Emarat Alyoum

آلاف الفنزويليين يفرّون أفواجاً عبر الحدود

التاريخ:: 16 سبتمبر 2018
المصدر: كوكوتا (كولومبيا) - د.ب.أ
آلاف الفنزويليين يفرّون  أفواجاً عبر الحدود

يفرّ مئات الآلاف من الفنزويليين من الجوع والقمع السياسي في بلادهم، سعياً لحياة أفضل في الدول المجاورة بأميركا الجنوبية.. حتى إن البعض يرحل سيراً على الأقدام، إذا اقتضت الضرورة ذلك.

ويحملق المواطن الفنزويلي الشاب لويس بينا، بقلق في قمم جبال بارامو. ويقول بينما يضع بطانية خضراء على كتفيه: «الجو بارد هنا».

ولمدة يومين، كان هو وأصدقاؤه يرتحلون سيراً على الأقدام جنوباً من بلدة كوكوتا الحدودية الاستوائية، والآن يتعين عليهم عبور السهول المرتفعة الباردة. ويقول بينا، وهو أب لطفلين: «نريد الذهاب إلى الإكوادور من أجل كسب بعض المال الذي يمكننا إرساله إلى عائلاتنا». وأضاف: «لا يوجد شيء يدعونا للعيش في فنزويلا.. لا مستقبل هناك».

و«بينا» هو واحد من آلاف الفنزويليين الذين يديرون ظهورهم يومياً لبلدهم. وعلى جسر سيمون بوليفار الدولي على الحدود الفنزويلية الكولومبية، يشتري أولئك الذين يملكون المال تذكرة لحافلة تنتقل بهم مباشرة إلى العاصمة الكولومبية، بوغوتا، أو حتى مباشرة إلى الحدود مع الإكوادور.

أما أولئك الذين لا يملكون المال، فيتعين عليهم السير على أقدامهم. ويقوم الفنزويليون بجر حقائبهم أو حمل حقائب رياضية أو ارتداء حقائب الظهر على طول الطريق الريفي، ويتركون الجوع والقمع وراءهم، أملاً في العثور على حياة أفضل في بلد آخر.

وتغرق فنزويلا التي كانت دولة غنية في يوم ما، في أزمة اقتصادية عميقة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل التضخم في فنزويلا هذا العام إلى مليون في المائة، في حين قد ينخفض الناتج الاقتصادي للبلاد بنسبة 18 في المائة. وبسبب غياب العملة الصعبة، لا تستطيع الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية، والتي تملك أكبر احتياطي من النفط في العالم، استيراد المواد الغذائية أو الأدوية أو المواد الأخرى لتلبية الاحتياجات اليومية.

ويقول بينا: «كانت آخر مرة أكلت فيها الدجاج في ديسمبر. ومنذ ذلك الحين أعتمد على الأرز والعدس. وليس هناك ما يكفي من ذلك، وإذا احتججت، يضعونك في السجن».

وجرّد الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، البرلمان، الذي تهيمن عليه أحزاب المعارضة، من سلطته، في انتخابات مثيرة للجدل، وأعيد انتخابه في منصبه. ويقوم «بلطجية» قريبون من الحكومة وخارجون على القانون بترويع السكان.

ويقول سيزار فيونتيس، (42 عاماً): «لا أرى أي مستقبل لنا ولأبنائنا في فنزويلا بعد الآن». «لا يوجد مال في البنوك، وفي المستشفيات لا توجد أدوية». وكان هذا الرجل يعمل جزاراً في مدينة ماراكاي الواقعة في شمال وسط البلاد، لكن اللحوم اختفت منذ فترة طويلة في فنزويلا.

ولمدة شهر حتى الآن، ينتظر فيونتيس في نزل للمهاجرين يتبع شبكة سكالابرينى التبشيرية الكاثوليكية الرومانية في كوكوتا، في انتظار الوثائق للسماح لأسرته بالسفر. وتحاول الأسرة التوجه إلى كيتو، عاصمة الإكوادور، حيث تعيش عمة زوجته هناك.

ولا يملك معظم الفنزويليين جواز سفر، حيث يكلف استخراجه 700 دولار. وحتى يونيو الماضي، سجلت كولومبيا ما يقرب من نصف مليون فنزويلي، ومنحتهم إقامة لمدة عامين. ويتيح لهم ذلك، العمل، وتلقي العلاج في المستشفى، وإرسال أبنائهم إلى المدارس.

لكن الآن تم إيقاف المشروع. ومنذ إعلان الإكوادور وبيرو أنهما لن تسمحا إلا للفنزويليين حاملي جواز سفر ساري المفعول بالدخول، أصبح عدم اليقين منتشراً على نحو متزايد.

ويقول الخبراء إن موجة الفرار هذه تمثل أكبر أزمة لاجئين في تاريخ أميركا اللاتينية حتى الآن. وغادر ما لا يقل عن 2.3 مليون فنزويلي البلاد، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة.

وهناك أكثر من 800 ألف شخص قد استقروا في كولومبيا. وهناك، يريد الرئيس إيفان دوكي، مواصلة استقبال اللاجئين، لكنه طالب بتقديم مساعدات دولية للمعاونة في دعمهم.

وتقطعت السبل بالعديد من الفنزويليين لبعض الوقت في كوكوتا، حيث كانوا يبيعون الحلوى في الشوارع، ويغسلون نوافذ السيارات عند إشارات المرور أو يكسبون عيشهم كعمال باليومية.

ومن الشائع أيضاً أن بعض النساء تقمن ببيع شعورهن لاستخدامها في صنع وصلات الشعر المستعار. في الواقع فإن عبارة «نحن نشتري الشعر»، هي أول ما يسمعه الفنزويليون عادة عندما يعبرون الحدود إلى كولومبيا. وتركت سنوات سوء التغذية بصماتها على العديد من اللاجئين.

وتقول الدكتورة جوليث ريانو: «يعاني معظمهم سوء التغذية والإسهال». وتفحص ريانو المرضى في غرفة استشارة متواضعة الحال بجوار قاعة طعام، وتكتب الوصفات الطبية.

وأضافت أن الأطفال، قبل كل شيء، بحاجة إلى أن تتم تقويتهم جسمانياً مرة أخرى. وتضيف: «أولاً نعطيهم بعض الحليب من أجل تحفيز شهيتهم.. فلم تعد بطونهم معتادة على كميات أكبر من الطعام الصلب».

وفي الأسبوع المقبل، ستقوم منظمة الدول الأميركية بتناول أزمة اللاجئين في فنزويلا. ويقول الأمين العام للمنظمة، لويس ألماجرو: «إن الوضع ميؤوس منه. لقد انهار النظام الصحي والتعليم والسلامة العامة... الدولة ليست في وضع يمكّنها من توفير الكهرباء والماء، أو تهيئة الحد الأدنى من الظروف التي يحتاجها الأشخاص لكي يظلوا على قيد الحياة».

صندوق النقد الدولي يتوقع أن يصل معدل

التضخم في فنزويلا هذا العام إلى مليون

في المائة.