Emarat Alyoum

الدوام الطويل في اليابان يرهق الأمهـات العاملات ويقلِّص الإنجاب

التاريخ:: 27 سبتمبر 2018
المصدر: ترجمة: مكي معمري عن مجلة «ذا ويك»
الدوام الطويل في اليابان يرهق الأمهـات العاملات ويقلِّص الإنجاب

تُعاني كومي ماتسوموتو مشكلة. إنها تعمل بدوام كامل، لكنها يابانية، والعمل طوال اليوم في اليابان يمكن أن يعني شيئاً مختلفاً عن العمل في أماكن أخرى، مثل الولايات المتحدة. وتقول ماتسوموتو: «في اليابان، أعتقد أن العمل بدوام كامل يعني العمل 24 ساعة، أقصد بدوام كامل، أي محارب 100%»، مضيفة: «نحن نسمي العاملين (محاربي الوظيفة)». وتعمل السيدة اليابانية في وزارة الشؤون الخارجية في طوكيو. كل صباح، تجلس على طاولة صغيرة في الكافتيريا، قبل الـ10، إذ يقوم العمال بتمرير بطاقات العمل الخاصة بهم لدخول المبنى الزجاجي. ماتسوموتو تحب وظيفتها، لكن لديها أيضاً وظيفة أخرى بدوام كامل، فالأمر يتعلق بطفليها الصغيرين.

تقول ماتسوموتو: «كوني محاربةً في وظيفتي وأماً في آن واحد، فذلك يمثل تحدياً ومشكلة صعبة للغاية». في اليابان، تُعد ساعات العمل الطويلة قضية رئيسة بالنسبة للنساء والرجال. إنه البلد الذي يتم فيه نشر الأخبار عن حوادث «الكاروشي»، أو «الموت جراء الإرهاق»، بشكل منتظم.

في حين من المتوقع أن تقوم النساء بمعظم أعمال رعاية الأطفال. وفي إجازة أمومة طفلها الثاني، تقول ماتسوموتو، إن الأمر «مرهق بالنسبة لأم تعمل». ومن الطبيعي جداً أن تبقى السيدة اليابانية مستيقظة حتى منتصف الليل، بسبب رضيعها، وأحياناً عليها السهر إلى صباح اليوم التالي.

في المقابل، تقول ماتسوموتو (43 عاماً)، إنها تستطيع أن تجمع بين رعاية طفليها وعملها، لأن زوجها وأهله يقدمون يد المساعدة، لكن هذا النوع من الدعم قد يكون نادراً. وفي ذلك تقول إنه حتى مع المساعدة، قد يكون من الصعب التحكم في الوضع، خصوصاً مع طفلين. عندما يضطر أعضاء الهيئة التشريعية في اليابان للإجابة على أسئلة الجمهور، الأمر الذي يحدث كثيراً، فهم غالباً ما يقدمون هذه الأسئلة في وقت مبكر. وجزء من مهمة ماتسوموتو هو تدوين الإجابات، لكن في معظم الوقت تقول إنها وزملاءها لا يعرفون أي فريق سيقوم بالمهمة، لذلك عليهم جميعاً الانتظار «ليس فقط تلك الأقسام التي تتلقى الأسئلة»، كما تقول، بل «الأقسام الأخرى التي تعمل ساعات أطول في انتظار هذا السؤال. إنه غباء. وربما الشيء الأكثر غباءً الذي يحدث في اليابان، كما أعتقد، لكن هذا ما كان يحدث منذ عقود»، لكن الأمور بدأت تتغير ببطء.

مناصب قيادية

ضغط رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، من أجل تبني السياسات الرامية إلى النهوض بالمرأة. فقط 3.7% من المديرين التنفيذيين في الشركات اليابانية الرائدة هم من النساء، والهدف هو الوصول إلى 30% من المناصب القيادية في جميع المجالات بحلول عام 2020. وفي ذلك يقول مكتب المساواة بين الجنسين في اليابان، الذي ينشر تقريراً سنوياً عن الموضوع، إن هناك تقدماً. وطوال سنوات، عاد نحو 40% من النساء إلى العمل بعد ولادة طفلهن الأول، والآن، ارتفع هذا الرقم إلى 53%. يبدو تقرير هذا العام لامعاً، لكن بالانتقال إلى الصفحة 29، فسنرى هذه التوصية: «يجب معالجة ساعات العمل الطويلة».

