Emarat Alyoum

أطفال الروهينغا يروون فظائع ارتكبها جيش ميانمار بحق عرقيتهم

التاريخ:: 30 أغسطس 2018
المصدر: ترجمة: عوض خيري عن الـ«إندبندنت»
أطفال الروهينغا يروون فظائع   ارتكبها جيش ميانمار بحق عرقيتهم

يصادف في الـ25 من هذا الشهر الذكرى الأولى لاشتعال العنف الذي ترتكبه حكومة ميانمار (بورما) وجيشها ضد شعب الروهينغا، والذي أسفر عن فظائع جمة وتسبب في نزوح آلاف من الروهينغا من ولاية راخين ومناطق أخرى، إلى بنغلاديش هرباً من تلك المجازر، والتطهير العرقي الذي يمارسه الجيش. وتدعو جهات عدة الأسرة الدولية إلى اتخاذ إجراءات للتصدي المستمر لعمليات التطهير العرقي، والحيلولة دون إفلات مرتكبيها من العقاب، فقد ظل التحامل والظلم مألوفين للغاية لعقود من الزمن، وتحول هذا الظلم المنهجي إلى أعمال قتل خارج نطاق القضاء، واغتصاب، وتجريف للقرى في ولاية راخين. العنف الذي يرتكبه جيش الحكومة في مناطق الأقليات ليس جديداً، بسبب الحرية التي يملكها الجيش.. وفي ما يلي فظائع يندى لها جبين الإنسانية:

يقتلون والديه وإخوته أمام عينيه

كان ريحان يلعب كرة القدم مع أصدقائه في اليوم الذي هجم جيش ميانمار على قريته، الآن هو في العاشرة من عمره، وواحد من أكثر من 6000 طفل يتيم من الروهينغا يعيشون لاجئين في منطقة كوكس بازار ببنغلاديش. ويروى ما حدث له قبل عام واحد بالضبط، يقول «لاحظت أن هناك شيئاً ما غير عادي يحدث في الجوار، فقد كان هناك لهب ودخان يرتفعان من منازل الجيران»، ويضيف «أمسك بي والداي وإخوتي وحاولوا الركض، إلا أن رجال الجيش أمسكوا بأمي وأبي وقتلوهما أمام عيني، فأسرع إخوتي نحو جثتهما لكن الجنود لم يمهلوهم، وقتلوهم أيضاً»، ويسترسل «لم أعرف ماذا أفعل فهربت، كنت خائفاً للغاية، شعرت بالدم يتجمد في عروقي، ولم أكن أعرف ما إذا كان من الأجدى الاستمرار في الركض، ولا أعرف حتى إلى أين أنا ذاهب، كل ما كنت أفكر فيه هو أمي وأبي وإخوتي الملقين على الأرض فاقدين الحياة».

وصل ريحان إلى القرية التالية وانضم إلى مجموعة من الروهينغا المسلمين، الذين فروا من موت محتوم، مضوا جميعاً سيراً على الأقدام لمدة ثلاثة أيام إلى أن وصولوا إلى بنغلاديش. ويقول «لم يكن أحد يعرفني، ولم أكن أعرف ماذا أفعل، مضيت مع الحشود، ولم آكل أي شيء خلال تلك الأيام الثلاثة».

تطهير عرقي

يمثل الأيتام الحلقة الأضعف ضمن الـ700 ألف لاجئ من الروهينغا، الذين فروا من شمال ميانمار بسبب القمع العسكري، في 25 أغسطس من العام الماضي. وتشير الأمم المتحدة إلى ما حدث بأنه «مثال حي» على التطهير العرقي.

يقول ريحان إنه يفتقد أبويه، لكنه على الأقل محظوظ لأنه وجد عمته التي تعيش أيضاً في مخيمات كوكس بازار. ويضيف «لا أعرف ماذا كنت سأفعل من دونها»، ويقول أيضاً إنه أصبح قادراً الآن على لعب كرة القدم مرة أخرى.

وتشير دراسة جديدة، صدرت هذا الأسبوع بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للحملة العسكرية على الروهينغا، إلى أن نحو 70% من جميع أطفال الروهينغا فقدوا ذويهم، أو انفصلوا عن والديهم أو الأوصياء عليهم بسبب الهجمات العنيفة للجيش.

وتقول منظمة «سيف ذي تشلدرين» إن المسح الذي شمل 139 طفلاً من الروهينغا غير المصحوبين بذويهم والمنفصلين عنهم، كان الأكبر من نوعه حتى الآن في كوكس بازار. وهذا البحث يفند الاعتقاد السابق بأن العديد من الأطفال فقدوا الاتصال بأسرهم في فوضى الفرار عبر الحدود إلى بنغلاديش.

وثبت أنه من الصعب إلحاق الأطفال المنفصلين عن ذويهم بالأسر أو الآباء بالتبني في المخيمات. ووفقاً لصندوق الأطفال العالمي لرعاية الطفولة (يونيسيف)، فإن ما يصل إلى 10% من سكان المخيم بكامله يتألفون من أطفال يعيشون من دون وصي.

