Emarat Alyoum

مصر تعيد الاعتبار لرئيسها محمد نجيب.. وتكرّم أسرته

التاريخ:: 28 يوليو 2017
المصدر: خالد محمود ـــ القاهرة
مصر تعيد الاعتبار لرئيسها محمد نجيب.. وتكرّم أسرته

أعادت مصر في الذكرى الـ65 لـ«ثورة يوليو 1952»، الاعتبار لرئيس مصر الأول وواجهة الثورة، محمد نجيب، فأطلقت اسمه على أكبر قاعدة عسكرية أميط اللثام عنها في غرب الاسكندرية، وأنشأت متحفاً عسكرياً باسمه داخل القاعدة، وتم توجيه الدعوة الرسمية لأحفاد محمد نجيب لحضور الاحتفال بتدشين القاعدة، في بادرة تكريم للزعيم السياسي التاريخي، الذي تعرض للاعتقال وتحديد الإقامة والاضطهاد، لخلافه التاريخي مع زملائه في الثورة، وتكريماً أيضاً للأسرة التي دفعت ثمناً غالياً جراء محاصرة عائلها، وملاحقة أبنائه وتشريدهم، واضطرار بعضهم للعمل في مهن بسيطة، حيث عمل أحدهم سائق تاكسي ليكسب قوت يومه. واعتبر متابعون أن الاجراءات الأخيرة بمثابة طي صفحة في التاريخ المصري، تعترف ضمنياً بمكانة نجيب ودوره، وتعتبر أزمة 1954 وصراعات أجنحة يوليو 1952، بمثابة اجتهادات لا تقلل من شأن قادتها أياً كان موقعهم من الصراع والسلطة، كما تضمّد الاجراءات الأخيرة الجراحات الإنسانية التي شابت هذه الصراعات.

رسالة الدولة المصرية واضحة في أن الاحتفاء بنجيب، لا يعني التقليل من زعامة ودور عبدالناصر، أو بقية أعضاء مجلس قيادة الثورة، الذين اختلف معهم.

وكان الزعيم المصري محمد نجيب قد خرج من سدة الرئاسة بقصر عابدين في 14 نوفمبر 1954 معتقلاً، ثم خاضعاً للاقامة الجبرية في فيلا زينب الوكيل «قصر المرج»، حرم الزعيم الوفدي مصطفى النحاس، المصادرة - أي الفيلا - من قبل الثورة، بعد خلافه مع الضباط الأحرار، حيث اكد له عبدالحكيم عامر أن اقامته بالفيلا لن تزيد على بضعة أيام، لكنه بقي فيها 29 سنة، أي حتى أكتوبر 1983.

وقال الكاتب الصحافي محمد ثروت، مؤرخ نجيب الصحافي، ومدوّن الكتب الأربعة التي تناولت سيرته «الأوراق السرية لأول رئيس لمصر»، و«مذكرات رياض سامي مدير مكتب محمد نجيب»، و«شاهد على محمد نجيب»، و«محمد نجيب قائد ثورة يوليو 1952» لـ«الإمارات اليوم» إن اعادة الاعتبار لمحمد نجيب بدأ تدريجياً منذ فترة، بدءاً من فك إقامته الجبرية بفيلا المرج، الى إقامة جنازة عسكرية له عام 1984، ثم اطلاق اسمه على محطة مترو أنفاق قرب التحرير، لكن التكريم هذه المرة كان شاملاً ومؤثراً، على هيئة قرار سياسي موجه تضمّن تسمية أكبر قاعدة عسكرية في البلاد باسمه، وإنشاء متحف عسكري مميز له داخل القاعدة، وتوازى ذلك مع إطلاق اسم محمد نجيب على محور طرق كبير في القاهرة، ومع منحه قلادة النيل العظمى، التي حازتها شخصيات كبرى في تاريخ مصر، أمثال نجيب محفوظ وأحمد زويل، وتم تسليمها لحفيده محمد نجيب يوسف محمد نجيب، كما سيتم انتاج فيلم سينمائي باسمه بموجب اتفاق تم توقيعه أخيراً مبدئياً، وصنع مسلسل تلفزيوني خاص بسيرته، علاوة على نشر إحدى هيئات الدولة الرسمية كتباً منشورة عنه.

وقال ثروت إن «رسالة الدولة المصرية واضحة في أن الاحتفاء بنجيب، لا يعني بأي حال التقليل من زعامة ودور عبدالناصر، أو بقية أعضاء مجلس قيادة الثورة، الذين اختلف معهم، وأن المسالة لم تتعدَّ التباين في الرؤى، حيث كان كل طرف يرى الأمور من زاوية معينة».

وأقر ثروت، بحكم صلاته الشخصية المباشرة بالدائرة المحيطة بنجيب، بالمظالم التي تعرضت لها أسرته، والمرارات التي حملتها الأسرة لسنين طويلة، وقال إن «الأبناء دفعوا الثمن غالياً، وربما الاحفاد اليوم يستطيعون تجاوز ما جرى انسانياً لعائلاتهم، وقبول رد الاعتبار، حيث أصبح الأمر كله تقريباً في ذمة التاريخ»، منوهاً الى أن «عائلة نجيب لا تملك تقريباً أي شيء من مقتنياته، نظراً لتوالي فصول الاضطهاد والملاحقة، وأن هناك جهتين فقط تملكان مقتنيات لنجيب، هما مجلس قيادة الثورة ومكتبة الإسكندرية».

وقال الكاتب الصحافي وحيد رأفت لـ«الإمارات اليوم» إن الاصعب في ملف محمد نجيب هو جانبه الانساني، خصوصاً ما جنته أسرته بسبب صراعه مع زملائه من الضباط الأحرار»، فقد خلف محمد نجيب ثلاثة أبناء، هم فاروق، وعلي، ويوسف.

وكان الابن الثاني لمحمد نجيب يدرس في ألمانيا، وكان له نشاط واسع ضد اليهود المناصرين للصهيونية، وفي ليلة كان بصحبة أحد زملائه، فإذا بعربة جيب تقل ثلاثة رجال وامرأة تدهمه، حيث تعرض للضرب المبرح، حتى خارت قواه ونزف حتى الموت، ونقل جثمانه إلى مصر، فطلب اللواء نجيب أن يخرج من معتقله ليستقبل نعش ابنه ويشارك في دفنه، لكن طلبه رفض، وقع هذا في عام 1968.

أما فاروق الابن البكر، فقد استفزه أحد المخبرين الذين كانوا يتابعونه، وقال له: ماذا فعل أبوك للثورة. لا شيء. إنه لم يكن أكثر من مجرد واجهة. فلم يتحمل فاروق هذه الإهانة وضرب المخبر، ليجد نفسه في الليلة نفسها داخل سجن طرة، وبقي هناك خمسة أشهر ونصف الشهر، خرج بعدها محطماً منهاراً ومريضاً بالقلب، وبعد فترة قليلة مات.

أما الابن الثالث يوسف، فكان يعمل في شركة المقاولون العرب بالإسكندرية، وتم فصله بقرار من عبدالناصر، ثم عمل سائق تاكسي في ما بعد، وتوفي عام 1988.