Emarat Alyoum

العقوبات الاقتصادية أفضل وسـيـلــة لردع إيران وحملها على التفاوض

التاريخ:: 01 سبتمبر 2018
المصدر: ترجمة: مكي معمري عن «فورين بوليسي»
العقوبات الاقتصادية أفضل وسـيـلــة لردع إيران وحملها على التفاوض

قال المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، إنه لن يتفاوض أبداً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ربما لأن النظام الإيراني يعتقد أنه يمكن أن يستمر في مواجهة حملة الضغط المالي الأميركية الجارية حتى الانتخابات الرئاسية في عام 2020. ويجب أن يستجيب ترامب بتصعيد الضغط والتأكيد على الخطوط الحمراء للولايات المتحدة في المفاوضات، الأمر الذي قد يدفع خامنئي إلى تغيير رأيه.

إن رفض إيران للمحادثات أمر منطقي في الوقت الراهن. ومن غير المقرر أن يستأنف تطبيق العقوبات الأكثر صرامة التي تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي لإدارة أوباما مع إيران وخطة العمل المشتركة الشاملة، حتى نوفمبر المقبل. وهذا يعطي ألمانيا وتركيا وروسيا وبلدان أخرى تعمل مع إيران شهرين إضافيين لإيجاد حلول يمكن أن تساعد النظام على البقاء، بما في ذلك الضغط على خدمة التحويلات المالية «سويفت»، التي تتخذ من بلجيكا مقراً لها، لإبقاء البنك المركزي الإيراني متصلاً بالنظام المالي الدولي. ولذلك، فإن إيران تريد أن تنتظر حتى شهر نوفمبر لمعرفة ما إذا كانت أي دولة قد نجحت في التهرب من العقوبات الأميركية، والأهم من ذلك، ما إذا كانت بنوكها لاتزال مرتبطة بخدمة «سويفت».

وبالإضافة إلى التخطيط لمختلف مخططات التهرب من العقوبات، قد يحاول قادة إيران، أيضاً، توسيع أنشطتهم النووية والصاروخية على أمل استعادة النفوذ. وسيكون من الحكمة أن تركز إدارة ترامب على كلا المسارين. ويجب أن يأتي الحد الأقصى من الضغط مع أقصى حد من العزلة، خصوصاً في ما يتعلق بالشأن النووي وعلوم الصواريخ، لإبطاء أي محاولة من النظام للنهوض ببرنامجه للأسلحة.

وعلى الرغم من أنه غالباً يتم التركيز على العقوبات النفطية والمالية، إلا أن القيود الرئيسة التي تستهدف التعاون النووي المدني مع إيران ستعود في نوفمبر أيضاً. سيعود مئات الأشخاص في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ووزارة الدفاع والحرس الثوري الإيراني، إلى القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأميركية، وبموجب القانون الأميركي، ستكون قناة الشراء لمصلحة إيران -التي أنشئت بموجب الاتفاقية النووية- محظورة على جميع الشركات الأجنبية، بما في ذلك البنوك وشركات التأمين، وسيصبح إيقاف بيع المعدات ذات الاستخدام المزدوج مرة أخرى أولوية أميركية.

وستحتاج إدارة ترامب إلى استخدام جميع سلطاتها القانونية لقطع الدعم الدولي عن البنية التحتية لإيران النووية.

ويتطلب ذلك استهداف الحكومات والمسؤولين والوكالات التي تمارس أنشطة مصرح بها بموجب الاتفاقية النووية، مثل بناء مفاعل جديد يعمل بالماء الثقيل في «آراك». كما يتطلب فرض عقوبات ثانوية ضد أي شخص يقيم علاقات بحثية أو تجارية مع أفراد أو مؤسسات معينة.

ولا ينبغي السماح للجامعات ومؤسسات الأبحاث، في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، بتدريس أو تدريب أو توظيف الطلاب والباحثين الإيرانيين في مجالات الفيزياء النووية والعلوم البحتة والهندسة، قبل التوصل إلى الاتفاقية النووية -كانت هناك تدابير في أميركا وأوروبا لمنع إيران من تطوير جيل جديد من العلماء النوويين ومهندسي الصواريخ- يجب أن تعود هذه الإجراءات من خلال التهديد بفرض عقوبات جديدة من الولايات المتحدة إذا لزم الأمر.

