Emarat Alyoum

تحرير الرقة سيغيّر الوضع على الأرض لكنه لا يقضي على «داعش»

التاريخ:: 23 أكتوبر 2017
المصدر: ترجمة: ع-خ عن «بوليتيكو»
تحرير الرقة سيغيّر الوضع على الأرض لكنه لا يقضي على «داعش»

تحرير الرقة سيغيّر الوضع القائم، ولكن لن يقضي نهائياً على تنظيم «داعش». فبعد الانهيار شبه الكامل لهذا التنظيم في الرقة ستظل هذه الجماعة تمثل تهديداً إرهابياً قوياً في الغرب،كما أن خسارتها في ميادين المعركة وتبخّر طموحاتها في التمسك بالأرض لن يضع حداً لجهودها الدعائية وجاذبيتها لدى مجنّدين جدد.

جاذبية «داعش» ستتدهور لدى المسلمين الذين شعروا بالإحباط، بسبب عدم وفائه بوعوده في الحفاظ على الأراضي التي استولى عليها في الشرق الأوسط.

وبعد الأنباء التي تفيد بأن حلفاء الولايات المتحدة في سورية سيطروا بالكامل على الرقة، التي تمثل عاصمة لـ«داعش»، يعتقد الباحث بمؤسسة هيرتيدج، جيم فيليبس، أن «هذا يشبه نهاية لمرحلة، أكثر من كونه بداية لنهاية الصراع ضد (داعش)». ويسترسل «من المرجّح أن يعملوا تحت الأرض، ويُضطروا للانتظار الى أن تحدث انتفاضة عنيفة أخرى»، ويعتقد فيليبس أن تلك الانتفاضة قد تنجم عن استغلال «داعش» للانقسامات العميقة بين الأكراد والعرب، وبين السنة والشيعة.

مواجهة التحدياتوحذّر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، جون ماكين، من أن الولايات المتحدة لاتزال تواجه تحديات «شاقة» في الحرب الأهلية السورية، التي لاتزال مستمرة، وما خلّفته من أزمة إنسانية. ويقول في بيانه: «لايزال الإرهابيون المقتدون بـ(داعش) يشكلون تهديداً دائماً في جميع أنحاء المنطقة، وظلت الحرب الأهلية السورية مشتعلة خارج المناطق التي استعادها التحالف، وظل الرئيس السوري، بشار الأسد، في السلطة بدعم من إيران وروسيا، في تحالف معادٍ للسلام والاستقرار والمصالح الأميركية، والدمار الإنساني وانعدام التقدم السياسي الذى سببته ست سنوات من الحرب، ما خلق أرضاً خصبة لحركات التمرد في المستقبل».

ويقول الزميل البارز في معهد بروكينغز، دان بايمان، إنه في الوقت الذي يواجه فيه «داعش» الهزيمة العسكرية، فإنه يضع الأساس للانتعاش في العراق وسورية عندما تسمح له الظروف بذلك، وربما ينتظر لسنوات، إلا أن «داعش» قد يلجأ أيضاً إلى أساليب أخرى ليؤكد لمؤيديه أنه لايزال موجوداً.

ولايزال تنظيم «داعش» يتمتع بقدرة على نطاق العالم للوصول الى أفراد لتجنيدهم. وعلى خلاف تشجيعه لأتباعه في السابق بالسفر لدولة الخلافة المزعومة في العراق وسورية، أنشأ شبكة عمليات، أخيراً، يطلب فيها من أنصاره البقاء في بلدانهم الأصلية وتنفيذ عمليات هناك، والأمثلة على ذلك الضربات الإرهابية المنظمة في 2015 و2016، التي تمثلت في إطلاق النار في باريس وبروكسل، فضلاً عن إطلاق النار والقتل الجماعي في سان برناردينو، كاليفورنيا، وأرلاندو، فلوريدا، الذي ربما كان مستلهماً من أسلوب «داعش».

إلا أن جاذبية «داعش» ستتدهور لدى المسلمين الذين شعروا بالإحباط، بسبب عدم وفائه بوعوده في الحفاظ على الأراضي التي استولى عليها في الشرق الأوسط. المحاضر بجامعة ييل، غرايم وود، الذي ألّف كتاباً عن «داعش» تحت عنوان «طريق الغرباء»، يقول في هذا الخصوص: «أعتقد أن أتباع (داعش) سيكونون أقل حماسة لتفجير أنفسهم باسم منظمة فشلت في الوفاء بوعدها في البقاء والتوسع، وهو الشعار الذي لم يعودوا يرفعونه كثيراً بعد الآن».

