Emarat Alyoum

سكان المناطق الإسبانية المنكوبة بالحرائق يتضامنون لدرء الكارثة

التاريخ:: 31 أكتوبر 2017
المصدر: ترجمة: عوض خيري عن صحيفة «البايس» الإسبانية
سكان المناطق الإسبانية المنكوبة بالحرائق يتضامنون لدرء الكارثة

أوائل هذا الشهر، اكتسح حريق هائل 3500 هكتار من المناطق السكنية والزراعية، في المنطقة الشمالية الشرقية من إسبانيا، وتم نقل نحو 500 شخص من قبل خدمات الطوارئ وغيرها، بينما فقد آخرون حياتهم وأملاكهم وماشيتهم جراء الحريق.

الحريق الهائل اكتسح 3500 هكتار، من المناطق السكنية والزراعية، في المنطقة الشمالية الشرقية من إسبانيا، وتم إجلاء نحو 500 شخص.

كان خوسيه سيرانو على وشك الاستعداد للنوم عندما رن هاتفه، كان ابن عمه مارك على الطرف الآخر، الذي بادره قائلاً «ألا تدري أن الحريق يشتعل في البلدة؟». ولم ينتظر سيرانو، البالغ من العمر 83 عاماً سماع بقية ما كان يرويه ابن عمه، وسرعان ما هرول إلى الخارج مرتدياً ملابسه الداخلية، لمعرفة ما إذا كان ما سمعه صحيحاً. لم يصدق ما رأى لأن الأخبار أكدت أن الحريق يبعد 15 كيلومتراً عن المنطقة. لكنه بدلاً من ذلك رأى النيران مشتعلة فوق سقف منزله في قرية «سا» الصغيرة، وكانت ألسنة النيران ترتفع إلى 10 أمتار، بينما تسقط كرات من اللهب من قمم الأشجار مثل النيازك الضخمة. كل ما استطاع توفيره في حياته ذهب في نصف ساعة فقط، لكنه استطاع النجاة بجلده.

كارباليدا دي آفيا، بلدة صغيرة، يقطنها 1380 نسمة في غاليسيا بالمنطقة الشمالية الغربية من إسبانيا، الغالبية العظمى منهم متقاعدون. فقدت هذه البلدة نحو 75٪ من الأراضي نتيجة هذه الحرائق، التي اندلعت في المنطقة أوائل أكتوبر الجاري، فضلاً عن المنازل والمحاصيل والحيوانات. وفقد مارسيلينو مارتينيز فرنانديز (78 عاماً)، حياته خلال سعيه لإنقاذ خرافه، وهو رجل كان يحب العيش في الريف، وعمل في كوبا وهولندا وسويسرا والولايات المتحدة.

لكن لايزال وجه سيرانو تكسوه ابتسامة مشرقة. يقول «كيف لا أكون سعيداً؟ وكان يمكن أن أكون في عداد الأموات إذا لم أعلم بالأمر خلال 20 دقيقة، لكنني الآن على قيد الحياة ولديَّ أصدقاء»، ويمضي قائلاً «لم يتبق لي شيء، لكنني اليوم لدي خزانة بثلاثة أبواب مليئة بالملابس»، ويمزح قائلاً «لم أكن أرتدي مثل هذه الملابس قط»، مشيراً إلى ماركة «لاكوست» العالمية في الجزء الأمامي من الجاكيت الذي يرتديه.

إلا أن ابنة عمه هورتنسيا سيرانو لا تشاطره تفاؤله ذاك، إذ تقول خلال وقوفها في مكان منزلها المحترق على أطراف الغابة: «قضيت يومي وأنا أرتجف من الرعب، لست قادرة على القيام بأي شيء».

يقول عمدة كارباليدا، لويس ميليا: «رفض السكان مغادرة المنطقة، ويفضلون الموت هنا بدلاً من الإخلاء». ويمضي قائلاً «لم تعلن الحكومة المستوى رقم 2 من الإنذار، لهذا كان علينا أن ندافع عن أنفسنا بكل ما في وسعنا». وأخبره الدفاع المدني بأن عليه أن يتخذ قرار الإخلاء، لكنه رد عليهم بأن العديد من كبار السن رفضوا ذلك.

بدأ التضامن يظهر جلياً بين الجيران، بعد فترة قصيرة من اندلاع الحريق. أسهم أربعة جيران في حمل رجل كان يستخدم عكازاً للتوكؤ عليه. جميع المنازل التي نجت من الحريق استقبلت مَنْ فقدوا منازلهم. وتلقى رئيس البلدية دعماً من جميع أنحاء إسبانيا. ويقول رئيس البلدية: «المهندسون والأطباء البيطريون والمحامون، عبروا عن استعدادهم لتقديم خدماتهم المجانية». ويضيف أن المساعدة جاءت أيضاً من مصانع تعبئة المياه المعدنية، ومزارعي البطاطا، والصليب الأحمر، ومصانع الملابس.

«حتى شركة إيكيا عرضت تأثيث منازل السكان، عند إعادة البناء».

وقد أعلنت الحكومة المحلية المنطقة «منطقة كوارث»، لأنها الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها السكان المطالبة بالتعويض عن كل ما فقدوه، ولهذا السبب ظلت الماشية المتفحمة في مكانها كأحد الأدلة على الخسائر.

تقول ليونتينا أوتيرو، وهي من سكان أبيلندا داس بيناس: «كان المشهد يبدو كأنه نهاية العالم»، وتمضي قائلة: «ما نحتاجه هنا هو علماء نفس.. حفيدتي ديانا، التي تبلغ من العمر ست سنوات، لا تستطيع أن تنام، وسيصيبها المرض من شدة الحزن، ولا تريد البقاء في منزلها، وتقول إنها تخاف من الأرض السوداء». ديانا وشقيقها هوغو، البالغ من العمر أربع سنوات، يعيشان مع والديهما في بلدة ميمنتا، حيث توجد حفر خلفها «تسونامي» الحمم النارية.