Emarat Alyoum

عداوة غير مسبوقة بين الرئيس ووسائل الإعلام في أميركا

التاريخ:: 21 فبراير 2017
المصدر: إعداد: مكي معمري

لم يعرف تاريخ أميركا الحديث تردياً في العلاقات بين الرئيس ووسائل الإعلام المحلية، مثل ما عرفه خلال الأسابيع الماضية.

وعلى الرغم من مرور شهر على توليه السلطة، يصر دونالد ترامب على أن يستمر في النهج نفسه، الذي سلكه في الحملة الانتخابية. وقبل أيام، بلغ صراعه مع الإعلام مستوى جديداً، فقد وصف الرئيس الجديد وسائل إعلامية بأنها «غير نزيهة»، ووضع «نيويورك تايمز» و«سي إن إن» و«إن بي سي»، على رأس القائمة.

وكتب تعليقات عدة، على صفحته بموقع «تويتر»، يهاجم فيها الصحافيين الذين يعملون في هذه المؤسسات وغيرها، ويصفهم بأنهم «أعداء الشعب الأميركي».

وعوضاً عن التكامل بين السلطة التنفيذية التي يترأسها ترامب، والسلطة الرابعة التي تمثلها كبريات الصحف والقنوات الفضائية الأميركية، اختار الرئيس الأميركي العداوة وسياسة ليّ الذراع، في لعبة لن يكون أي منهما فيها الرابح. ويجمع المراقبون والمؤرخون على أن بداية ولاية ترامب الرئاسية، ليس لها مثيل في تاريخ الولايات المتحدة، خصوصاً في ما يتعلق بالحرب المعلنة ضد وسائل الإعلام.

وبينما توقع البعض أن يتغير سلوك الرئيس بمجرد توليه السلطة، تبين أن الأخير يتبنى استراتيجية مدروسة.

ويبدو أن هناك من يحرك البيت الأبيض ضد الإعلام، فقد أشار محللون إلى أن المستشار الرئاسي، ستيفن بانون، قد أبدى موقفه حيال وسائل الإعلام في السابق، قائلاً إن وسائل الإعلام باتت تشبه «حزباً سياسياً معارضاً».

الأمر الذي يفسر العلاقة السيئة بين الرئاسة والإعلام. وقد كسر المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض، شين سبايسر، التقاليد المعمول بها منذ زمن طويل، إذ لم يعد موفدو كبريات الصحف والقنوات التلفزيونية يحظون بالسبق في طرح الأسئلة.

في المقابل، بدأت تظهر وسائل إعلام موازية على الإنترنت، يقف وراءها اليمين المتطرف في أميركا، منها «غيتواي بونديت»، و«بريدبارت نيوز»، وتندد هذه المواقع اليمينية بالتشهير والحملة التي يتعرض لها ترامب.

وتسعى الجهات المؤيدة والأطراف التي دعمت الأخير، في الحملة الانتخابية، لإحداث توازن مع وسائل الإعلام ذات الشعبية الواسعة.

بالفعل، تخوض أميركا تجربة جديدة، أصبح الرئيس فيها خصماً للإعلام، في بلد حرية التعبير، وقد يكون الإعلام الأميركي مسيساً أو تتحكم به جهات معينة، لكنه عرف على مدى عقود بالاستقلالية.

والأمر لا يتعلق بالموضوعية أو النزاهة، بقدر ما يتعلق بحرية التعبير.

وتأثير وسائل الإعلام في السياسة الأميركية واضح، وأحياناً قد ينتهى باستقالة رؤساء، مثلما حدث مع الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي أطاحته تسريبات فضيحة التنصت «ووتر غيت»، التي نشرت تفاصيلها «واشنطن بوست»، ومجلة «تايم»، و«نيويورك تايمز».

وبالمثل، كما أظهر المؤتمر الصحافي، الخميس الماضي، أصبح هاجس التسريبات ينتاب ترامب. وكما فعل نيكسون، ينظر ترامب إلى الصحافة على أنها عدو.

وفي كلتا الحالتين، كان الهدف هو تخويف الصحافة، ومحاولة منعها من القيام بدور المراقب للبيت الأبيض. وسائل الإعلام باتت «عدو الأميركيين»، وفقاً لنيكسون، عندما كشفت خبايا «ووتر غيت»، وأصبحت كذلك عندما تناولت اتصالات مستشار ترامب مع الروس.. كأن التاريخ يعيد نفسه.