تجربة صادمة

أريفا فتاة في الـ16 من عمرها، ذهبت ذات يوم لجلب الماء، وفي طريق عودتها رأت من مسافة الجنود وهم يخرجون من منزلها. تقول إنها اختبأت في الأدغال مع جيرانها وشاهدت الجنود وهم يطلقون النار أولاً على كبار السن ثم الأطفال. وعندما تضرع لهم الكبار الآخرون بأن يتوقفوا أطلقوا النار عليهم أيضاً. ومن بين من قُتلوا أمام عينيها والدها وأمها وسبعة من إخوتها وأخواتها.

هربت مع جيرانها إلى بنغلاديش، وتعيش الآن بمفردها، ولا تتلقى سوى المشورة والدعم من حين لآخر من المراكز المخصصة للبنات فقط في المخيم. تتلقى أريفا زيارات أسبوعية من كاي، وهي طالبة أنثروبولوجيا عمرها 23 سنة، متطوعة للعمل مع منظمة «سيف ذي تشلدرين» في كوكس بازار.

وتشير كاي إلى أن تجربة أريفا الصادمة لا تساعدها على العيش مع الآباء بالتبني، لكن عند بلوغها 17 عاماً، من حقها أن تختار العيش بمفردها. وتقول: «لقد فقدت الفتاة جميع أقربائها، ولم يتبقَّ لها منهم أحد، وهي لا تريد العيش مع عائلة أخرى».

12 يوماً زحفاً على يديها

الفتاة تاسمين أيضاً حالة أخرى تعالجها كاي، وتبلغ من العمر 15 عاماً، وتعاني من إعاقة شديدة، تتمثل في عيب خلقي جعلها كسيحة. تقول كاي: «كانت تاسمين تعتمد كلياً على والدها الخباز في ميانمار، وكان هو الشخص الوحيد الذي يعتني بها». عندما دخل الجنود منزلها، العام الماضي، اختبأت تاسمين في المطبخ، ورأت من مخبئها الجنود وهم يوقفون جميع القرويين الذكور الذين تراوح أعمارهم بين 20 و50 في صف ويطلقون النار عليهم، ومن بينهم والدها. ووفقاً لما ذكرته كاي، اضطرت تاسمين للزحف على يديها لمدة 12 يوماً للوصول إلى حدود بنغلاديش، معتمدة في زحفها على ذراعيها. تقول كاي «عندما وصلت إلى المخيم كانت مغطاة بالدم، وأصيبت جروح يديها بالتهاب حاد». لدى تاسمين الآن عائلة تتبناها وترعاها، وقدم لها عمال الإغاثة كرسياً متحركاً، بالإضافة إلى جلسات عادية مع مستشار نفسي.

استغلال بشع

وتقول منظمة «سيف ذي تشلدرين» إن اللاجئين الأيتام معرضون لخطر الاختطاف، والاستغلال الجنسي وتسخير العمال، بالإضافة إلى احتمال تعرضهم لأعراض نفسية طويلة الأجل. ويقول المدير الإقليمي لمنظمة «سيف ذي تشلدرين»، مارك بيرس: «قبل 12 شهراً، لاحظت مجموعات من الأطفال يصلون إلى بنغلاديش بمفردهم، وهم يشعرون بالأسى والجوع والإرهاق لدرجة أنهم لا يستطيعون الكلام»، ويضيف «أعددنا مساحات لهؤلاء الأطفال لتلقي الدعم على مدار الساعة أثناء بحثهم عن عائلاتهم، وبعد مرور عام اتضح لنا أن إعادة التوحيد هذه لن تحدث أبداً». ويتابع «هؤلاء الأطفال من أكثر الفئات ضعفاً على كوكب الأرض، ويضطرون إلى بدء حياة جديدة تماماً في المخيمات، من دون أمهاتهم أو آبائهم، في بيئة يصبحون فيها أكثر عرضة لمخاطر مثل الاتجار بالبشر والزواج المبكر وغيرهما من أشكال الاستغلال».

وتنتهز (منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة) «يونيسيف» هذه المناسبة للدعوة إلى توفير التمويل المناسب لتعليم مئات الآلاف من أطفال الروهينغا المشردين، بالإضافة إلى السعي كي يحصلوا على شهادات مواطنة، وفي الوقت الراهن لا تعترف ميانمار أو بنغلاديش بحق مواطني الروهينغا في الحصول على الجنسية.

وتقول منظمة «سيف ذي تشلدرين» إن دولاً مثل المملكة المتحدة تستطيع أن تفعل المزيد لتجعل ميانمار مسؤولة عن الأعمال الوحشية التي أدت إلى الأزمة. وتنفي السلطات في ميانمار باستمرار ارتكاب أي فظائع، قائلة إنها كانت تستجيب ببساطة للأنشطة العنيفة لجماعة متمردة من الروهينغا.

ويقول مدير مكتب «سيف ذي تشلدرين»، جورج غراهام: «إن إجراء تحقيق موثوق به ومحايد ومستقل في هذه الجرائم، وجميع انتهاكات حقوق الأطفال المرتكبة في ولاية راخين الشمالية، خطوة أولى أساسية نحو ضمان المساءلة»، ويضيف «أمام وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، فرصة لإظهار القيادة من خلال الدفع بإحالة مرتكبي هذه الهجمات، المنتظمة والقاسية والمتعمدة، إلى المحكمة الجنائية الدولية».