المدير المعلم

التعليم رؤية وفلسفة وليس إدارة فقط، ويلعب المسؤولون التربويون في مؤسساتنا التعليمية مسؤولية صناعة هذه الرؤى المستقبلية، وتمثل المعايشة الميدانية جزءاً مهماً في فكر المسؤول، واليوم ونحن نعيش تجربة التعلم عن بُعد، ونستعد لإعادة هيكلة منظومة التعليم، يجب أن نكون أقرب للميدان التعليمي الرقمي، من خلال نموذج «المدير المعلم»، بأن نقف كمسؤولين في موقع المعلم، ونخوض تجربة التدريس عن بُعد، بما يجعلنا أكثر ملامسة لهذا الدور التعليمي بشكله الجديد، وأقدر على الإلمام بأبعاد هذا التحول الرقمي، والأهم من هذا وذاك أن نكون أقرب لأبنائنا الطلبة، لقياس مدى استيعابهم لهذا النوع من التعلّم.

«المدير المعلم».. نموذج مطلوب لدعم صناعة القرار التعليمي، وأطرحه من واقع تجربة شخصية، حيث اعتدت في السابق تقديم بعض المحاضرات لطلبتي، إلى جانب مسؤولياتي الإدارية، لشغفي بالتدريس، ورغبتي في الإسهام في تعليم شباب اليوم، ومع تطبيق التعلم عن بُعد، أصبح لديّ فضول لمعرفة كيف سيكون التواصل والتفاعل مع الطلبة عن بُعد، ففي البداية كان الأمر غريباً بعض الشيء، بأن تجد نفسك في صف افتراضي تتحدث أمام شاشة، ولا ترى كثيراً من تعابير الوجه أو التفاعل المباشر من طلبتك الذي يظهر مدى فهمهم للمحتوى، لكن بالممارسة اليومية والتطوير تبدأ في التأقلم مع فكرة التعليم الرقمي، وتصبح أكثر امتلاكاً لزمام الأمور، وقدرة على إدارة الصف الافتراضي، من خلال التقنيات المختلفة التي تمكنك من قياس التفاعل والاستيعاب، بل وحتى اختبار ذلك.

والسؤال هنا؛ ما هو انعكاس تجربة «المدير المعلم»؟.. حقيقة هناك العديد من الإيجابيات، منها: (1) تعزيز مكانة المعلم.. عندما يقف رأس الهرم في المؤسسة التعليمية موقع المعلم، ويقوم بهذا الدور المحوري أمام الطلبة والمجتمع. (2) دعم صياغة الرؤى المستقبلية وصناعة القرار في المؤسسة التعليمية من منطلق تجربة واقعية. (3) دعم إعداد برامج التطوير المهني للمعلمين، بناءً على تقييم واقعي، ما يعزز جاهزيتهم الرقمية. (4) إدراك واقع التحديات التي تواجه المعلمين في التعليم عن بُعد، وابتكار الحلول المناسبة لها.

المُعلم سيبقى حجر الزاوية في العملية التعليمية، أياً كان نوع التعليم: نمطياً أو رقمياً، لكن يجب أن يتطور دوره بتطور منظومة التعليم، فمرحلة التعلم عن بُعد وضعت المعلمين أمام تحديات جديدة، ففي الوقت الذي اختصرت فيه هذه المرحلة الكثير من المراحل المطلوبة لتحول المعلمين رقمياً، فقد كشفت أيضاً عن قدراتهم، فمنهم من تميز رقمياً، ومنهم من حرص على التطوير لمواكبة التغيير، أما من بقي بمكانه لعدم قدرته أو لرفضه التغيير، فلن يكون له مكان في الميدان بالمرحلة المقبلة.

لقد نجحنا على المستوى التعليمي في تجاوز أزمة «كوفيد-19»، ومواصلة الدراسة دون انقطاع، في ظل الجاهزية الرقمية، وبجهود معلمينا المخلصين الذين مثلوا بمهنيتهم أحد خطوط دفاعنا الوطنية، واليوم في ظل التحولات التي تشهدها منظومة التعليم، علينا كمسؤولين أن نختبر بأنفسنا الأدوار التعليمية الجديدة لنقود التغيير المستقبلي، ونحن أكثر ثقة بخططنا وقراراتنا من واقع تجربة ميدانية.

Abdullatif.alshamsi@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة