Emarat Alyoum

فلسطينيون ينزحون من «مخيـــــــم لآخر» في ذكرى صبرا وشاتيلا

التاريخ:: 01 نوفمبر 2012
المصدر: ترجمة: عقل عبدالله
فلسطينيون ينزحون من «مخيـــــــم لآخر» في ذكرى صبرا وشاتيلا

يلاحظ الزائر لمخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، أن ما تعرض له سكانهما من مجازر قبل 30 عاماً يبدو كأنه تم قبل بضعة اسابيع وليس قبل سنوات، وتلقى المواطنون الأميركيون هذا العام رسائل تتضمن نصائح من وزارة الخارجية في بلادهم بالبقاء بعيداً عن لبنان وعدم السفر الى بيروت. واشارت هذه الرسائل، التي أسهمت السفارة الأميركية في بيروت في نشرها، الى ان هذه السنة تصادف الذكرى الـ30 للمذابح التي ارتكبتها ميليشيات لبنانية ضد المدنيين الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا بتسهيل ومساعدة من اسرائيل

وقد عمدت السفارة الأميركية في بيروت الى اتلاف وثائق كانت لديها حول بعض ظروف وأسرار تلك المذابح، بينما حذت الحكومة الفرنسية مسار وزارة الخارجية الأميركية ونصحت رعاياها الفرنسيين بعدم التوجه الى بيروت للمشاركة في تجمعات عالمية للتضامن مع اللاجئين الفلسطينيين، لكن الفرنسيين والأميركيين قدموا مع غيرهم الى لبنان وبأعداد كبيرة وخالفوا نصائح حكومتيهما وتحذيراتهما

وقالت امرأة فلسطينية كبيرة في السن، من مدينة حيفا المحتلة منذ ،1948 بكثير من المرارة، ان الوفود الأجنبية المتضامنة قامت بزيارة مقبرة شهداء المجزرة في صبرا وشاتيلا «الله يعاقب ارييل شارون»، في اشارة ضمنية منها الى ان وزير الحرب الإسرائيلي الذي قاد الغزو الإسرائيلي للبنان وأشرف بنفسه على ارتكاب المجزرة بين 16 و18 سبتمبر ،1982 مازال يرقد على فراش الموت بعد أن دخل في غيبوبة قبل ست سنوات.

وأضافت بكثير من الحزن «لم يتم اعتقال او محاكمة او ادانة أي شخص على صلة بالمذبحة، ورفضت اسرائيل فتح ملفاتها او التعاون في ما يتعلق بالأمر، ولم تطلب منها الحكومة الأميركية ذلك، اضافة الى ان الحكومة اللبنانية لم تحقق في مذبحة صبرا وشاتيلا على انها جريمة».

ورد المؤرخان لمذبحة صبرا وشاتيلا «ميا شون»، و«رالف شوينمان » على تقرير لصحيفة نيويورك تايمز حول ملابسات المجزرة، بالتذكير بأن صحيفة هآرتس ذكرت في 26 سبتمبر 1982 ان الخطة الإسرائيلية الحقيقية لغزو لبنان، التي تم الاحتفاظ بها على مستوى اسرائيلي رفيع كانت تتضمن هدفاً بعيد المدى، وهو استئصال الوجود الفلسطيني، شعباً ومنظمة، نهائياً من لبنان على ان تكون بيروت نقطة البداية.

وقال شوينمان ان صحيفة «صنداي تايمز» اللندنية ذكرت في اليوم نفسه ان «عملية المذبحة المخطط لها مسبقاً، ومبيتة من جانب اسرائيل، وكانت تقضي بإرسال ميليشيا اسرائيلية الى مخيم شاتيلا بعد ان يحاصره الجيش الإسرائيلي لمنع أي محاولة من المدنيين للهرب، وكانت هذه العملية تسمى «الدماغ المعدني»، وكان شارون ورئيس الوزراء، حينذاك، مناحيم بيغن، على علم بها، وانه تمت مناقشة خطة لشارون تتضمن كثيراً من عناصر العملية في اجتماع للحكومة الاسرائيلية في 17 يوليو .1982

ويروي اللاجئون القادمون من سورية عن شبح الموت الذي يعود ليحلق في المخيمات اليوم في ظل انفجار الوضع في سورية. وعن كيفية الانقسام بين الفلسطينيين بهذا الشأن، وتقول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، بقيادة احمد جبريل، التي طردها الفلسطينيون من مخيم اليرموك القريب من دمشق، انها تعتبر الفلسطينيين الذين لا يؤيدون الرئيس السوري بشار الأسد بنسبة 100٪ هم مع «القاعدة» و«الجيش السوري الحر».

