع فيرجسون أن الاقتران الوثيق بين مقاطع الفيديو العنيفة والسلوكيات العدائية المسموح بها ربما يُفسر تأثيرات مشاهدة محتوى عنيف، والتي غالباً ما تُشير إليها هذه الدراسات: «ولذلك فإن الدرجة التي يُمكن بها تعميم نتائج هذه الدراسات، بصرف النظر عن تضارب نتائجها، على العدائية المجتمعية تظل مثار جدل».

وفي الواقع، كثيراً ما اتُهمت الأفلام السينمائية التي تتضمن محتوى عنيفاً، وألعاب الفيديو العنيفة، بالتسبب في دفع البعض لارتكاب إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، وجرى الحديث عن إصابة كل من إريك هاريس، وديلان كليبولد، المسؤولين عن إطلاق النار في «مدرسة كولومباين الثانوية» عام 1999، الذي أودى بحياة 13 شخصاً، إضافة إلى انتحارهما، بـ«وساوس» بسبب الألعاب العنيفة، مثل «دوم».

كما ادعى أنديرس بيرينج بريفيك لعبه «كول أوف ديوتي» باعتبارها نوعاً من الاستعداد قبل إقدامه على قتل 77 شخصاً في النرويج في عام 2011.

وسبق أن طالب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في يناير 2013 بالبحث في تأثيرات الألعاب العنيفة عقب حادث إطلاق النار في مدرسة «ساندي هوك» في ولاية كونيتيكت في ديسمبر من العام السابق.

وعلى الرغم من طرح الموضوع للنقاش منذ عقود ومع سنوات من البحث، فإنه لم يتم العثور على صلات نهائية بين العنف المُقدم في وسائل الإعلام والسلوكيات العنيفة، وهو ما يرجع جزئياً إلى قياس الدراسات المعملية لردود الفعل العدائية على المدى القصير فقط، إضافة إلى وجود العديد من المحفزات النفسية والاجتماعية الثقافية التي تلعب دوراً في السلوك العدواني.

وقال فيرجسون: «يتوافر لدى المجتمع القليل من الموارد والاهتمام ليُخصصها لمشكلة الحد من الجرائم. هناك خطر من أن تحديد المشكلة الخطأ، مثل العنف في وسائل الإعلام، ربما يُشتت المجتمع عن اهتمامات أكثر إلحاحاً، مثل الفقر والتعليم والتفاوت المهني والصحة النفسية. وربما يُساعد هذا البحث المجتمع في التركيز على مسائل مهمة حقاً، وتجنب تكريس موارد غير ضرورية سعياً وراء برامج أخلاقية ذات قيمة عملية ضئيلة».

دبي ـــ الإمارات اليوم

على مدى عقود، وُجهت الكثير من الاتهامات إلى الأفلام السينمائية التي تتضمن محتوى عنيفاً، بالتسبب في زيادة السلوكيات العدوانية في المجتمع، وتوسعت الاتهامات لاحقاً لتشمل البرامج التلفزيونية وألعاب الفيديو. وأسهمت دراسات متتالية في تأكيد هذه الاتهامات، إلا أن بحثاً دراسياً انتهى إلى عدم وجود ارتباط طويل الأمد بين العنف في الحياة الحقيقية، وبين ما تُقدمه وسائل الإعلام وألعاب الفيديو.

وتطرق البحث، الذي أجراه الطبيب النفسي في «جامعة ستيتسون» في ولاية فلوريدا الأميركية، كريستوفر فيرجسون، ونُشر في «مجلة الاتصال»، إلى تحليل منهجية الدراسات السابقة التي اعتبرت أية زيادة مفاجئة في معدلات السلوك العدواني، مؤشراً على وجود علاقة سببية بين العنف على الشاشة وفي الواقع.

وتضمن البحث دراستين قارنت أولاهما بين معدلات جرائم القتل في الولايات المتحدة خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 1920 و2005 من ناحية، وحالات العنف في الأفلام خلال الفترة نفسها من ناحيةٍ أخرى. وانتهت إلى وجود علاقة متوسطة بين زيادة العنف المقدم على الشاشة وزيادته في الحياة الحقيقية خلال فترة الخمسينات، إلا أن العلاقة اختلفت في بقية سنوات القرن الـ20؛ إذ وُجدت علاقة عكسية بين عنف الأفلام ومعدلات القتل خلال التسعينات.

