Emarat Alyoum

الحرب التجارية بين أميركا والصين خاسرة للطرفين

التاريخ:: 08 سبتمبر 2018
المصدر: ترجمة: حسن عبده حسن عن «لوس أنجلوس تايمز»
الحرب التجارية بين أميركا والصين خاسرة للطرفين

تصاعدت وتيرة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في أغسطس الماضي، حيث قامت كل دولة بفرض رسوم جمركية بقيمة 16 مليار دولار على البضائع المستوردة من الدول الأخرى، الأمر الذي يجعل القيمة الإجمالية للواردات المعرضة للرسوم الجمركية تعادل 50 مليار دولار لكل طرف، إضافة إلى مليارات أخرى متوقعة. وعلى الرغم من الضمانات التي قدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن ما يجري ربما يكون صراعاً طويل الأمد، وينطوي على تكاليف مرهقة، ومتاعب اقتصادية على جانبي المحيط الهادي.

ويرى الفريق التجاري العامل مع ترامب أن هذه الرسوم الجمركية ضرورية لإجبار الصين على تحسين حالة حماية الملكية الفكرية لديها، وإصلاح سياساتها التجارية بصورة عامة. ولكن حتى الآن لم تقدم سياسة حافة الهاوية التي ينتهجها الطرفان أي مردود إيجابي. وليس هناك مواعيد محددة للتفاوض بشأن حل هذه الخلافات. وإذا استمرت هذه الأزمة، فإن إدارة ترامب تمتلك خططاً لفرض الرسوم الجمركية على واردات أخرى، تبلغ قيمتها نحو 200 مليار دولار. ويواصل ترامب الصراع، لأنه يستند إلى حسابات بسيطة مفادها أن الولايات المتحدة ستنتصر فيه، لأنها تشتري من البضائع الصينية (بلغت 505 مليارات دولار عام 2017) أكثر مما تشتريه الصين من الولايات المتحدة (بلغت واردات أميركا من الصين 130 مليار دولار). وهذا يجب أن يعني أن الميزان التجاري يميل لمصلحة الصينيين. ولكن هذا يجب أن يجعلنا لا نتجاهل أن علاقات أميركا مع الصين هي أكثر من مجرد تصدير بضائع.

وإضافة إلى التعرفة الجمركية، تستطيع الصين الانتقام أيضاً عن طريق الضغط على صادرات الخدمات الأميركية. ويشتري الصينيون ما يعادل 60 مليار دولار سنوياً من الخدمات من شركات في الولايات المتحدة، أكثر من نصفها يتم إنفاقه على نقل الركاب والبضائع، وعلى التجارة والسفر الشخصي. ومن الآن بدأت الحكومة الصينية تحض مواطنيها على عدم السفر إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي سيسبب ضربة قاصمة لصناعة الفندقة الأميركية.

وإضافة إلى التجارة العابرة للحدود، تعتبر الصين سوقاً ضخمة جداً للاستثمارات، والمبيعات الأميركية المباشرة، من خلال أفرع الشركات. واستناداً إلى آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية في عام 2015، فإن الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في الصين باعت ما قيمته 294 مليار دولار من البضائع ذات العلامات التجارية الأميركية الفاخرة، و59 ملياراً من الخدمات. وبالمقابل فإن أفرع الشركات التي يملكها الصينيون والعاملة في الولايات المتحدة باعت بضائع بقيمة 22 مليار دولار إلى زبائن من الولايات المتحدة. وإذا أضفنا إلى ذلك ما يبيعه الأميركيون للشعب الصيني كل عام عبر الصادرات من البضائع والخدمات والمبيعات عبر أفرع الشركات الأميركية الموجودة في الصين، فإن إجمالي قيمة كل ذلك يبلغ نحو 500 مليار دولار. وهذا ما يعادل القيمة الإجمالية التي ينفقها الأميركيون على البضائع والخدمات المستوردة من الصين وأفرع شركاتها في الولايات المتحدة. ومن الواضح أن كلا الطرفان سيخسر الكثير جراء هذه الحرب التجارية.

وتؤكد دراسة أخيرة أجراها البنك الدولي أن أياً من الطرفين لن يتمكن من الفوز بهذه الحرب التجارية الطويلة الأمد. وبحسب المعدل الحالي من الرسوم الجمركية الانتقامية، تشير تقديرات البنك الدولي أن كلا الدولتين ستعاني انخفاضاً سنوياً في صادراتها بقيمة 40 مليار دولار. وإذا تصاعدت هذه التصرفات الانتقامية لتشمل التجارة بين البلدين من حيث البضائع والخدمات، فإن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة ستنخفض بقيمة 190 مليار دولار، كما أن صادرات الولايات المتحدة إلى الصين ستنخفض بقيمة 166 مليار دولار.

وإذا أسفرت الحرب التجارية عن هبوط بنسبة نصف نقطة مئوية في الاستثمارات كجزء من الناتج المحلي الإجمالي، حسبما يفترض البنك الدولي تماماً أنه يمكن أن يحدث، فإن الضرر سيتضاعف. وسيؤدي هذا السيناريو السيئ إلى خسارة للاقتصاد الصيني قدرها 426 مليار دولار، وخسارة للاقتصاد الأميركي قدرها 313 مليار دولار. وسيكون أكبر الخاسرين في الولايات المتحدة هو قطاعات الزراعة والصناعات الكيماوية ومعدات النقل. وستكون السلوى الوحيدة للأميركيين الذين يفقدون أعمالهم وتجاراتهم أن خسائر الولايات المتحدة أصغر قليلاً من الخسارة التي أنزلها الأميركيون بالصين.

وبلاشك فإن ترامب مخطئ تماماً إذا كان يعتقد أنه سيفوز بسهولة في الحرب التجارية ضد الصين، أو ضد أي من شركاء الولايات المتحدة الرئيسين. وبالطبع فإن السجل الذي يتحدث عن تاريخ هذا النوع من الحروب التجارية ليس مشجعاً. ويرجع هذا السجل إلى قانون «سموت وهولي» للتعرفة الجمركية لعام 1930، ويحمل أسماء عضوي الكونغرس ريد سموت، وويليس هولي، حيث كان السياسيون الأميركيون يقللون من أهمية استعداد الدول الأجنبية للانتقام أو يتجاهلونها، إضافة إلى رفضهم للاستسلام. ويبدو أن الأميركيين لن يتعلموا الدرس مرة ثانية، الذي مفاده أن الحروب التجارية يشنها الخاسرون.


ترامب مخطئ تماماً إذا كان يعتقد أنه سيفوز بسهولة في الحرب التجارية ضد الصين.