في المقابل، تتطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أيضاً، بعض الإصلاحات المهمة، وينبغي لكل من إدارة البيت الأبيض والكونغرس أن يحددا التمويل الأميركي، الذي يشكل نحو 25%، من ميزانية الوكالة، بشأن إنهاء الاستثمارات والمساعدة التقنية في المشروعات النووية الإيرانية، ووضع حد للدورات الدراسية والمؤتمرات التي تستضيفها الوكالة في إيران، إضافة إلى طرد جميع الموظفين الإيرانيين من الوكالة. ووفقاً للأرشيف النووي الإيراني السري، فقد تم الكشف عن خطر سعي إيران الدائم إلى امتلاك سلاح نووي، ويجب على الوكالة الدولية أداء مهمتها الأساسية والتحقيق في المواقع والأنشطة والبحوث والمواد المفصلة في الأرشيف الإيراني.

قد تكون هذه الخطوات، إلى جانب حملة حرب مالية مستدامة، كافية لإقناع القائد الأعلى بأن فرصة بقاء نظامه الوحيدة هي تغيير السلوك، ولزيادة الضغط، يجب على إدارة ترامب أن تستهدف أعضاء مجلس نظام التحويلات «سويفت» وفرض العقوبات ما لم يتوقفوا عن التعاون مع البنوك الإيرانية. ويجب على الرئيس الأميركي، أيضاً، أن يفكر في فرض عقوبات على القطاع المالي الإيراني بكامله، وأن يدرج في القائمة السوداء أي قطاع اقتصادي آخر في إيران له روابط مع الحرس الثوري الإيراني. إذا انضم خامنئي أو وكلاؤه إلى محادثات، فإن ترامب سيحتاج إلى تجنب الخطأ الأساسي الذي ارتكبه الرئيس السابق باراك أوباما، والمتمثل في تقديم أي شكل من أشكال تخفيف العقوبات قبل أو أثناء المفاوضات، وعلى البيت الأبيض التمسك بمطالب وزارة الخارجية الـ12، التي تتضمن إنهاء رعاية الدولة للإرهاب، وسحب القوات من سورية واليمن، ووضع حد دائم لسعي إيران إلى امتلاك أسلحة نووية.عندما يتعلق الأمر بالقدرات النووية الإيرانية، سيكون على ترامب الالتزام بستة خطوط حمراء رئيسة هي: عدم امتلاك طهران ليورانيوم طبيعي أو مخصب، أو مرافق تحويل وتخصيب، أو مفاعلات نووية ذات إمكانات إنتاج لمادة البلوتونيوم، أو قدرات لإعادة المعالجة، أو نظام تسليح، كما يجب التأكد أن إيران لا تمتلك صواريخ قادرة على حمل رؤوس حربية نووية. هذه الممنوعات الستة ليست حاسمة فقط للحصول على صفقة جيدة مع طهران، ولكنها مهمة مع المسؤولين الكوريين الشماليين الذين يراقبون عن كثب ما يجري. سيقول النقاد إن هذه الخطوط الحمراء غير معقولة ولا يمكن أبداً أن تبرم اتفاقية تفاوضية مع إيران، ولاتزال مثل هذه الحجة راسخة في النهج الاستراتيجي الفاشل الذي أنتج الاتفاق النووي.

إن التعامل مع حكومة مخادعة وداعمة للإرهاب مثل تلك التي في طهران يتطلب تعاملاً صارماً يدفع نظاماً -يواجه انهياراً تحت ضغط أقصى- كي يختار مصيره، وربما سيختار تغيير سلوكه بشكل جذري للحفاظ على وجوده.بالطبع، من الممكن أيضاً أن تراهن إيران على قدرة ترامب على التحريض على انهيار النظام من خلال حملة ضغط قصوى، ولن تحدث أي محادثات. ومع احتجاج الناس في الشوارع، والهبوط في العملة المحلية، وضغط العقوبات التي لم تقترب بعد من الحد الأقصى، فإن ذلك قد يكون أفضل للأمن القومي الأميركي على المدى الطويل.

• يجب على الرئيس الأميركي، أن يفكر في فرض عقوبات على القطاع المالي الإيراني بكامله، وأن يدرج في القائمة السوداء أي قطاع اقتصادي آخر في إيران له روابط مع الحرس الثوري الإيراني.

ريتشارد غولبيرغ - مستشار في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومفاوض أميركي خلال فرض العقوبات على إيران.