وبالمقابل فإن الجيش السوري الحر يعتبر ان الفلسطينيين الذين يرفضون الانضمام اليه هم اعضاء في جبهة احمد جبريل، ما يعني ان اهالي مخيم اليرموك واقعون بين نارين في السياسة، وهم لا يريدون التورط مع اي طرف في الأزمة الراهنة في سورية وانما العيش بسلام.

ومعظم الفلسطينيين الذين تم ارغامهم على الجلاء عن مخيم اليرموك أخيراً لم تسبق لهم زيارة مخيمي صبرا وشاتيلا، وعبر اكثريتهم عن مشاعر الأسى والحزن لما شاهدوه من مظاهر البؤس والفقر التي لم تتغير في المخيمين منذ 30 عاماً.

وقال لاجئ من مخيم اليرموك وكان قد تم اجلاؤه قسراً من تل الزعتر 1976 ليعيش بضع سنوات في مخيم شاتيلا، إنه يشعر بالحزن الشديد والصدمة للكيفية التي يعيش بها اهالي المخيم بمعدلات متدنية للغاية للمعايير الاقتصادية والاجتماعية، وتلك الخاصة بالتغذية، كما عبر هذا الرجل عن دهشته واستغرابه امام وفد اميركي زائر، لأنه يفتقر الى اي حق في العمل او الوظيفة او امكانية امتلاك بيت في لبنان، وشرح لأعضاء الوفد الأميركي الكثير من الحقوق التي يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون في سورية.

وأبلغ جميع الفلسطينيين القادمين من سورية المراقبين والمتضامنين الأجانب بأنهم وجدوا ان ظروف المعيشة في شاتيلا هذه الأيام أسوأ بكثير مما كانت عليه وقت تعرض اهله للمذبحة قبل 30 عاماً.

ويقيم معظم هؤلاء الفلسطينيين القادمين من سورية مؤقتاً مع اصدقاء ومعارف واقارب لهم في 12 مخيماً موزعة في مختلف مناطق لبنان حيث تقيم 500 اسرة مع الأسر المضيفة لها في حالة اكتظاظ وازدحام في مدينة صيدا وضواحيها في الجنوب و350 اسرة في مخيم عين الحلوة القريب، الذي يضم اكثر من 20 الف فلسطيني، بينما تقيم 500 اسرة فلسطينية اخرى بصفة مؤقتة في منطقة البقاع و250 اسرة اخرى في مخيم الجليل، بينما تم ايواء عشرات الفلسطينيين والسوريين في مخيم البداوي القريب من طرابلس.

وثمة مشكلة اساسية خطيرة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهي الازدحام والاكتظاظ الشديد، مع شح ومحدودية الموارد والخدمات من الماء والكهرباء، ما يسبب الكثير من التوترات والاحتكاكات. كما يترتب على مشكلة تدفق اللاجئين الفلسطينيين من سورية على لبنان مشكلات اجتماعية وتعليمية مثل تأمين مساكن الإقامة الدائمة والطعام وخدمات التعليم والصحة ومنع الشباب الفلسطينيين من الوقوع في اغراء الالتحاق بميليشيات لبنانية تدفع 100 دولار يومياً لكل من ينضم اليها.

وتبذل وكالة الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) التابعة للأمم المتحدة جهوداً متواصلة لتدبير استيعاب ابناء اللاجئين الجدد في مدارسها الأساسية والثانوية الـ52 في لبنان، وثمة مشكلة اخرى هي التبعات الأمنية لهذا التدفق، فقد اعلنت السلطات اللبنانية انها لا تستطيع استيعاب المزيد من اللاجئين الذين سينضمون الى اكثر من 350 الف لاجئ فلسطيني محرومون من حقوقهم الأساسية والمدنية في لبنان، ما يزيد من تفاقم المتاعب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. ويزيد من التوترات والمشاحنات

ولعل من المطلوب بشكل عاجل تحركات واجتماعات يشارك فيها ممثلون عن فصائل منظمة التحرير واللجان الوطنية اللبنانية والمانحون والصليب الأحمر والهلال الأحمر والأونروا وممثلون عن الاتحاد الاوروبي ومنظمات الأمم المتحدة والأحزاب اللبنانية للتعجيل بوضع خطة شاملة ومتكاملة لمواجهة الاحتياجات الفعلية للاجئين الفلسطينيين والسوريين المتدفقين على لبنان

فرانكلين لامب باحث متخصص في الشؤون اللبنانية والمقال منشور على موقع «فورين بوليسي جورنال».