مطلوب الآن من جميع الشركات والهيئات الحكومية التي تضم أكثر من 300 موظف وضع «خطة عمل» لزيادة مشاركة المرأة في العمل، وتقليص تلك الساعات الطويلة. وتقول ماتسوموتو إن الوزارة التي تعمل فيها لديها حالياً سياسة جديدة، إذ أصبح من غير المرجح أن يضطر الموظف إلى العمل حتى ساعة متأخرة، ويمكنه العودة إلى المنزل، طالما أنه يتحقق من أي جديد على هاتفه الذكي. لكن ماتسوموتو تقول إن العديد من زملائها لم يستفيدوا من السياسة الجديدة، لكن زملاءها قالوا إنهم يعملون حتى وقت متأخر، على أي حال، لذلك لم يكونوا في حاجة إلى تنبيه هواتفهم.

في اليابان، يطلب العديد من أصحاب العمل من موظفيهم أن يختاروا بين مسارين مهنيين، الإدارة أو «الأمومة»، وهو خيار يحمل مسؤولية أقل، لكن احتمالات أقل للتطور الوظيفي. وفي ذلك تقول ماتسوموتو «إنه أمر شاق أن يختار المرء بين الطريق السهل أو الصعب من أجل تغيير المجتمع».

مسار الأم

الطريق السهل، كما تقول ماتسوموتو، سيكون «مسار الأم»، موضحة: «أتذكر منذ نحو 10 سنوات، عندما كنت أعمل في طوكيو، لم يكن هناك سوى أم واحدة في الفريق بأكمله، وكانت دائماً تقول: أنا آسفة، يجب أن أذهب إلى المنزل». وكان من المحزن جداً رؤية هذا النوع من الأشياء. ومع وجود المزيد من الأمهات العاملات في اليابان، الآن، إلا أنهن يعتذرن بشكل أقل. وبينما يمثل هذا الجو تغيراً كبيراً، إلا أن هذا، كما تقول ماتسوموتو، ليس كافياً. من جهتها، تقول ميتسوكي هوريوشي، من منتدى «كيتاكيوشو» للنساء الآسيويات، وهي منظمة غير حكومية تركز على النهوض بالمرأة، إن مشكلات اليابان «متشابكة».

وإلى أن تصبح الأمور أسهل للنساء، في مكان العمل، فإن الكثير منهن سيستمر في عدم إنجاب الأطفال. ومن دون المزيد من الأطفال، فإن قوة العمل اليابانية ستستمر في الانكماش. وفي ذلك تقول هوريوتشي: «علينا تغيير شيئين: أسلوب العمل، ومنح الناس عطلات وجعلهم يستمتعون بحياة العائلة».

إذا لم يكن الأمر كذلك، تقول الناشطة، فإن البلاد ستواجه مزيداً من المشكلات، لأنه في الوقت الذي تتقلص فيه القوة العاملة، فإن جزءاً من سكان اليابان ينمو، وهنا الأمر يتعلق بكبار السن. وتوضح «السؤال ليس مجرد رعاية الأطفال فحسب، بل رعاية الشيخوخة».

بدأت اليابان تنفد من عمال رعاية سكانها المسنين، وهذا يعني أن المشكلات التي تواجه الأمهات العاملات تؤثر بشكل متزايد في الجميع. وتقول هوريوتشي إن الحكومة تبذل جهداً لمعالجة الاختلالات، مثل قانون جديد صدر في مايو، يدعو إلى حصول الأحزاب السياسية على أعداد متساوية من المرشحين من الذكور والإناث. لكن القانون ليس له سلطة، وفق هوريوتشي «القانون هو للتشجيع فقط، وليس الالتزام بالنسبة للحزب السياسي».


الوضع يتغير

نسبة النساء في البرلمان الياباني لا تتعدى 10%، وهذا يعني أنه يحتل مرتبة أدنى من 150 دولة أخرى، بما في ذلك أفغانستان والولايات المتحدة. لكن هوريوتشي تقول إن الأمر لا يتعلق بالحكومة فقط، إذ يتعين على الشركات أيضاً تحمل مسؤولية توظيف وترقية المزيد من النساء. ومع ذلك، فإن وضع المرأة يتغير، حيث تقول هوريوتشي «يجب على الفتاة أن تتزوج وهي شابة، لأن الوالدين قلقان جداً عليها. ويسألانها: لماذا أنت عازب؟ لأن النساء اعتقدن طوال الوقت أنه ربما ينبغي أن يكون الزواج مرتبطاً بالسعادة، أو شيئاً من هذا القبيل، لكن في الوقت الحاضر لا أحد يدفع الفتاة حقاً للزواج».

3.7 % فقط من المديرين التنفيذيين في الشركات اليابانية الرائدة هم من النساء، والهدف هو الوصول إلى 30% من المناصب القيادية في جميع المجالات بحلول عام 2020