واهتمت الدراسة الثانية بقياس استهلاك ألعاب الفيديو العنيفة في مقابل معدلات عنف الشباب، واستخدمت تقييمات «هيئة تقييم البرمجيات الترفيهية» لتقدير المحتوى العنيف في أكثر ألعاب الفيديو شعبية بين عاميّ 1996 و2011، ثم قارنتها بالبيانات الاتحادية عن معدلات العنف في الفترة نفسها. وانتهت إلى تزامن استخدام ألعاب الفيديو ذات الطابع العنيف مع تراجع جرائم العنف التي يرتكبها أشخاصٌ تتراوح أعمارهم بين الـ12 والـ17، دون أن يعني ذلك إسهام استخدام ألعاب الفيديو في تخفيض مستويات العنف.

كما شكك بحث فيرجسون في صحة الدراسات السابقة التي عالجت العلاقة بين مستويات العنف في الحياة الواقعية وفي الأفلام والألعاب، واعتمدت إلى حدٍ كبير على الاختبارات المعملية التي يُطلب فيها من مجموعة من المبحوثين مشاهدة مقاطع قصيرة تتضمن محتوى عنيف ثم تنفيذ أنشطة معينة. وأشارت الدراسة إلى احتمال إسهام هذه الطريقة في تقديم نتائج لا تتمتع بأهمية كبيرة خارج المختبرات.

واعتبر فيرجسون أن الدرجة التي نجحت فيها الدراسات المعملية في تسجيل تجربة الإعلام على نحوٍ أمين تظل محل نقاش، مشيراً إلى ما توفره تلك الدراسات من فرصة التعرض إلى مقاطع مختصرة من الأفلام بدلاً من التعرض لتجارب سردية كاملة، وبالتالي يأتي التعرض للمحتوى العنيف منفصلاً عن السياق السردي. وبالمثل، تكون السلوكيات العدائية في التجارب التي تجري داخل المختبرات بعيدة عن سياق العالم الحقيقي؛ ففيها تبدو وكأنها تحظى بدعم الباحثين أنفسهم بإتاحتهم المجال للسلوكيات العدوانية.

وتابع فيرجسون أن الاقتران الوثيق بين مقاطع الفيديو العنيفة والسلوكيات العدائية المسموح بها ربما يُفسر تأثيرات مشاهدة محتوى عنيف، والتي غالباً ما تُشير إليها هذه الدراسات: «ولذلك فإن الدرجة التي يُمكن بها تعميم نتائج هذه الدراسات، بصرف النظر عن تضارب نتائجها، على العدائية المجتمعية تظل مثار جدل».

وفي الواقع، كثيراً ما اتُهمت الأفلام السينمائية التي تتضمن محتوى عنيفاً، وألعاب الفيديو العنيفة، بالتسبب في دفع البعض لارتكاب إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، وجرى الحديث عن إصابة كل من إريك هاريس، وديلان كليبولد، المسؤولين عن إطلاق النار في «مدرسة كولومباين الثانوية» عام 1999 الذي أودى بحياة 13 شخصاً، إضافة إلى انتحارهما، بـ«وساوس» بسبب الألعاب العنيفة مثل «دوم».

كما ادعى أنديرس بيرينج بريفيك لعبه «كول أوف ديوتي» باعتبارها نوعاً من الاستعداد قبل إقدامه على قتل 77 شخصاً في النرويج في عام 2011.

وسبق أن طالب الرئيس الأميركي باراك أوباما، في يناير 2013 بالبحث في تأثيرات الألعاب العنيفة عقب حادث إطلاق النار في مدرسة «ساندي هوك» في ولاية كونيتيكت في ديسمبر من العام السابق.

وعلى الرغم من طرح الموضوع للنقاش منذ عقود ومع سنوات من البحث، فإنه لم يتم العثور على صلات نهائية بين العنف المُقدم في وسائل الإعلام والسلوكيات العنيفة، وهو ما يرجع جزئياً إلى قياس الدراسات المعملية لردود الفعل العدائية على المدى القصير فقط، إضافة إلى وجود العديد من المحفزات النفسية والاجتماعية الثقافية التي تلعب دوراً في السلوك العدواني.

وقال فيرجسون: «يتوافر لدى المجتمع القليل من الموارد والاهتمام ليُخصصها لمشكلة الحد من الجرائم. هناك خطر من أن تحديد المشكلة الخطأ مث العنف في وسائل الإعلام، ربما يُشتت المجتمع عن اهتمامات أكثر إلحاحاً مثل الفقر والتعليم والتفاوت المهني والصحة النفسية. وربما يُساعد هذا البحث المجتمع في التركيز على مسائل مهمة حقاً، وتجنب تكريس موارد غير ضرورية سعياً وراء برامج أخلاقية ذات قيمة عملية ضئيلة».