خلافاً لما هو شائع

سوريون يؤيّدون التدخل الروسي في بلادهم

صورة

تعتبر قرية «جبلة» السورية من أفضل الأماكن التي يمكن فيها مشاهدة طائرات «سوخوي» الروسية وهي تقلع لضرب أهدافها في شرق وشمال البلاد. وتبعد قاعدة باسل الأسد الجوية بضعة أميال فقط عن القرية الصغيرة. وخلافاً للكثير من المناطق السورية فإن قرى عديدة في الساحل الشرقي مازالت تدين بالولاء لنظام بشار الأسد؛ ويرى سكان في جبلة، القريبة من اللاذقية، أن الروس دعموا آل الأسد لأربعة عقود ونصف، وهاهم الآن وبعد خمس سنوات من الحرب الأهلية، يأتون لمساعدة قوات الأسد.

يقول منذر عبدالله، وهو موظف حكومي: «لقد أدركنا أن الأميركيين أصبحوا ضدنا وأيضاً المتمردين»، مضيفاً «وبالتالي طلبنا المساعدة من أجل إنهاء الحرب. جيشنا وقيادته منهكون لذا فنحن بحاجة إلى دعم روسي للتخلص من الأعداء». لم تصل الحرب بعد إلى طرطوس واللاذقية، إلا أن الكثير من شباب المنطقة ذهبوا إلى القتال. وقد خسرت قرية النقيب، في أعالي طرطوس، 147 جندياً، في حين أصيب 52 آخرون بجروح خطرة. وخلال تأبين أحد القتلى، يظهر الجميع ولاءهم للنظام، إلا أنهم يشعرون بأن النظام يطلب منهم الكثير من التضحيات.

وتشتكي زينة تيان، 70 عاماً، من أن الجيش السوري أرغم جميع أولادها على الانخراط في الوحدات المقاتلة. وتروي المسنة التي فقدت اثنين من أولادها، وهي تبكي: «قبل أقل من شهرين، أخذوا آخر أولادي إلى الجيش.. أريدكم أن تتركوه يعود». ويذكر أن في يوليو الماضي، كان الأسد قد اعترف بأن الجيش السوري يعاني نظراً لقلة العدد. وبعد أن كان الجيش يعفي العائلات التي قتل أحد أبنائها في المعارك من تجنيد المزيد من أبنائها، أصبح جميع القادرين على القتال ضمن قوائم التجنيد، الأمر الذي جعل الكثير من الشباب بالمنطقة يضطرون للهجرة هرباً من التجنيد الإجباري.

يقول خليل فهيم يوسف، 25 عاماً، «أنهيت مدة الخدمة، لكن لم يتم تسريحي بعد»، ويضيف الجندي الجريح «تلقيت شظية في الوجه، وبعد شفائي تم إرسالي مجدداً إلى القتال». وبعدها أصيب خليل في يده ليتم إعفاؤه من القتال مؤقتاً، وهو الآن في قريته يقضي فترة النقاهة. ولم يتم تسريح الشاب السوري من الخدمة إلا بعد أشهر، وهو الآن يتلقى أقل من نصف راتبه العسكري.

بالنسبة للكثيرين في الساحل الغربي، الذي ظل وفياً لنظام الأسد، فإن الروس «أبطال» جاؤوا لمساعدتهم وتخليصهم مما يصفونه «إرهاب» المجموعات المسلحة. ويعتقد العديد منهم أن الغرب يدعم بشكل أو بآخر تنظيم «داعش». وفي ذلك يقول محافظ طرطوس، صفوان السعدة: «نحن نرى أن الروس عازمون على إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتطرف والإرهابيين الآخرين، في حين لا نجد هذه العزيمة عند الأميركيين وحلفائهم». ويضيف المسؤول السوري «خلال العام الماضي، قالوا إنهم يحاربون الإرهاب، لكن (داعش) أصبح أقوى، وبالتالي يمكن القول إن تحالفهم ليس جدياً».

قد تنجح الحملة الجوية الروسية في طرد المتمردين المتمركزين حول حماه وحمص، الذين باتوا يشكلون تهديدا للساحل الشرقي؛ لكن المشكلة ستكون في السيطرة على الأرض. ويأتي ذلك في الوقت الذي تلقت فيه القوات البرية السورية تعزيزات مهمة من قبل فيلق القدس الإيراني وميليشيا حزب الله اللبنانية. وفي غضون ذلك تلقت المعارضة السورية تعهدات بالمزيد من المعدات العسكرية، الأمر الذي يزيد فرص توسيع رقعة الحرب الدموية أكثر من أي وقت مضى.

يبدو الأهالي في اللاذقية وطرطوس بعيدين عن الواقع الذي يعيشه مواطنوهم في مناطق عديدة من سورية، ولا يعلم الناس في الساحل الموالي للأسد سوى القليل عن معاناة الناس، في ضواحي دمشق وحلب وإدلب، جراء البراميل المتفجرة والقصف المستمر لسنوات.

 

تويتر