ويعتقد وود أن فقدان الأراضي الأساسية لـ«داعش» يعني أيضاً فقدانه المكان الذي يستطيع أن يضع فيه خطط الهجوم ويدرب فيه المقاتلين، وأضاف أن «الهجمات الأكثر تدميراً هي التي تم تنفيذها من قبل أشخاص لديهم الخبرة الميدانية في سورية، وإذا لم يعد لـ(داعش) هذه الأرض فلن يستطيع التخطيط لهجمات».

ليس هناك تقديرات موثوق بها عن عدد أتباع «داعش» حول العالم، إلا أن قدرته على استقطاب أتباع له الى العراق وسورية موثقة جيداً، وتعكس مدى الجاذبية التي يتمتع بها هذا التنظيم، كما يعتقد بيمان. وكان تقرير صدر، في وقت سابق من هذا العام، يؤكد أن المجموعة قد جندت 6000 شخص من تونس، وما يصل إلى 7000 من روسيا، وأكثر من 2000 من تركيا والأردن. ويقول بيمان إن نحو 1000 مقاتل أجنبي سافروا أيضاً من المملكة المتحدة وفرنسا.

ولايزال لدى تنظيم «داعش» فروع إقليمية في ليبيا وغرب إفريقيا وشبه جزيرة سيناء في مصر والفلبين وأفغانستان، من بين أماكن أخرى. ومع ذلك، وباستثناء ليبيا، كانت حركة الأسلحة والطواقم بين مركز التنظيم في العراق وسورية والمنتسبين محدودة، ويقول خبراء إن العديد منهم عبارة عن مجموعات متطرفة قديمة انضمت إلى «داعش» في ذروة صعوده.

هذا الانتصار هو الأخير في سلسلة من الانتصارات ضد «داعش»، فقد استعادت القوات المدعومة من الولايات المتحدة الموصل، أكبر مدينة يسيطر عليها «داعش»، في يوليو بعد أشهر من القتال الشاق داخل المدينة. وتم تحرير نحو 87٪ من الأراضي التي كان يسيطر عليها «داعش» في العراق وسورية، ولم يتبقَّ له سوى 6500 مقاتل، وفقاً لما ذكره الناطق الرسمي باسم عملية العزم والصلب، ريان ديلون، الثلاثاء.

وقد أثرت هذه المكاسب إيجاباً في العمليات العسكرية الأميركية، مثل الضربات الجوية الناجحة التي يعلن عنها «البنتاغون» من وقت لآخر ضد مخططي تنظيم «داعش»، الذين يقومون بتخطيط هجمات إرهابية في الخارج. وتقع مسؤولية استهداف هؤلاء الأفراد على عاتق قيادة العمليات الخاصة المشتركة السرية التي تشن حملة مطاردة ضد قادة «داعش» ومخططيه الخارجيين بالتنسيق مع أسطولها الخاص من الطائرات بدون طيار وطائرات التجسس في إطار الحرب الجوية الأوسع نطاقاً.

وحتى هذا الصيف كان مثل هذه الضربات تحدث داخل وحول الرقة، ولكن مع تشديد الخناق حول عاصمة تنظيم «داعش»، انتقلت الضربات إلى مدينتي الميادين والبوكمال الأصغر حجماً، والواقعة بالقرب من الحدود العراقية. وقد أدت ضربة جوية في 24 يوليو قرب البوكمال، على سبيل المثال، الى مقتل عبدالغفور وأبوهمام، اللذين يقول الجيش عنهما إنهما «كانا مسؤولين عن إدارة العمليات وتوجيه الهجمات الخارجية، وشاركا في التخطيط لهجوم ضد منطقة الشرق الأوسط وأهداف غربية».

ويعتقد بيمان أنه من الناحية المثالية ستتحول الولايات المتحدة الى استراتيجية فرض الاستقرار والانضباط لتضمن أن تنظيم «داعش» انهزم تماماً، لكنه يعترف بأن ذلك مستحيل من الناحية السياسية. ويضيف «ذلك صعب تحقيقه في العراق، وعلى وجه الخصوص في سورية، لأن أحداً لا يريد ان تضع الولايات المتحدة الكثير من القوات على الأرض، ويستطيع المحليون القيام بذلك بشكل جيد».

وفي مؤتمر صحافي عقد في «البنتاغون»، الأسبوع الماضي، ذكر مدير هيئة الأركان المشتركة، الفريق كينيث ماكنزي، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يمنعون «الغالبية العظمى» من أفراد «داعش» من التحرك بين مركز التنظيم المتقلص ومناطقه الإقليمية، وستواصل القيام بذلك. ويضيف «لن أقول لكم إننا سنتمكن من وقف الجميع، ولكن أؤكد لكم أنهم إذا ذهبوا إلى الركن البارد في الغرفة، فسوف يتحول بسرعة إلى ركن ساخن، وسنسلط الضوء عليهم، وسيكونون أمام خيارين: الاستسلام أو الموت في مناطقهم الجديدة».